الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبوة محافظة «الضنك» الأولى في اليمن

شبوة محافظة «الضنك» الأولى في اليمن
28 ابريل 2017 22:51
علي سالم بن يحيى (شبوة) يبدو أن محافظة شبوة «جنوب اليمن» مكتوب عليها العيش في وسط غير صحي بالمرة، فما أن تتجاوز إحدى محطات الأمراض المختلفة: العضوية، السياسية، الاجتماعية، الأمنية حتى يأتي عليها الوبال متسارعاً. إذ عادت حمى الضنك للانتشار في مديريات المحافظة بشكل متسارع، وهي من عانت بطشها خلال السنوات الماضية، وقضت على عديد من أبنائها وبمختلف الأعمار، مصادر متعددة في المحافظة حذّرت من حدة انتشار المرض الوبائي، ودعت السلطات كافة والمنظمات المانحة للتفاعل مع الصرخات المتتالية من المواطنين في مديريات المحافظة الـ 17. شبوة إحدى محافظات جنوب اليمن، سكانها الـ «470.440»، وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004م، ويشكلون «2.4%» من إجمالي سكان الجمهورية اليمنية. وتتصل المحافظة بمحافظتي حضرموت ومأرب من الشمال، محافظة حضرموت من الشرق، البحر العربي وجزء من محافظة أبين من الجنوب، محافظات أبين والبيضاء ومأرب من الغرب. دعا ناصر محمد القميشي، وكيل محافظة شبوة، إلى ضرورة تعجيل الجهات المختصة بوزارة الصحة والسكان، ومكتب الصحة بالمحافظة، والجهات ذات العلاقة إلى إعداد خطط عاجلة لمكافحة الوباء المتفشي فيها والشروع بتنفيذ تلك الخطط على وجه السرعة، موضحاً حجم معاناة مواطني شبوة من هذا الوباء الذي أصبح من أخطر الأمراض الوبائية المستوطنة فيها والتي قضت على حياة كثير من مواطنيها دون رحمة. استجابة عاجلة في أولى خطوات الاستجابة لتلك الدعوة، بادرت مؤسسة العون للتنمية وبتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى زيارة المحافظة صباح الأربعاء الماضي الموافق 12-03-2017م، لتنفيذ مشروع مكافحة حمى الضنك، وقال مدير المشروع بالمؤسسة د. ياسر عبدالله، إن أولوية العمل في شبوة «تتمثل في توفير الأدوات والتجهيزات الفنية الخاصة بالمكافحة وبرامج بناء القدرات لمائة وخمسين طبيباً وإقامة دورة تدريب لمنسقي برامج الترصد الوبائي وفرق الرش بالمديريات المستهدفة». سبق أن دشن د. علي الوليدي، وكيل وزارة الصحة لقطاع الرعاية الصحية، ومعه عدد من وكلاء وزارة الصحة والمحافظات، في العاصمة المؤقتة عدن، مشروع مكافحة حمى الضنك بمحافظات «حضرموت الساحل والوادي، وشبوة، وتعز، وعدن، ولحج والحديدة»، بتوقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة والشريك المنفذ مؤسسة العون للتنمية بتمويل مركز الملك سلمان لأعمال الإغاثة الإنسانية. أعراض المرض أعراض المرض هي الحمى والصداع الشديد وآلام المفاصل والعضلات وآلام العظام، وألم شديد وراء العينين وحدوث نزيف خفيف، مثل نزيف الأنف، وتنتقل فيروسات حمى الضنك إلى الإنسان عن طريق لدغة بعوضة «الزاعجة» «Aedes»، ويكتسب البعوض الفيروس عادة عندما يمتص دم أحد المصابين بالعدوى، وبعد مرور فترة الحضانة التي تدوم من 8 إلى 10 أيام يصبح البعوض قادراً على نقل الفيروس من إنسان إلى آخر بعد امتصاص دمائهم، والبعوض الناقل لهذا المرض قد ? ينتهي، بل تختفي وتنشط عندما تتهيأ لها الظروف البيئية المناسبة. المرض مستوطن في شبوة يقول لـ «الاتحاد» د. ناصر المرزقي، مدير عام مكتب الصحة والسكان بمحافظة شبوة إن حمى الضنك مرض استوطن محافظة شبوة منذ عشرات الأعوام الماضية، وفي عام 2015م بلغت عدد الحالات المصابة بمرض حمى الضنك بالمحافظة ما يقارب 2000 إصابة، وعدد الوفيات 28 وفاة، وبلغت عدد الحالات المصابة خلال عام 2016 م. 5050 إصابة، وعدد الوفيات 48 حالة، وبشيء من الخوف يوضح المرزقي أن حمى الضنك استفحل في شبوة، حتى سجلت الحالات في عام 2016م أكثر من 14 مديرية من إجمالي 17 مديرية بالمحافظة، وهي مأساة بحد ذاتها في ظل ظروف معيشية صعبة للمواطنين، وإمكانات شبه معدومة لجل مشافي المحافظة. وعن أسباب المرض وتدفقه بشكل متزايد، يفنّد مدير عام مكتب الصحة بشبوة ذلك، ويرده إلى انهيار مؤسسات الدولة، بسبب الحرب العبثية التي شنتها مليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع، والتي ما زالت مستمرة، مضيفاً أن وزارة الصحة العامة والسكان تضررت من الحرب أكثر من غيرها، حتى وصل الحال إلى عدم توفر الإمكانات المتاحة لمكافحة الأوبئة مثل حمى الضنك وحمى الملاريا. الملاريا وقال د. ناصر المرزقي، إن حمى الملاريا ظهرت مجدداً في مديريتي رضوم وميفعة، حيث سجلت الأسبوع الماضي أكثر من 400 حالة مصابة، منها حالة وفاة، وعزا ذلك لعدم تنفيذ حملة الرش، لانتفاء الإمكانات، ودعا لسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ السكان من الأوبئة المختلفة، شاكراً في الإطار ذاته مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبر مؤسسة العون للتنمية لمكافحة حمى الضنك في ثماني مديريات، لدوره في تخفيف آلام المواطنين. يذكر أن هناك موجات النزوح البشري الكبيرة من دول القرن الأفريقي إلى المحافظة وبشكل يومي ومرورهم بمعظم مدن وقرى المحافظة ومكوث البعض منهم فيها هي المسبب الأول في الإصابة بالعدوى للعديد من الأمراض الوبائية الخطيرة والمثبتة مخبرياً. وتبذل إدارة الترصد الوبائي بالمحافظة جهوداً مضنية في الإبلاغ والاكتشاف المبكر للأوبئة ورفع التقارير لاتخاذ الإجراءات قبل انتشارها، يقول خالد برك، مدير الترصد الوبائي بالمحافظة إن إدارة الترصد الوبائي تتكون من شبكه من الأطباء والفنيين على مستوى أغلب المواقع الصحية، ويمتازون بالمهارات بعد أن تم تدريبهم في عدة دورات حول أهمية الإبلاغ الفوري عن الحالات المرضية ذات الطابع الوبائي، حيث يتكون الترصد من الترصد المجتمعي، والترصد الإلكتروني، وهناك فريق استجابة سريعة بالترصد يقوم بالنزول إلى الميدان، للتقصي، وأخذ العينات ليتم تأكيدها مخبرياً، ويؤكد أن المخاوف موجودة من تكرار تفشي الوباء في المحافظة، إذ تم تسجيل هذا العام ما يقارب 40 حالة، منها حالتين نزفية، وحالات مشتبهة كملاريا ما يقارب 400 حالة، منها 168 في مديرية رضوم وميفعة، مشيراً إلى أن الترصد قام هذا العام برصد ما يقارب 31 مرضاً. وفقاً لمؤشرات، فإن محافظة شبوة تعد المحافظة الأولى بين محافظات الجمهورية اليمنية التي أثبت فيها مرض حمى الضنك مخبرياً في العام 2002م، وخلال العام الماضي ظهرت موجة وبائية طالت أغلب مديرياتها، حيث ابتدأت في مديرية بيحان في شهر أبريل، انتقالاً إلى مديرية ميفعة، وانتقل الوباء من مديرية إلى أخرى، وفي شهر أغسطس سجلت أولى الحالات في عاصمة المحافظة «عتق»، وفي نهاية شهر سبتمبر، وبداية شهر أكتوبر ظهر المرض في مديريات بيحان الثلاث، وانتقل في الشهر ذاته إلى مديريات الروضة، حبان، مسجلاً أكثر من 5000 ألف حالة، منها 140 حالة نزفية، و48 حالة وفاة. الضنك في المديريات حذّر د. صلاح السيد، مدير مستشفى الشهيد الدفيعة في بيحان، من كارثة إنسانية محتملة قد تجتاح المديرية وبقية مديريات المحافظة، لعدم استطاعتهم مواجهة ذلك الوباء، ما اضطر إلى تحويل العديد من المرضى إلى المنازل، وتحت إشراف لجان مختصة، وبسبب هطول الأمطار وتكاثر البعوض الناقل للمرض. تشتهر مديرية بيحان بالزراعة، حيث تعد هي السمة الرئيسة لها باعتبارها تستلقي على واديي بيحان و«خر» الغنيين بالمياه الجوفية، وهي بيئة مناسبة لنشاط البعوض الناقل لحمى الضنك، لوفرة المياه. وأضاف د. صلاح، شهدت المديرية إصابة قرابة 2000 حالة، توفيت 25 منها خلال العام الماضي 2016م، وبجهود وتكاتف الجميع من أبناء بيحان وخاصة المغتربين وبعض الجمعيات والمنظمات والشخصيات الاجتماعية التي قدمت ما يساعد على الحد من انتشاره، وبعد جهد من النزول الميداني لكل المنازل والقرى استطعنا أن نوقف نشاطها ولكنها ما زالت موجودة. وعن الوضع الراهن يقول مدير مستشفى الدفيعة بمديرية بيحان: بعد أن منّ الله على المديرية بهطول الأمطار وفدت حالات مصابة، مما سبب لنا الهلع والخوف، فالمديرية ما زالت تحت احتلال المليشيات وتفرض حصاراً خانقاً على المواطنين، وقلة الإمكانات، موضحاً أن الموازنة التشغيلية لم تعد كافية لتشغيل المستشفى، بعد خصم مبلغ 250 ألف منها، وخصم مليون ريال شهرياً من موازنة الأدوية، وكذلك توقف الكهرباء العامة وتشغيل المولدات، والديزل لا يغطي لاستمرارها، والرواتب لم تصرف، وهناك أجهزة ومعدات ومولدات خرجت عن الجاهزية وتحتاج صيانة. ويشير إلى أنه في الأيام الماضية «استقبلنا ثلاث حالات حمى ضنك جديدة وحالة ملاريا، وحالة أخرى وفدت إلينا في هذه اللحظات، وكما تبدو حالة حرجة، حيث ظهر النزيف من الأنف، ووصلت الصفائح إلى 28 وما زالت تحت المراقبة. وناشد مدير مستشفى الدفيعة ببيحان هيئة الهلال الأحمر الإماراتي المنظمات الدولية، وكل المسؤولين إلى سرعة النظر في الجانب الصحي لبيحان ودعمه بكل الاحتياجات واهمها: رفع الموازنات التشغيلية، البدء بحمله توعيه وتفتيش عن المصادر، حمله رش ظبابي شاملة، الدعم بالأدوية والمستلزمات لأقسام الطوارئ، توفير مولدات الرش والمبيد، صيانة كل الأجهزة والمعدات التي تعرضت للعطل، الدعم بالمحروقات بكمية كافية، توفير وسائل الوقاية: وأهمها الناموسيات المشبعة بالمبيد. وأشار محمد باعوضة أحد مواطني المنطقة للحالة المزرية التي وصلت إليها مديرية ميفعة، جراء تفشي حمى الضنك والملاريا، ودعا لإنقاذ أبناء المديرية من جائحة المرض الفتاك في وقت فشل فيه المستشفى من تقديم خدماته، لقلة الإمكانات المتاحة، مشيراً إلى الحاجة الملحة لبعض الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بالمرض، وسرعة تزويد المستشفى بجهاز فصل الصفائح الدموية وجهاز فحص «CBC» حديث، إضافة إلى تنفيذ حملة رش ضبابية متكاملة للمنطقة وتوفير الناموسيات للوقاية من انتشار المرض بين الأسر، وسرعة تنفيذ حمله توعيه بنطاق واسع، ودعم أقسام الطوارئ للمستشفى بأسرع وقت ممكن. اجتاحت حمى الضنك منطقة خورة وتم نقل عشر حالات خطيرة إلى مستشفى عتق، وهناك عشرات الحالات تحت العناية، وقال المواطن أبو بكر عبدالله إن الوضع الصحي في خورة كارثي، وطالب محافظ المحافظة أحمد حامد لملس، ومدير الصحة والسكان القيام بواجبهما وإعلان خورة منطقة منكوبة، كما طالب هيئات الإغاثة الدولية الموجودة في اليمن القيام بدورها الإنساني لإنقاذ أرواح الناس، ودعا أبناء خورة لفتح باب التبرع أمام المغتربين والتجار من أبناء خورة للمساهمة في مواجهة المرض، ودعا كل الأطباء من أبناء خورة إعلان حالة الطوارئ وتشكيل غرفة عمليات لمتابعة الحالات المصابة، وأهاب بالأطباء من أبناء خورة الموجودين في مناطق أخرى العودة إلى مركزهم، للمشاركة مع زملائهم في مواجهة هذا المرض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©