الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحل في الخرطوم

8 يونيو 2008 02:28
رغم انقضاء أكثر من ثلاثة أسابيع على حادث الاختراق الذي قامت به إحدى فصائل التمرد في ''دارفور'' للعاصمة السودانية، والقيام بعمليات عسكرية ضد قوات الحكومة المركزية، رغم انقضاء كل هذه الفترة، ما زالت أحداث ذلك اليوم العاشر من مايو والأيام التالية له، هي أهم ما يشغل بال الناس في الخرطوم· يتابع الرأي العام الآن ما يجري من ملاحقات وبحث عن بعض الذين نجوا من الموت أو الاعتقال من أعضاء تلك القوة الدارفورية المتمردة والمسماة (منظمة العدل والمساواة) والتي يقودها السيد الدكتور خليل ابراهيم، الذي يقال إنه كان على رأس تلك القوة المهاجمة، ولكنه تمكن من الفرار ثم ظهر أخيراً في ''دارفور'' داخل المناطق التي مازالت خاضعة لقواته· إن الحادث غريب في كل أبعاده؛ فأن تتمكن قوة مسلحة قوامها عشرات من السيارات من قطع آلاف الأميال من ''دارفور'' حتى ''أم درمان'' ثالثة مدن العاصمة السودانية، وتشتبك مع القوات المركزية في قتال عنيف، أمرٌ يضع لوماً ثقيلاً على قوات الأمن السودانية وقدراتها الاستخباريه، بل إن الأمر يزداد غرابة عندما نجد أن القوات المسلحة في الخرطوم أعلنت في اليوم السابق لوقوع الحدث عن أنها تعلم وتتابع قوة تسللت من من ''دارفور'' إلى وسط السودان، إذن فلماذا لم تتصد القوات الحكومية لها وتلكم المتسللين قبل أن يدخلوا ''أم درمان''؟ ثم ما هي الحكمة في أن يترك السيد زعيم حركة ''العدل والمساواة'' ميدانه الرئيسي في ''دارفور'' ويغامر بالتوجه للعاصمة السودانية؟ يقول الدكتور ''خليل'' بعد نجاته وهروبه، إنه اكتشف أن أزمة ''دارفور'' لن تحل في ''دارفور''، وإن حلها في إسقاط نظام حكم الإنقاذ في الخرطوم، ولهذا لجأ لهذا الهجوم تقديرا منه أنه يستطيع أن يسقط نظام الحكم أو على الأقل يقض مضاجعه؛ والتقدير الأخير قد حدث ولو إلى حدود· إن دعوى إسقاط نظام الحكم المركزي كحل لأزمة ''دارفور'' كانت قد ترددت من قبل على ألسنة بعض قادة التمرد في ''دارفور''، ولكن أحدا لم يجرؤ على تطبيقها إلى أن جاء رئيس حركة ''العدل والمساواة'' لينفذها مدعوماً، كما أكدت أكثر من جهة من حكومة تشاد الذي أعلن أنها تدعمه بالمال والسلاح واللجوء إلى أرضها عندما تضايقه قوات الحكومة في ''دارفور''· إن حركة ''العدل والمساواة'' التي كانت تحظى بتقدير وتأييد كثير من قطاعات السودانيين داخل ''دارفور'' وخارجها، فقدت الكثير بمغامرتها الأخيرة، ومن ذلك مثلاً، أن رئيس الجمهورية قال إن هذه المنظمة أي ''العدل والمساواة'' لن تشمل في أي مفاوضات مع الحكومة، ثم إن الدول الغربية التي كانت تتعاطف مع ''العدل والمساواة'' أعلنت رفضها واستنكارها لنشاطها الأخير· جانب آخر من آثار هذا الحدث، أن القوات النظامية السودانية وهي تطارد فلول الهاربين من المعركة في ''أم درمان'' ألقت القبض على 89 مسلحاً من قوات ''العدل والمساواة''، كلهم دون سن القتال فمنهم من هم في سن 14عاماً ومنهم من هم دون ذلك؛ لقد تحفظت عليهم الحكومة، وشهدت منظمة ''اليونسيف'' الدولية بأن الخرطوم تحسن رعاية هذه المجموعة من الأطفال المغرر بهم؛ والإدانة تقع على كاهل حركة ''العدل والمساواة'' وعلى رأس زعيمها الدكتور ''خليل ابراهيم''· إن نتائج هذا الحدث قد تكون رادعاً لحركة ''العدل والمساواة'' أو لغيرها من الحركات المتمردة في ''دارفور'' بأن غزو الخرطوم لن يكون سهلاً، ولكن يبقى هاجس أن فكرة إسقاط نظام الحكم الحالي بالنسبة للمتمردين في ''دارفور'' بوصفها حلاً لكل المشاكل أصبحت موضوعة على الأجندة· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©