الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عام على كارثة اليابان... متى تعود العافية؟

عام على كارثة اليابان... متى تعود العافية؟
12 مارس 2012
عام مضى، لكن لا شيء حُل. أنقاض وأوساخ الحادي عشر من مارس الماضي أزيلت من كل جدار، ونُظفت في كل قبو، وطُهرت في كل شق. ونتيجة لذلك، تتراكم الأنقاض اليوم على شكل أكوام على حافة هذه البلدة الواقعة بمحاذاة الخط الساحلي الشمال الشرقي لليابان الذي دمره التسونامي. لكن حتى بعد أشهر من عمليات التنظيف والتطهير، فإن عملية إعادة الإعمار مازالت في نقطة البداية، حيث يمكن أن تقلع أو تتعثر، اعتماداً على ما إذا كان الناس سيبقون في المنطقة أو سيغادرونها. تقول السلطات إن استعادة المنطقة لكامل عافيتها، إن كان ممكناً، فسيستغرق عقداً من الزمن على الأقل، وإن السكان بمحاذاة الساحل المدمر يجب أن يكونوا مستعدين لتحمل ظروف تجريبية، منازل مصنوعة سلفاً لا تحافظ على الدفء، ومناطق لا توفر الوظائف، ومشاعر حزن لا تنحسر... وكل ذلك لأنها تأمل أن يستعيدوا حياة طبيعية في مدن تعمل بشكل عادي. إنها صفقة يكافح معها كل يوم تاكاهيرو الذي يقول إن مدينته، وهي من أكبر مدن المنطقة وأكثرها تضرراً، تبدو بالكاد قابلة للعيش، لكنها ليست قابلة للعيش بما يكفي للالتزام بالبقاء فيها. والواقع أن تاكاهيرو يرى أملاً أكبر اليوم مقارنة بعام مضى. فإزالة الأنقاض ليست الشيء الوحيد الذي تم القيام به، حيث يحاول الموظفون في مقر البلدية جذب مشاريع الطاقة النظيفة، وتقديم تحفيزات ضريبية للشركات التي تنتقل إلى هنا. كما عادت طرق الإمدادات من جديد، وقام متجر كبير بإعادة فتح أبوابه هذا الأسبوع. غير أن التقدم الذي أُحرز العام الماضي لم يبدأ في تعويض الأضرار التي تسببت فيها أكبر أزمة تعرفها اليابان منذ الحرب العالمية الثانية، حيث أسفرت الكارثة الثلاثية: الزلزال والتسونامي وما نتج عنهما من انهيار في محطة نووية، عن مقتل 19 ألف شخص ونزوح نحو 342 ألف شخص عن منازلهم. ونظراً لمعارضة الجمهور للطاقة النووية، فإن اثنين فقط من مفاعلات اليابان الـ54 تعمل اليوم، ما دفع شركات الطاقة إلى إعادة تشغيل محطات حرارية قديمة واستيراد الفحم والغاز. وفي أعقاب الكارثة، توقف كل شيء في إيشينوماكي تقريباً، فمحطات الوقود لم يكن لديها وقود، والمتاجر لم تكن لديها مواد غذائية. وكانت الأحياء قد مُزقت وعُزلت عن بعضها البعض. لكن الناس هنا يقولون إن عملية التنظيف هي الجزء السهل حيث يقول تورو أسانو، رئيس غرفة التجارة، إن المدينة توجد الآن "في مفترق طرق". فالجزء الصعب يبدأ بتنسيق جهود استعادة العافية الاقتصادية في وقت يوجد فيه الآلاف من السكان المثقلين بالديون والذين ليس لديهم مكان دائم ليعيشوا فيه. فقد فر نحو ستة آلاف شخص بينما يعيش سبعة آلاف في مساكن مؤقتة، هي عبارة عن وحدات بُنيت على عجل وبدون مواد عازلة، ما دفع أحد مسؤولي المدينة لتشبيهها بـ"الأكواخ". هذا في وقت قلبت فيه الكارثة حياة عشرات الآلاف من السكان الآخرين، حيث تعرض واحد من كل ثلاثة منازل، في بلدة يبلغ عدد سكانها 153 ألف نسمة، لأضرار جزئية أو للتدمير الكلي بسبب الأمواج العاتية. والكثير من أولئك الأشخاص لجأوا إلى منازل أقارب لهم أو بقوا في منازل متضررة لتجنب السكن المؤقت. كما اجتاح التسونامي مصنعي الطعام والورق الواقعين على الواجهة البحرية، ثم فاض نهر كيتاكامي وامتد إلى مناطق التسوق الرئيسية وسط المدينة. وهكذا، صارت مدينة كانت تعتمد على الماء في الماضي، بالنسبة لقطاع الصيد والموانئ فيها بشكل رئيسي، مغمورةً بالمياه. والواقع أن الأمواج نفسها رسمت خطاً جديداً بين الفقراء والأغنياء، حيث رأى الأشخاص الذين كانوا يعيشون على بعد بضعة أميال داخل اليابسة، بالقرب من الطرق رباعية المسارات والمراكز التجارية الضخمة الواقعة في الضواحي، ارتفاعاً صاروخياً في أسعار أراضيهم بعد أن سارع بعض الناجين من الكارثة إلى إعادة البناء في الأراضي التي لم تتأثر أصلاً، فيما وصفه أحد السكان بـ"حرب الأراضي". أما الكثيرون الذين لم تكن لديهم الإمكانيات المادية لبناء منازل جديدة، أو لم يوفقوا في إيجاد قطعة أرض، فقد شعروا بأنهم عالقون. وفي هذا السياق، يقول توشيهيكو فوجيتا، الموظف في مركز اجتماعي، والذي يعيش في منزل لا تدفئة فيه وتعيش قطط متوحشة في طابقه الأول: "لقد قُسمت إيشينوماكي إلى جزأين: الفردوس والجحيم"، مضيفاً: "إن المدينة تسودها اليوم مشاعر الغيرة". آل تشيبا عاشوا وعملوا على الجانب الفقير من المدينة. فأفراد العائلة: تشيبا (39 عاماً)، وزوجته نوريكو (36 عاماً)، وأطفالهم الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و11 عاماً، ووالد تشيبا (68 عاماً)، يعيشون معاً في الطابق الثاني من منزل تضرر جزئياً، حيث قُتلت والدة تشيبا التي كانت موجودة في المرآب، يوم الحادي عشر من مارس، بأمواج التسونامي. مطعم السوشي الذي تملكه عائلة، سوكيروكو، مازال في مكانه، لكنه تضرر بسبب الأمواج ويواجه مشاكل كبيرة في حال أعيد فتحه يوماً ما. ذلك أن الزلزال القوي الذي بلغت قوته 9 درجات تسبب في غرق الأرض، ما يعني أن المطعم، وعلى غرار مشاريع تجارية أخرى وسط المدينة، بات معرضاً للفيضان. ثم إنه وسط موجة الهجرة إلى الضواحي، فإن قلة قليلة من الزبائن فقط باتت تأتي إلى وسط المدينة، ذلك أن 40 في المئة من النشاط الاقتصادي للمدينة مات بعد مرور عام على الكارثة، علماً بأن المناطق الواقعة على أراض منخفضة مازالت فارغة بالكامل تقريباً. ومؤخراً، قام تشيبا، الذي كان طباخ سوشي في الماضي، بطبع بطاقات تعارف جديدة كُتب عليها فوق اسمه: "عاطل عن العمل (بسبب التسونامي)". تشيكو هارلان - اليابان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©