الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا: مبادرة لإدماج الشباب المسلم

12 مارس 2012
لقد قالت لي صديقة عراقية بريطانية وهي تجلس على مقعد يقابلني في مقهى قرب المتحف البريطاني في لندن: "هل تعرفين أنني أقمت هنا طوال حياتي ولكنني لا أشعر بأنني بريطانية". وقد أدهشتني كلماتها، إلا أنها رددت صدى مشاعر شابة بريطانية أخرى من الجيل الثاني كنت قد قابلتها أيضاً وسمعت منها كلاماً مشابهاً. والحال أن العديد من الشباب من خلفيات مهاجرة لا يشعرون بأنهم فعلاً جزء من مجتمع المملكة المتحدة، ويكافحون للتوفيق بين الهويات التي حصلوا عليها من والديهم وتلك التي يواجهونها في العمل أو الدراسة أو في الشارع البريطاني. وفي مواجهة هذا التحدي الاجتماعي تقوم "جواب"، وهي منظمة مجتمع مدني جديدة، بمساعدة الباكستانيين البريطانيين الشباب على إيجاد أساليب للتكامل بين الاثنتين، ثقافة الأصل وثقافة الواقع الجديد، من خلال توفير مساحات آمنة لهم للحوار. وتظهر بعض الإحصائيات أن معدل العمر بين المسلمين البريطانيين أقل بشكل ملموس من معدله لدى مجمل السكان، الأمر الذي يعني أن التعامل مع القضايا الثقافية وقضايا الهوية الوطنية بين المسلمين الشباب في المملكة المتحدة يعتبر أمراً أساسيّاً. وقد وجد إحصاء أجري عام 2001 أن ثلث المسلمين تقل أعمارهم عن 16 سنة. وإضافة إلى ذلك فإن ثلاثة أرباع المسلمين البريطانيين هم من أعراق آسيوية و46 % منهم من الباكستانيين تحديداً. يذكر أن رضوان حسين، وهو ناشط سياسي، كان قد أسس منظمة تدعى "جواب" (لها نفس المعنى واللفظ باللغة الأردية)، تنشط في مجال مساعدة الشباب المسلمين البريطانيين على الاندماج. وأثناء مقابلة مسلمين شباب ولدى سؤالهم حول دواعي شعورهم بالفخر لكونهم بريطانيين، وجد حسين أن معظم إجاباتهم بهذا الشأن تبدو سطحية، فقد "تكلم البعض عن أمور أحبّوها في بريطانيا، مثل المطر والسمك مع البطاطا المقلية، ولكن لم يكن هناك شيء واضح حول سبب كونهم فخورين لأنهم بريطانيون". وقد طُلِبَ من الشباب عبر منتديات الوسائط المتعددة "الملتيميديا" مثل مسابقة تصوير أقامتها "جواب" مؤخراً تحت عنوان "الحقيقة العمياء"، أن يشتركوا في نقاش مصادر قلقهم حول وضع الباكستانيين البريطانيين. وفي السياق ذاته أيضاً يتم تشجيع الشباب على بحث القيم التي يحصلون عليها من والديهم والقيم التي يتلقونها من العمل أو المدرسة من خلال هذه المشاريع. وهم دون شك يستفيدون من وجود مكان يستطيعون فيه التعبير عن أنفسهم وبحث مواضيع غير مطروقة اجتماعياً، مثل عدم المساواة بين الرجال والنساء، وغيرها من أسباب النزاعات الثقافية في الجالية الباكستانية البريطانية للشباب، ويتم تشجيعهم للبحث عن حلول للتعامل مع هذه القضايا وعلى أن يشعروا بالراحة مع هويتهم البريطانية الباكستانية. وتوفر "جواب" مساحة مأمونة للشباب من خلال إعلام شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام متعدد الوسائط. ويحتاج المزيد من الشباب إلى مساحات آمنة يشعرون من خلالها بالراحة في الاختلاط الاجتماعي والانخراط في الحوار. وتخضع هذه المساحات عادة للإشراف بهدف تيسير الحوار والنشاطات غير المنهجية أو ضمان أن يتم تحمل وجهات نظر كل شخص. وفي شريط فيديو لـ"جواب"، يخاطب رضوان حسين الفجوة الخلافية بين الأجيال في أوساط الباكستانيين البريطانيين من خلال سؤال الجيل الأول عن رأيهم في الجيل الأصغر سناً. وهو مقتنع بأن هذه الفجوة هي سبب النزاع لأن الجيل الأقدم الذي حضر إلى المملكة المتحدة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي فعل ذلك أحياناً بحثاً عن العمل. ولم يتصور العديد منهم الاستقرار في بريطانيا بشكل دائم، كما لم يأخذوا بعين الاعتبار كيف يمكنهم أو يمكن لأبنائهم الانخراط في المجتمع البريطاني. وفي المقابل، نشأ أبناؤهم في المملكة المتحدة وذهبوا إلى مدارس بريطانية وقد تكون لهم قيم أو تقاليد مختلفة. وقد أدى هذا الواقع إلى التوتر بالنسبة للشباب الذين يشعرون بأنهم أقرب إلى المملكة المتحدة من قربهم إلى بلد والديهم، ويعني كذلك أن هؤلاء الشباب سيعيشون مع هويات متناقضة. ويتم التعامل مع الاندماج بعناية، وهو موضوع يجري بحثه بشكل واسع في المملكة المتحدة من قبل السياسيين بدلاً من أفراد المجتمع أو الجالية. وفي عام 2007 على سبيل المثال أطلقت حكومة "العمال" برنامج "امنع" (Prevent)، وهو واحدة من مبادرات قليلة لتمويل منظمات تعمل مع المسلمين الشباب، بمن فيهم الباكستانيون. وقد تم إيجاد المشروع في أعقاب هجمات 7/7 الإرهابية في لندن لتطويق التطرّف وتشجيع الاندماج. إلا أن الشباب المسلمين في المملكة المتحدة يحتاجون أيضاً بشكل متزايد إلى الدعم من قبل المزيد من منظمات المجتمع المدني من جالياتهم، ومن قبل زملائهم وأهاليهم. وحتى يتسنى تمكين المسلمين الشباب من تمثل هويتهم يجب إعطاؤهم المنابر الصحيحة والمساحات الآمنة ليقوموا بذلك. وقد يكون من المفيد عند البحث عن نموذج آخر للتكامل البحث في تجارب مناطق أخرى. وتشكل غالبية المساجد في المملكة المتحدة عادة مراكز اجتماعية لكبار السن في الجالية، بينما تعتبر المساجد في الولايات المتحدة مراكز اجتماعية يستطيع فيها الشباب بحث التحديات التي تواجههم مع زملاء آخرين أكبر سناً أو أئمة شباب يستطيعون التعامل معهم بسهولة. وإذا تمكنت الجاليات من إيجاد مساحات ودّية داعمة كهذه فسيتمكن الشباب بسهولة أكبر من فهم النواحي المتعددة لهويتهم وأن يشعروا بشكل أكبر بأنهم جزء من المجتمع البريطاني ككل. مريوم ستار كاتبة وناشطة في مجال الحقوق المدنية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©