الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صابر له من اسمه نصيب وافر

صابر له من اسمه نصيب وافر
8 يونيو 2008 03:21
لكل منا أحلامه وأمانيه التي يود أن يحققها، لكن الرياح لا تجري دائماً بما تشتهي سفن الأحلام، وتتدخل الظروف لترسم طريق المرء، وتوجهه مكرهاً أحياناً نحو طبيعة الحياة التي يحياها أو العمل الذي يتاح له أن يمارسه· صابر واحد من هؤلاء الذين لم تتح لهم الحياة الكثير من الوقت للحلم أو ممارسة مهنة أقل شقاء وتعباً، ولم يكن يعلم حين وطأت قدماه أرض الدولة بحثاً عن فرصة عمل، أنه لن يجد سوى هذه العربة الثقيلة يجرها في أزقة الأسواق الشعبية الضيقة لينقل المؤن من المتجر إلى سيارة النقل وبالعكس· وإذا كان لكل امرئ من اسمه نصيب كما يقال، فإن نصيب صابر من اسمه كبير ووافر، فهو لا يتوانى عن الركض في جنبات السوق ليعرض خدماته على الراغبين في تحميل بضائعهم، كي يظفر بدراهم قليلة يكسب بها قوت يومه· وبالرغم من صعوبة العمل ومشقته عليه خاصة في أوقات الصيف، حيث الحرارة العالية والرطوبة التي يهرب منها الجميع إلى الأماكن المكيفة، لا يجد صابر - كما يقول - غضاضة في العمل بل ويشدد على أهمية السعي الجاد في طلب الرزق· يقول: ''أنطلق إلى العمل باكرا مع بزوغ الفجر، أنتقل من مكان إلى آخر بحثاً عن زبائن يرغبون في نقل بضائعهم، أو أجول على أصحاب المحال الذين يحتاجون خدماتي فأحمل أغراضهم ومؤنهم من وإلى''· ورغم التعب والإجهاد الواضحين على ملامحه، خاصة في وقت الظهيرة، إلا أنه ظل صامدا تماما رافضاً أن يأخذ قسطاً من الراحة بعيدا عن الشمس الحارقة، يقول: ''أكابد الحر وأعمل في الشمس من أجل الأفواه الجائعة التي تنتظرني''، موضحا أنه ''لولا الحاجة لما هجر عشه وجرى وراء حفنة بسيطة من الدراهم''· صابر الذي يبدو راضياً وقانعاً بنصيبه من الدنيا، يلفت إلى ضرورة السعي وراء العمل الشريف واللقمة الحلال، بغض النظر عن طبيعة هذا العمل أو المشقة التي يكابدها الإنسان في أدائه، فأينما يكون الحلال تكون البركة في الرزق والمال· بعد أن ابتعد صابر عن ناظريّ، عادت بي الذاكرة إلى سنوات سابقة، وما تختزنه ذاكرة الآباء والأجداد عن العربة التي كان يجرها الحمار، وما إن تخترق سكون ''الفرجان'' ويدوي صوت مرورها حتى ينطلق الصبية خلفها بلهفة وشغف وهم يلعبون و يقذفون الحمار بما قد تلتقطه أياديهم الصغيرة· تلك التفاصيل باتت جزءاً من مشهد قديم، رحل مع رحيل الذين كافحوا في الزمن الصعب من أجل لقمة شريفة، قد لا تكون التفاصيل نفسها اختفت لكن المشهد ما زال قائماً بكل ما فيه من تعب وكفاح·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©