الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دراما واقعية

15 مارس 2011 20:10
وقفت وحيداً على صخرة عظيمة تمد قدميها في مياه البحر رافعة رأسها إلى السماء، تتكسر الأمواج الصاخبة المتوالية على جسدها فلا تبالي، في الأفق البعيد تبدو الشمس حمراء دامية كأنها مغموسة في كل الدماء المسفوكة شرقاً بفعل الطبيعة المنذورة للتغيير، وغرباً بفعل البشر الملطخة أياديهم بالأطماع المتصارعين المتقاتلين على السلطة، السماء مكفهرة بغيوم صفراء داكنة ينبعث الأمل من خلفها البعيد، محمولاً على سحب بيضاء ناصعة، الهواء منعش مشبع برائحة البحر وأجواء ربيع متأخر متردد يبعث الحياة في نفس شاردة وجلة ويشرح القلب المتعب الشغوف المثقل بأوجاع السنين وجراح الزمان، المكان يرد الروح التائهة الحائرة، الوجه شاحب متعب من قلة النوم ربما أو نتيجة صداع ملازم منذ أيام ربما يكون أساسه آلام في العينين الذابلتين من فرط متابعة ما يدور من أحداث متسارعة تجعل أمثالي يعيش في دوامة من الأخبار المتلاحقة، كأنها عين إعصار سببه موجات المد العارمة المرتدة بسبب زلازل طبيعية وسياسية وجغرافية تغير ما تحت الأرض وما فوقها وما في أعماق البحار والقفار وتزيح بلداناً وأمصاراً وتدك أبراجاً وجبالاً فتحولها إلى ركام منفوش وتخلع زعماء من فوق العروش فتحولهم إلى أعزة أذلة، كأنها زلازل من أجل إحداث فوضى خلاقة تعيد ترتيب الأشياء في مكانها الصحيح، ضمن إرهاصات إنسانية واقعية درامية مثيرة عنيفة عبقرية ساحرة كأنها قصة حب ملتهبة تجعلني أصر على المتابعة حتى لو كانت فوق الطاقة والاحتمال. كأن عدوى ثورات البشر وكفاحهم من أجل التحرر ومن أجل حياة أفضل لاحقت الطبيعة فعلمتها الثورة أو أغرتها بخوض التجربة من أجل التغيير ومن أجل التجديد ومن أجل قدر محتوم وإرادة إلهية لا تزال في علم الغيب.. ترى هل تكون زلازل اليابان ثورة أرضية من أجل التحرر من طغيان البشر وملوثاتهم وأطماعهم ومبانيهم التي أثقلتها وخنقتها وقتلت مفردات الحياة بها، ترى هل أرادت الأرض أن تنفض تلك الجزيرة وتحركها قليلاً لتبعث الأمل في حياة جديدة وتعطي الفرصة للأجيال القادمة من أجل بناء مستقبل أفضل! ترى من يتعلم من الآخر، هل هي الطبيعة تتعلم من البشر أم هم يتعلمون منها! لا يهم الآن فما كان قد كان ولا مناص اليوم من نتائج ما كان، ما يهم أن الأرض تبقى للأبد حتى لو انزاح مكانها وتغير، والأوطان تبقى حتى لو سفكت دماء الشعوب من أجل الحرية فالحياة تبقى منقوصة بدون حرية. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©