الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نص المرجلة!!

نص المرجلة!!
8 يونيو 2008 03:41
لم أتمن يوما أن أكون رجلاً، ولم أفعل مثلما فعلت صاحبتي الساخطة على أخيها ''المفعوص'' الذي ولد بعدها بعقد كامل وصار هو من ينادى باسمه والدها، فقررت يوماً أن تحمل أقلامها وتكتب لوحة علقتها على مدخل الدار (منزل بو شيخة)، كي تسترد بعضاً من حقها المهضوم كما تردد· تذكرت شيخة ومغامراتها حين بدأ ''الشنب'' بالاختفاء من وجوه أغلب الرجال بفعل انتشار صالونات الخيط والليزر و''الواكس'' التي لو سمع بها والدي - رحمه الله -''لاعتزى'' و طوّح عقاله من مبدأ ''منقود عن العرب''· نعود إلى المرجلة ونترك ''الشنب'' الذي صار مثل هلال رمضان نسمع به ولا نراه· المرجلة في عرف شيخة كوكتيل لا يضبطه أي كفتيريا فهو يعني المسؤولية مع خلطة من الصفات الأخلاقية الأخرى، لكن المرجلة اليوم صارت كما تقول شيخة'' للنساء وهذا سبب ظهور الشنب عند بعضهن''· أدار الرجال ظهورهم عن المسؤولية، وبعضهم عبأها في أكياس بعد أن فرمها بالساطور ليرميها في أبعد نقطة يمكن أن يصل إليها ضميره، فهناك رجال مدللون يبتعدون منذ نعومة أظافرهم عن كل ما يمكن الابتعاد عنه من مسؤوليات بدءاً من وضع جوربه القذر في سلة الغسيل ووصولاً إلى قرار اختيار شريكة الحياة الذي يرميه على والدته، مع وضع أكثر ما يمكن من شروط تعجيزية تجعل رحلة بحث العجوز عن عروس توصلها إلى المقبرة قبل بيت العروس ''الفلتة'' التي يريد· مع كل هذا يجد الرجل نفسه فجأة شاباً صاحب حق في رؤية العروس والبحلقة في ملامحها ليقرر ما إذا كان موافقاً أو أنها لا تشبه صورة ''السوبر موديل'' التي رسمها في خياله، وإن رفضته العروس متعللة بأسنانه الصفراء أو(ضربة السكروب) الواضحة في وجهه، يقيم الدنيا ولا يقعدها، فهو رجل ولا يجب أن ترفضه حرمة!· فيما بعد يأتي الزفاف الذي يتقاسم مسؤوليته والده مع الدولة، بينما يأخذ هو على عاتقه مسألة أحاديث الهاتف و''غث'' الخطيبة بالأسئلة الكثيرة والحوارات المزعجة، ووضع قائمة الممنوعات التي يجب على الفتاة التمسك بها وإلا كان مصيرها الهلاك· وبعد أن كانت العروس تجلس في البيت تقرأ وصفات الجمال وتخلط الجلسرين بالليمون لتبييض الأكواع والركب، صارت تلبس عباءتها وتطير من سوق إلى آخر ومن محل تجهيز أعراس إلى مطبعة بطاقات أفراح، وما على العريس إلا دفع النقود ثم الجلوس إلى كرسي أحد الصالونات التعيسة المذكورة أعلاه· وبعد الزفاف يردد الشاب شعاراً قديماً يقول: (الشردة نص المرجلة)، لكنه يقصد ''الشردة'' من المسؤولية واستمرار حياته كأنه عازب على الرغم من وجود مخلوقة معه تشاركه في كل شيء· أما أول إنجازاته فهي غسل شهر العسل بالماء البارد فينكمش لأسبوع فقط، يستخرج الرجل ''نصف المرجلة'' الذي يملكه ليطير إلى المقهى ورحلات البحر، ويعود في آخر الليل بحكاية محزنة عن سليم العامل المكافح الذي وصل بتأشيرة زيارة، وعمل في البداية ككناس شوارع يقف بجوار إشارة المرور ليدفع مكنسته إلى أقرب سيارة فخمة تنتظر الضوء الأخضر، رافعاً يده اليمنى مرسلاً ابتسامة تظهر سنه المكسور، حتى وصل إلى صاحب المقهى الذي علمه تركيب المباسم، وبقيت مشكلته العويصة عدم إخلاصه في وضع الفحم على رأس الشيشة! ناسياً أن احترام الزوجة من أهم أساسيات ''المرجلة''· من هنا تبدأ المرأة بفهم حقيقة الرجل الذي تزوجته· وتدرك لا محالة أن عليها تحمل المسؤولية وإنقاذ الحياة وإلا صار زواجها مثل طقسنا الرائع: صيف لا ينتهي يتخلله شتاء متقطع ورياح جافة لاهبة· لأن حظها الرائع (!) زوَّجها هذا الرجل دوناً عن كل ذكور الأرض، وكثير ممن هم على هذه الشاكلة مصاب بحساسية النقود وهي نوع خاص من الاكزيما تجبر صاحبها على صرف نقوده حتى آخر فلس، ولو غفلت عنه ''المدام'' لصار إفطارها خبزة وزيتونة ولن تجد طعاماً إلا التونة، وربما اضطرت إلى بيع الحديدة التي يفترض أن ''يكونا عليها'' آخر الشهر! أما إذا أرادت المرأة لفت انتباهه إلى كثرة أخطائه وقلة مراعاته لها ولبيتها، فتجد صوته يعلو ليسمع الجيران أنه رجل له كلمة، ثم يبدأ في تأبين مناقبه والبكاء على مواقفه ليذكرها بأنه الرجل وسبع البيت وهو لم يصل حتى إلى مرتبة ''باقيرا'' صديق ''ماوكلي'' فتى الأدغال!· وبسبب شيوع هذا المرض في مجتمعنا صار الحل الأفضل أن ننقب عن باقي الرجال المحترمين، أولئك الذين يملكون ''مراجل'' أكثر من النصف، عوضاً عن أن نضطر ذات يوم لغسل أيدينا بالماء والصابون من جيل كامل لن يتبقى له فتافيت رجولة! فتحية البلوشي Fatheya_alblushey@emi.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©