السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاعتذار فضيلة الأقوياء و«العزة بالإثم»مكابرة

الاعتذار فضيلة الأقوياء و«العزة بالإثم»مكابرة
2 أغسطس 2009 00:44
المشهد الأول: مهندس الديكور المصري «إيهاب معوض» قام بوضع لافتة كبيرة من القماش «12x7 متراً» أمام منزل زوجته «ريهام» في حي حلمية الزيتون بالقاهرة، تضمنت عبارات الاعتذار وكلمات الحب، والوعود بحياة أفضل، واصطف أمام اللافتة أعضاء فرقة موسيقية تعزف سيمفونية «شهرزاد» وأغاني ليلى مراد، وذلك في يونيو الماضي، على إثر مشادة كلامية جرت بينهما، وقام بتوجيه كلام قاس لها أمام عائلتها وولديهما، مما أدى إلى تصاعد الخلاف إلى حد طلبها الانفصال. واتصل إيهاب هاتفيا بوالدته التي طلبت من زوجته التي تسكن في الطابق الرابع الخروج للشرفة، وحين أطلت ريهام بدأت الفرقة في العزف، وظهرت الدهشة على وجهها، وبدأت في البكاء. واستقبلت زوجها بعد «حفل الاعتذار العلني» بعبارة واحدة: «أنا مش محتاجة كل دا، بس أوعدني ما تعملش كدا تاني». المشهد الثاني: قام الشاب الأردني، محمد الجغبير بحمل لافتة كبيرة «8x6 أمتار»، كتب عليها عبارات تنم عن الاعتذار والمحبة لزوجته التي تعمل مضيفة بالخطوط الملكية الأردنية، ورفعها أمام مرأى الجميع قرب الدوار السابع حيث كان باستقبال زوجته بطريقة رومانسية لمصالحتها. وبعد أن حطت الطائرة، فاجأها المشهد بعزف الفرقة الموسيقية التي استأجرها الألحان الرومانسية لتنهمر دموع الزوجة فرحاً وقبولاً لاعتذار الزوج، وفرحة بهذا الموقف الذي يغلب مشاهد الرومانسية حتى في المسلسلات التركية. كثيرون لم يخفوا امتعاضهم من هذه الطريقة العلنية للاعتذار، ويعتبره البعض انتقاصاً من شأن الرجل ومدخلا لاستقواء المرأة! إذا كان «الاعتذار عند الخطأ» سلوكا حضاريا بين الناس عامة والزوجين خاصة، هل يراه الرجال شجاعة لا تقلل من كرامتهم ورجولتهم؟ أم أن هناك من يشعرون بالمهانة إن توجب عليهم الاعتذار؟ أم أن هناك بدائل يختارونها للتعبير عن أسفهم دون أن يضطروا الى النطق الصريح بالاعتذار؟ وما تأثير مثل هذا الاعتذار على الزوجة؟ يؤكد إبراهيم الحوسني، مهندس بترول أنه لا يتردد على الإطلاق من الاعتذار إلى زوجته عندما يصدر عنه ما يغضبها بخطأ شخصي يقتنع به، ويشعر أنه بالفعل قد أخطأ، ويقول: «الاعتذار لا ينتقص من قدري ولا من شأني، المسألة تتوقف على القناعة التامة بأن كرامة الزوجة جزء لا يتجزأ من كرامة الزوج، ولا أجد حرجاً في أن أعتذر إن أخطأت، سواء كان ذلك أمام الأهل أو الأصدقاء، الخطأ.. خطأ، فلماذا نتجاهل الحقيقة؟ يجب ألا ننظر إلى الأمر على أنه معركة أو كرامة تهدر أو غير ذلك من أحكام سلبية، فإذا تمسك كل طرف بموقفه، لن تستقيم الأمور، ونفقد التواصل وتتعقد المشاكل، إن الحوار لغة العقل، والاعتذار عند الخطأ يدعم التواصل والحوار الإيجابي بين الزوجين، فلماذا نعلق الأمر على أحكام بالية، ومخاوف لا وجود لها؟ «الاتحاد»: استطلعت رأي زوجة المهندس إبراهيم الحوسني في عدم وجوده وقالت «أم منصور»: «الحوار الراقي بين الزوجين يسهم في تحقيق التفاهم والتقارب والألفة دون شك، وزوجي لا يتردد مطلقاً في الاعتذار لي إن أخطأ خطأً معيناً يراه هو أنه خطأ، وقد حدث ذلك بالفعل عدة مرات، فلماذا يخجل؟ هذا السلوك المتحضر الراقي لا ينتقص من قدره على الإطلاق، بل أحييه عليه، وأقدره بشكل مضاعف، ويزيدني احتراماً وتقديراً له، فالرجولة موقف ،واعتذار الرجل لزوجته موقف يدل على النبل والشهامة والثقة بالنفس، وفي نفس الوقت يزيل أي مشاعر سلبية إن وجدت». الاعتذار تسامح كما يؤكد محمد إبراهيم محمد عبدالله «موظف» أنه لا يتردد نهائياً من الاعتذار لزوجته عندما يصدر عنه ما يغضبها، ويجد أنه قد أخطأ بحقها، ويبادر بالقول: «القوي الذي يعترف بخطئه، هذا لا يقلل من شأني ولا ينتقص من رجولتي، هذه مفاهيم مغلوطة يجب ألا نتمسك بها ونفسد العلاقة المقدسة بيننا، فماذا يضير الرجل إن كان واضحاً مع نفسه؟».ويضيف محمد إبراهيم: «الإسلام يدعونا إلى التسامح والمحبة، فالزواج سكن ومودة ولغة الحوار تعزز وتقوي هذه المودة بين الأزواج، ومن جانبي أحرص أن أعلم أبنائي هذه القيم الأخلاقية النبيلة، فلا يوجد فرق بين الطرفين «الزوج والزوجة»، وكل طرف له كرامة ومشاعر، فلماذا نجرح هذه المشاعر ونتمسك بالخطأ؟ فمن يقول أو يقنع بغير ذلك مخطئ، أو ربما ينقصه قدر من الثقة بالنفس. الخجل من الاعتذار بعيداً عن مسمع محمد إبراهيم الذي تنحى جانباً حتى لا يؤثر على رأي زوجته، قالت «أم عبدالله»: «كلامي هذا بعيد عن المبالغة، فأبو عبدالله لا يتردد مطلقاً في الاعتذار إن بدر منه ما يغضبني، ولا يهمه أن يكون ذلك أمام الأبناء أم لا، عندها يكون كل همه أن يرضيني عن قناعة وثقة واحترام للذات، وللعشرة والرباط المقدس بيننا، حتى لدرجة أنني أخجل من نفسي في كثير من المرات «أستحي من نفسي»، وفي المقابل إن هذا السلوك الكريم يؤكد احترامي وتقديري للزوج، فالرجولة تتضح في مثل هذه المواقف وليست كلاما فقط». وتؤكد «أم عبدالله»: «من جانبي أود أن يكون الاعتذار بيننا فقط، وفي عدم وجود الأبناء أو أي طرف من الأهل، وأطلب منه ذلك، لكنه لا يعبأ.. فكل ما يهمه أن يفعل ما هو مقتنع بصحته». حتى أمام الآخرين كما يؤكد محمد راشد الحمادي «بالقوات المسلحة» أنه لا يخجل من الاعتذار لزوجته إن أخطأ حتى أمام الآخرين مهما كانوا، إن كان الخطأ قد صدر عنه أمامهم، ويقول: «مثل هذا التصرف يزيدني قيمة ومكانة في نظرها، فإذا كنت أغضبتها أمام الأهل، وأجد أنني لست على حق، فلماذا لا أرد لها حقها أمامهم؟ فما من شك أنها في المقابل ستقدر ذلك، وإن كانت بداخلها لا تود أن أعتذر لها أمام الآخرين، إنما هذا هو حقها». ويضيف: «يجب أن تسمو العلاقة بين الأزواج فوق هذه الصغائر، فالعلاقة الزوجية تقوم على المودة والرحمة والحب والنضج، ومن ثم فالتصرف الناضج يقوي الرابطة، ويدعم العلاقة بين الأزواج، لكن المكابرة والعناد والتمسك بالرأي عند الخطأ تزيد المشاكل وتعقدها وتفسد العلاقة الزوجية، وتولد البغض والكراهية والنفور والعياذ بالله». لماذا الخجل؟ يبادر سعيد حامد «موظف» عندما سألناه أمام زوجته: «هل تعتذر لزوجتك إن أخطأت بحقها؟»، أجاب دون تردد: «لماذا أخجل إن كنت أخطأت؟» ويضيف: «أعتذر لها عن طيب خاطر، وهي من جانبها تقدر ذلك، ولا يوجد مشكلة نهائياً، وإن كان هناك كلام آخر عليك بسؤالها». وسألنا الزوجة «أم سالم»، فقالت: «أبو سالم لا يتردد أن يعتذر إن أخطأ، فعندما يهدأ قليلاً يعترف بخطئه، وليس هناك حل سوى قبول الاعتذار، فالحياة الزوجية ليست معركة، إنما الحياة واستقرار العلاقة الزوجية يتطلب مساحة كبيرة من الود والتسامح، ويجب ألا يتمسك أي طرف برأيه سواء كان «صح أو خطأ» وكل الناس يخطئون ولو كل مخطئ تمسك بوجهة نظره فلن تستقيم الأمور، وتهدم البيوت بسبب كلمة غضب أو انفعال طارئ سرعان ما يزول». أعتذر.. ولكن! من جانب آخر يشير راشد محمد سليمان «موظف» إلى أنه لا يمانع من الاعتذار لزوجته بلا حرج وبلا عقد وبلا تردد إن اقتنع بخطئه، لكنه يتدارك بالقول: «لا مانع من الاعتذار.. لكن بشرط أن يكون بيني وبينها فقط.. لا أوافق على الاعتذار العلني.. فالحياة الزوجية لها خصوصيتها، وأنا أحب أن أحافظ على هذه الخصوصية، فما يهمني هو موقفها وتقديرها لهذا الاعتذار». كما يضيف ربيع سعيد المري «موظف» قائلاً: «الاعتذار يكون بحجم الخطأ، ولابد أن أتأكد من أن الزوجة تتقبل الاعتذار عن قناعة وتقدره ولا تفهم أنه انتقاص من شأني ولا ضعف ولا خوف، إنما عليها أن تدرك جيداً أن الاعتذار من باب الاعتراف الموضوعي بالخطأ، وحتى لا تتعقد المشاكل وتسوء العلاقة بيننا وأميل إلى أن يكون الاعتذار بيني وبين زوجتي دون تدخل، ودون وجود أحد». كذلك يتبنى محمد الهاشمي وسلطان الخيلي ومحمد صالح الكعبي «متزوجون» نفس الرأي، بأن يكون الاعتذار حسب الموقف ويعتمد على نوع الخطأ، ويشير الهاشمي إلى نقطة يراها ذات أهمية، من وجهة نظره، ويقول: «تقبل الاعتذار يتوقف على ثقافة الزوجة وتفهمها لمعنى الاعتذار، فالرجل يجب ألا يعتذر إلا إذا كان يطمئن بأن زوجته تقدر له ذلك التصرف قناعة تامة». الكبير.. كبير «أم مهرة الشامسي»موظفة متزوجة» تلخص رأي الزوجات حول اعتذار الزوج من عدمه بالقول: «العلاقة الزوجية الحميمة تستند إلى تواصل وحوار إيجابي بين الطرفين والود والتسامح والمحبة والسكينة تحتاج قدراً كبيراً من سعة الأفق والابتعاد عن العُقد والمشاكل، وأتساءل: «ماذا يمنع أي طرف من الاعتذار إن أخطأ؟ هل يجب أن نتخفى خلف العناد والمكابرة وما يسمى خطأ رجولة وشهامة؟ الاعتذار لا يقلل من رجولة الرجل ولا يمس من كرامته وكذلك الزوجة، ولا يجب أن يستغل الزوج ضعف أو تسامح أو عاطفة الزوجة ليتمادى في خطئه، إن أخطأ عليه الاعتذار، وعلى الزوجة تقبل ذلك، وإن تمسك الرجل بعناده وموقفه عند الغضب أو الانفعال على الزوجة أن تحاوره وتقنعه بخطئه عندما يهدأ، ومن جانبي فإن اعتذر الزوج عن طيب خاطر، فإنه يزيد مكانة ويكبر قيمة ومنزلة، فالكبير كبير بمواقفه وبثقته بنفسه دائماً». استطلاع «الاتحاد» في استطلاع رأي «الاتحاد» لعينة عشوائية من المتزوجين المواطنين قوامها 50 زوجاً، أكد 36 منهم (72%) أنهم لا يترددون على الاطلاق في الاعتذار لزوجاتهم عند الخطأ، وأن هذا الاعتذار لا يمثل لهم جرحاً للكرامة، ولا بمفهوم الرجولة. بينما رفض 3 أشخاص (6%) مبدأ الاعتذار الصريح وفضلوا أن يكون اعتذاراً ضمنياً عند الخطأ، في الوقت الذي أشار فيه 6 أزواج (12%) إلى ارتباط الاعتذار بالموقف وبحجم الخطأ وثقافة الزوجة وتفهمها للاعتذار، في الوقت الذي أكد فيه 45 زوجاً (92%) أن اعتذار الزوج عند الخطأ يسهم في حل كثير من المشاكل الزوجية، ويقلل إلى حد كبير أو يجنب حدوث المشاكل والصدام بين الأزواج». إرساء القيم الإيجابية الفنان الدكتور حبيب غلوم يؤكد أهمية إرساء القيم الإيجابية أمام الشباب وأجيال المستقبل، ويتساءل: «لماذا أتردد في الاعتذار لأي إنسان مهما كان بسيطاً عندما أخطئ؟ فماذا يكون بالنسبة للزوجة؟ فإذا كنت أحرص ألا أخطئ بحق الغير، فلا أتردد مطلقاً أن أعتذر على الفور إن أسأت إليه، فإذا كانت الكلمة الطيبة صدقة، فإنها ذات مفعول سحري إيجابي للتواصل والحوار وإقامة العلاقات الإنسانية الإيجابية، فإذا كنا محكومين بعادات وتقاليد معينة، لا يعني أن نتخلى أو نخجل من إرساء قيم إيجابية اجتماعية وإنسانية ولاسيما على صعيد الأسرة، فربما يتردد البعض من الاعتذار تخفياً وراء مسميات لا وجود لها، فماذا يضيرني أن أعتذر لزوجتي عندما أخطئ؟ اعتذاري لها عند الخطأ حق إنساني مشروع لها، ويسهم في إعادة الأمور إلى نصابها، ودائماً ما أنصح أبنائي بذلك وأؤكد عليه، ولاسيما إن كان الخطأ غير مقصود، أو نتيجة موقف معين، فالاعتذار تواضع، وقوة وسماحة وألفة وتواصل حميم أيضاً، إنما من الأهمية أن أشير إلى وجوب الحفاظ على خصوصية العلاقة بين الزوجين سواء أمام الأبناء أو الآخرين، وإشهار الاعتذار بالطريقتين «المصرية والأردنية» - كما في المثال المذكور - إضرار بالخصوصية، ولا أتفق مع «المبالغة» بأي شكل، فالمغالاة في كل شيء مرفوضة، وتنقلب إلى الضد في أحوال كثيرة، وكذلك يجب ألا ننسى طبيعة الخطأ الذي يستوجب الاعتذار، ونوعه وطبيعة المشكلة القائمة، والهدف من الاعتذار، ومن ثم يستطيع الزوج أن يحدد إذا كان ضرورياً من الناحية التربوية والتعليمية والاجتماعية أن يعتذر للزوجة أمام الأبناء من عدمه، أو في وجود أطراف عائلية أخرى، فلكل موقف خصوصيته، وأدعو الأبناء والشباب أن يستفيدوا ويتعلموا ويقتبسوا القيم والشيم الإيجابية وترسيخها». رسالة إلى الشباب الفنان أحمد الجسمي يشير إلى مفهوم الأسرة كرباط مقدس يجمع بين الزوج والزوجة والأبناء، ويقول: «إن الحفاظ على هذا الكيان ينبغي ألا يخضع أو يتأثر بأمور كهذه، فربما يتمسك الزوج الشاب بموقفه وعناده ويصر على عدم التراجع أو الاعتذار عن الخطأ لزوجته لقلة خبرته في الحياة، أو لأنه يرى أن ذلك يجرح كبريائه ورجولته، لكن هذا الموقف سيتغير بالتأكيد مع التقدم في السن واكتساب المزيد من خبرة الحياة، وسيرى الشاب أن كلمة الاعتذار الرقيقة كفيلة بحل مشاكل عديدة قد تبدأ بسيطة، لكنها تتعقد إن تمسك كل طرف بموقفه، فلا ضير على الإطلاق أن أعتذر لزوجتي إن كنت مخطئاً، فلا شيء أهم من الأسرة والحفاظ عليها، ولا أجد أي حرج أن أعتذر، وهذه رسالتي إلى الشباب، وليتهم يتعلمون من خبرات الآباء، ومن جهة أخرى ليت كل فتاة وكل زوجة أن تتفهم الرجل، وتتفهم الزوج، فكما هي حريصة على نيل حقوقها المعنوية والمادية، عليها أن تدرك ما لزوجها من حقوق، وعليها أيضاً أن تتفهم شخصيته وإمكاناته وظروفه في أوقات المحن والشدائد قبل غيرها، فالحياة والسعادة الزوجية يجب أن تتعدى مثل هذه الأمور والمواقف، فربما هناك بيوت وأسر هدمت وانهارت بسبب تعنت أي طرف تجاه الآخر وكان يمكن تجاوز كل هذه المصائب بكلمة واحدة أو عتاب.. وأتمنى أن يتعلم شبابنا ذلك مبكراً»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©