الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استراتيجية المالكي... مفاجأة الأصدقاء قبل الأعداء!

استراتيجية المالكي... مفاجأة الأصدقاء قبل الأعداء!
2 أغسطس 2009 01:04
بإصداره الأمر للجيش بتنفيذ غارة هذا الأسبوع على معارضين إيرانيين كانت تحميهم الولايات المتحدة ذات يوم، أظهر رئيس الوزراء المالكي مرة أخرى موهبة في مفاجأة الخصوم والحلفاء على حد سواء في سعيه للفوز في انتخابات برلمانية مهمة مرتقبة في يناير المقبل. فحتى الآن، أمر المالكي بالهجوم على أفراد المليشيات المتطرفة في البصرة مخالفاً بذلك نصيحة الجيش الأميركي، وحوَّل موعد 30 يونيو المحدد لانسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية إلى احتفال منظَّم للاستقلال العراقي، كما سعى جاهداً لإخفاء الوجود الأميركي المتبقي مخافة أن ينظر العراقيون إلى الانسحاب على أنه غير ناجز. والواقع أن حكومة المالكي كانت تفكر منذ شهور في القيام بخطوة ضد المنفيين الإيرانيين، وهم أعضاء في منظمة «مجاهدي خلق»، واعدةً الحكومة الأميركية بأن تعامل سكان المخيم الذين يفوق عددهم ثلاثة آلاف، بطريقة إنسانية وبألا تجبرهم على العودة إلى إيران. غير أن الغارة التي نفذت يوم الثلاثاء الماضي فاجأت الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين الأميركيين، بل وحتى بعض الضباط العراقيين أنفسهم. أما إيران، التي ظلت تطالب بالتحرك ضد المنظمة، فقد أشادت بالعملية، كما هو متوقع. وبنظرة إلى هذه التحركات مجتمعة، فإنها تُظهر رغبة المالكي في القيام بما لم يكن ممكناً التفكير فيه حين وصل إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، ألا وهو خلق صورة لنفسه كزعيم مستقل في بلد مازال يحتضن 130 ألف جندي أميركي. ولكن جنوحه إلى التحرك أحادي الجانب، المدعوم في كثير من الأحيان بقوة السلاح، خلق له بالمقابل أعداءً من مختلف ألوان الطيف السياسي العراقي، الكثيرون منهم مصممون على منع إعادة انتخابه. وفي هذا الإطار يقول سالم عبدالله، وهو مشرِّع سُني من كتلة برلمانية كانت تعارض المالكي في الماضي: «إنه يريد تحويل نفسه إلى رمز وطني، وهو مستعد لاستعمال السلطة والقوة للترويج لنفسه بتلك الصورة»، مضيفاً: «إنه مصمم على تخطي كل ما يمكن أن يحول دون إعادة انتخابه رئيساً للوزراء». ويواجه المالكي سلسلة من التحديات في أفق الانتخابات المقررة في يناير المقبل، التي من المنتظر أن تفرز برلماناً جديداً، ثم حكومة جديدة، ورئيس وزراء جديداً كذلك. غير أنّ أشخاصاً قلائل فقط يتوقعون أن يستمر الحظ في الابتسام له على النحو الذي ساعد على تحويله من رئيس وزراء توافقي إلى المحور الذي بدأت تدور حوله الحياة السياسية العراقية اليوم. فالعنف مازال موجوداً هنا مهدداً بنسف ما يقدمه المالكي، عن حق أو غير ذلك، بوصفه أكبر إنجازاته: عودة بعض مظاهر الهدوء إلى بغداد ومدن وبلدات أخرى دمرتها الحرب. وفي يوم الجمعة الماضي وحده، أوقع انفجار خمس سيارات ملغومة بالقرب من مساجد شيعية 29 قتيلاً على الأقل، مما يشير إلى استمرار قدرة المتمردين على الضرب في قلب العاصمة المسورة. ولعل التحدي الأكبر بالنسبة للمالكي يكمن في المفاوضات التي تدور بكثير من الجلبة والحراك، والتي أصبحت بمثابة لعبة داخلية في بغداد. فأتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذين يحمَّلون مسؤولية بعض من أسوأ أعمال العنف الطائفية، غامروا بدخول محافظة الأنبار التي كانت تعد ذات يوم معقل حركة التمرد السنية، بينما زارت كوكبة من السياسيين -الأكراد والعرب، والعلمانيين والمتدينين- الزعيم الشيعي عبدالعزيز الحكيم المصاب بالسرطان، والذي يخضع للعلاج بأحد مستشفيات طهران. ومنذ الربيع، عمل المالكي بوضوح على التقرب من الزعماء السُّنة، ومنهم صالح المطلق الذي يقال إن ضمن هيئة ناخبيـــه بعثيون سابقون، وأحمــد أبو ريشة، الذي يعد ربما أقوى شيخ قبلي في محافظة الأنبار. وقد أعلن أبو ريشة نيته التحالف مع المالكي، حيث قال: «إذا اعتبرك صديقاً، فإنه يتعامل معك كصديق». ومن جانبه، قال رئيس الوزراء في حوار صحفي مع «واشنطن بوست»: «إننا عاقدون العزم على ألا نعود إلى الطائفية؛ لأنها سبب كل مشاكلنا». ويتهم المنتقدون المالكي بخطب ود أولئك السياسيين السنة من أجل الضغط على زملائه الشيعة في المفاوضات الهادفة إلى إعادة تشكيل تحالف الأحزاب الشيعية الذي شارك في انتخابات 2005. ولكن في هذه المرة، ستكون للمالكي اليد الطولى في الكتلة، حيث قيل إنه سعى للحصول على وعود بأن يحظى بدعم التحالف ليصبح رئيساً للوزراء مرة أخرى. ولكن بعض السياسيين الشيعة، المتوجسين مما يعتبرونه نزعة سلطوية لدى رئيس الوزراء، يطالبون بانتهاج شفافية أكبر في حكومة تهيمن عليها مجموعة من المستشارين من حزبه «حزب الدعوة» -خاصة طارق نجم عبدالله الذي يدير مكتب رئيس الوزراء. وفي حال أصبح المالكي رئيساً للوزراء مرة أخرى، فإن هؤلاء السياسيين يقولون إنه ستكون لهم كلمة بشأن التعيينات الوزارية، والاحتفاظ بحق مراجعة سياساته، وكبح محاولات تركيز السيطرة على الجيش بين يديه. ولكن، على حد تعبير أحد السياسيين، فإن «الوعود قبل الانتخابات لا تساوي الكثير». هذا في حين يشدد آخرون على أنه بات لدى المالكي الكثير من الأعداء إلى درجة أنه بات من الصعب جداً انتخابه رئيسا للوزراء مرة أخرى، حتى وإن أبلى بلاءً حسناً في الانتخابات. ففي هذا الأسبوع، انتقد بعض الزعماء السنة غارة المالكي على مخيم المعارضين الإيرانيين، ملمحين إلى أن لإيران المجاورة دوراً في ذلك. ومن جانبهم، يقول بعض المسؤولين الأكراد إنهم هم أيضاً لن يدعموا عودته -وقال الشيء ذاته أنصار الصدر، وحزب سني رئيسي كذلك. ومع هذا، فمن غير الواضح في أجواء اليوم أين تنتهي المساومة السياسية وأين يبدأ المبدأ؟ وفي هذا الإطار، يقول جلال الدين الصغير، وهو مشرِّع وزعيم حزب شيعي منافس: «إن رئيس الوزراء في حاجة لدعم قوى أخرى، غير أنه لن يكون من السهل كسب دعمها ومساندتها»، مضيفاً: «إن سياسته كانت تقوم على عدم الاعتماد على حلفاء. ولكنه حل عدداً من الأزمات عبر خلق أعداء، وفقد ثقة بعض السياسيين أيضاً». أنتوني شديد - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©