الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معرب أم مخرب؟!

29 ابريل 2017 22:39
«بروشور»، و«بوستر» و«كارد»، و«بيزنس»، و«شيبس» و«تكة» و«سيفي» و«كوتيشن» و«أوفر» و«سيل» و«باركينغ» و«بريك» و«ستيرينغ» و«بروفة» و«ستايل».. من منا الذي لا يسمعها أو يستعملها، أو يقرأها مرات ومرات؟! من المضحك المبكي أن يتهمك الآخرون بالتقعّر على أحسن تقدير، إن لم يكن بالرجعية والتخلف والتقوقع، أو حتى بالإرهاب ربما، حين تتمسك بعربيتك وتنادي بالحفاظ على هويتك، ونحمد الله على أنه ما زال هناك من أنصار ومدافعين - وإن كانوا قلة - عن هذه «اليتيمة» التي أغفل أو تغافل عنها أبناؤها بقصد، وبغير قصد، ظناً منهم أن هذه اللغة عاجزة عن استيعاب مستجدات الحداثة، وأنها لم تتعد كونها رسماً من الماضي، لا ينفع الوقوف والبكاء على أطلالها. كثيراً ما نقرأ ونسمع في وسائل الإعلام المختلفة، من الأخطاء اللغوية التي لا تسرّ عدواً ولا صديقاً، فيقال حققت الشركة الفلانية خسائر بقيمة...! فهل يستوي بذلك المعنى؟ الصحيح أن الشركة تحقق أرباحاً، وتتكبد خسارة، أو تمنى بخسائر فادحة! وذلك يشبه قول المعلق الرياضي: أرسل اللاعب الكرة زاحفة علت العارضة! فكيف يستوي الزحف مع العلو؟! وكذلك لو أردنا استعراض ما ينشر ويعرض من ألفاظ لوجدنا أن ما ينشر وما يقال في وسائل الإعلام يحتاج إلى «ترجمة» إلى العربية على الرغم من أنه عربي التسمية، وقد تداخلت الألفاظ العربية مع غيرها من الإنجليزية والفارسية، والتركية، والأردية، فاختلط الحابل بالنابل، ولم يعد يعرف الكثيرون منا العربي منها أو المعرّب، أو الأعجمي، والمستعجم، لدرجة أننا نجد صعوبة بالغة في إيجاد مرادف عربي لبعض الألفاظ الأعجمية الدارجة على الألسن وفي الصحف ومختلف وسائل الإعلام، وذات مرة كدت أسقط أرضاً من الدهشة والحزن والمفاجأة عندما سألني أحد الزملاء ممن أمضوا نصف عمرهم في الصحافة باحثاً عن مرادف أو بالأصح ترجمة عربية لكلمة «بروشور»، فقد أصبحت اللفظة الأعجمية هي الشائعة، وقد نسينا معناها العربي، فترددت في الإجابة عن سؤاله، وظن أنه قد أُسقط في يدي أنا الآخر، وعجزت عن إيجاد كلمة عربية مرادفة للبروشور الذي كان يحمله بيده، فأجبته وقد انتابتني حالة لا أدري ما هي، حزن أم أسف، أم حيرة، أم قرف؟ ربما هي مزيج من هذه وتلك، ولكني كتبت لصديقي هذا في ورقة «البروشور» كتاب صغير، أو كتيّب، أو مطويّة، ولكننا من طول اعتيادنا على سماعها، نسينا أصل المعنى والهوية، ومرجعنا «خطأ شائع خير من مستعمل مهجور»، وإذا كنا قد هجرنا جل ألفاظ العربية، فإنّ «البروشور»، و«البوستر» و«الكارد»، و«البيزنس»، و«الشيبس» والـ«تكة» و«السيفي» والـ«كوتيشن» و«الأوفر» والـ«سيل» و«الباركينغ» و«البريك» و«الستيرينغ» و«بروفة» و«الستايل».... وغيرها هي خير من أخواتها العربيات المهجورات. إسماعيل حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©