الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الصورة تضاهي سحر النص المرئي

29 ابريل 2017 22:53
نوف الموسى (أبوظبي) سؤال مثير حقاً، هل يمكن اقتناء قصص أطفال بلغة غير العربية، تمتلك مقومات الفوتوغرافيا المعرفية الساحرة؟ قصة الأطفال الكورية بعنوان «الأم الغريبة»، للكاتبة الكوري بايك هي نا، تجسد نموذجاً تفاعلياً يعكس الاحترافية البصرية التي تمتلكها الكاتبة، من خلال صناعتها لمشهد درامي من الدمى، أنتجتها بنفسها؛ لتستكمل مشروع القصة بالتقاط صور فوتوغرافية، تسرد الحكاية، وتحرك الشخصية الرئيسية بطريقة مشوقة. اهتمت فيها الكاتبة بالتفاصيل الخاصة بالبيئة المحيطة، والوضعية الفيزيائية للشخصيات في حيز التكوين للصورة الفوتوغرافية، التي تتجاوز اللغة كمعنى في السرد القصصي، وتتمركز في حيز التحليل المرئي من قبل المشاهد/ القارئ للوحة الفنية لكل مشهد في القصة. كُتبت الحكاية، وتموضعت في الصفحات، كأنها مرادف لجمالية الصورة، بالنسبة للقارئ العربي تبقى غير مفهومة، ولكنها تضفي نكهة تواصل فريدة، تعمل كفعل الفيلم السينمائي، في استخلاصه للمشهد الصامت، دونما رغبة جامحة للكلام، بالمقابل ترسل للمتلقي فائضا من المشاعر البصرية والعاطفة الحسية المرهفة، التي تدير مسألة تفعيل المخيلة الإبداعية، وتصل بالمتلقي إلى فضاءات التساؤل والبحث والابتكار. التشكيل اليدوي في الصناعة الحرفية للكاتبة، تضعها أمام مسارات إبداعية متعددة، من خلال اعتمادها على نفسها في نسج شخصية الأم وشخصية الابن في القصة، فهي لم تكتفِ بإعداد النموذج المصور، شكلياً، ولكنها قدمت نفسها كمستشعر وخالق للنص، بالسماح للشخصيات في أن تكون مجسماً قابلا للمس في المحصلة النهائية، حيث خرجت من عدسة الكاميرا وعكست نفسها، كحضور حقيقي، على واقع الورقة في الكتاب. الرمزية الشعورية في المشهد البصري للحكايا لا تحتاج إلى تفسير أو توضيح، فالنظرة الأفقية التي تطلقها الشخصية الرئيسية بتجاه الابن في المطبخ أثناء تأمله لعلبة البيض، تعطيك وحياً بالعلاقة بين الشخصيتين، ورغباتهما. أما الاحتضان التام فوق غيمة بيضاء بين الشخصيتين، في أحد المشاهد القصصية في الكتاب تنقلك للعلاقة الوجودية بين أحضان الأمومة، بنسق منساب، تظهر فيه الجودة الطباعية كمرادف لحالة المنتج الإبداعي ككل. ما تطرحه القصة الكورية، من تساؤلات مهمة، هو اللغة البصرية الجمالية لسرد قصص الأطفال، والتي تحكمها لغة صامته، والصمت هنا يرجح فكرة غياب الكلمة وتسيد الصورة، باعتبارها نصاً، فهل يمكن أن نقتني قصة كورية أو يابانية أو صينية للأطفال، تحكمها اللغة العالمية للصورة، دون الحاجة لوضع كلمة واحدة تسرد الحكاية، بمعايير فوتوغرافية أو رسومات أو تصاميم ترتكز على احترافية السرد المرئي، وبتالي تبقى الحكاية واقعة في الرؤية الخاصة لكل طفل، دونما تدخل مباشر من الراوي أو القارئ الكبير، لإتمام فعل تفسير الحكاية. وفي نفس المحور، فإن الأسئلة ستتجه نحو الترجمة، التي لا يمكن الاستناد إليها في هذا المشروع، لما يمتلكه من مضامين حسية عالية تعتمد على التشكيل الإبداعي المتخيل، من دون سرد لغوي مختزل أو مبسط، وبالتالي فإن التكلفة الإنتاجية، ستحكمها معايير مختلفة. والأهم من ذلك أن الطفل سيمتلك فضاء أكثر حرية في إدراك اللحظة الإبداعية للمنجر المعرفي في القصة، من مختلف دول وحضارات العالم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©