الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العريس الجزائري يجوّع عروسه ويهجرها سبعة أيام

العريس الجزائري يجوّع عروسه ويهجرها سبعة أيام
3 أغسطس 2009 01:28
بالرغم من مظاهر المدنية الحديثة التي غزت مختلف مظاهر الحياة لدى الجزائريين ومنها أعراسهم التي أضحت تُقام في قاعات الأفراح والفنادق الفخمة وتخرج فيها العروس في سيارة ليموزين فاخرة، إلا أن الكثير من الجزائريين لا يزالون يصرُّون على تطبيق عادات وأعراف وطقوس غريبة وأخرى طريفة ورثوها أباً عن جد ويرفضون الحياد عنها، لاسيما في الأرياف والمناطق الداخلية بالجزائر. ومن عادات بعض الجزائريين في الأعراس أن الإناء الذي يُستعمل في تخضيب يدي العروس بالحناء يُخفى أو يُدفن في مكان سِرِّي حتى لا يعثر عليه أحدٌ، لأن العثور عليه وأخذه يعني إصابة العروس بالعقم حسب اعتقادات هؤلاء. وفي قرى بمنطقة القبائل الأمازيغية لا تكاد تصل العروس إلى البيت حتى يستقبلها الأطفالُ مهرولين ويرشقونها بالتمر أو قطع السكر، لجلب «فأل حلو» فتصبح حياة العريسين حلوة كالسكر أو التمر. أما منطقة الأوراس الأمازيغية بدورها، والتي تقع شرق الجزائر، فهي تتميز ببعض العادات الريفية أثناء الزواج، ومنها حمل الأب لابنته وإخراجها من البيت إلى حيث ينتظرها موكب السيارات، وكأنه يحمل طفلة رضيعة، وحينما تصل إلى بيت عريسها يقوم أبوه بإخراجها من السيارة وحملها إلى أن يدخلها غرفتها داخل البيت العائلي الكبير. والغريب أنه لا يحق للعريس حضورُ عرسه، وإلا تعرَّض لنظرات الاستهجان والاستغراب، ويكتفي بتلقي التهاني من أصدقائه بعيداً عن البيت والعرس. وفي الليل يدخل متخفِّياً بعد صلاة العشاء لئلاَّ يراه أحدٌ وكأنه قادمٌ للسرقة، وبعد «ليلة الدخلة» كما تُسمى في الجزائر، يختفي العريس أياماً عديدة لا يقابل فيها إخوته وأباه من فرط الخجل وكأنه أتى شيئاً نُكراً، ويتوارى عن القوم، إلى أن يزول خجلُه ويعود إلى البيت. إلا أن هذه العادات «الأوراسية» بدأت تختفي في العقدين الأخيرين حيث أصبح شبَّانُ اليوم يحضرون أعراسَهم ويرافقون العروس من بيت أهلها إلى بيوتهم ولا يختبئون بعدها، وقد بذل كبارُ السِّن جهوداً كبيرة للحفاظ على العادات القديمة واتَّهموا أجيالَ اليوم بـ»الوقاحة» و»قلة الأدب»، إلا أن مساعيهم لم تنجح سوى في حصر هذه العادات في قرى قليلة. منعٌ بالسلاح أما أطرفُ عادة في تواري العريس في الأوراس، فيحدث بمنطقة «ثنية الحد» بولاية تيسمسيلت غرب الجزائر حيث يمنع الأبُ ابنَه من الدخول على عروسه في الليلة الأولى تحديداً لاعتقادهم أن ذلك سيجلب مكروهاً، ومن العادة هناك أن يحمل الأبُ سلاحَ صيدٍ محلي يسمى «المُكَحْلة» ويقف في الباب لمنع دخول ابنه إذا سوَّلت له نفسُه «الأمَّارة بالسوء» مخالفة عادة القبيلة والبِناءَ بعروسه في الليلة الأولى ولم يصبر إلى الغد! وفي منطقة بودواو، 35 كيلومترا شرق الجزائر العاصمة، لا تخرج العروس إلا تحت رجْل أمِّها التي تقف وترفعها عن الأرض بالقدر الذي يسمح لابنتها بالخروج حبواً، بينما تخرج عرائس أخريات بعد أن يقف الأبُ بالباب ويرفع لباسه المحلي المعروف باسم «البرنُوس». ومن عادات العرائس في بعض مناطق الجزائر أنهن لا ينظرن وراءهن أبداً بعد الخروج من بيت أهاليهن مهما بلغت بهن الرغبة في إلقاء النظرة الأخيرة على بيت الصبا والشباب، وتتشدد الأمَّهاتُ في تحذير بناتهن من ضرورة تجنب الالتفات إلى الوراء لأن ذلك يعني في العرف فشل الزواج والعودة سريعاً إلى بيت الأب وهو ما ترفضه الكثيرُ من العائلات الريفية الجزائرية التي ترى الطلاقَ نقيصة اجتماعية تقترب من العار. وحينما تصل العروسُ إلى بيتها الجديد ينبغي ألا يسبقها إليه أحدٌ مهما كان السبب، وأثناء دخولها دورة المياه بعد ذلك، ينبغي أن تحمل معها نبات «الكمون» أو عشبة «الفيجل» لدرء «السحر» حسب المعتقدات المحلية، وأن تدور حول حزام ذهبي لجلب الخير، ثم يُجلب لها رضيعٌ لحمله تيمُّناً بالإنجاب. خرافة «سيدي أمعمر» والواقع أن العديد من العادات السالفة الذكر انحسرت رقعتُها الجغرافية الآن مقارنة بالعقود الماضية وأصبحت مقتصرة على قرى ومناطق صغيرة في مختلف جهات الجزائر بسبب زحف مظاهر المدنية الحديثة على مختلف أعراس الجزائريين الذين لم يجد الكثير منهم حرجاً في التخلي عنها. أمَّا العادات التي لم يستطع أصحابُها التخلي أو الحياد عنها قيد أنملة منذ 6 قرون إلى الآن وتتخذ صفة الإلزام والقهر، وتمتد على رقعة جغرافية كبيرة، فهي عادات أتباع الوليِّ الصالح «سيدي أمْعَمَّرْ» بولايات الشلف وعين الدفلى والبليدة وتيبازا وسط الجزائر؛ حيث يُفرض على جميع الأتباع مهرٌ لا يتعدى خُمسَ دينار جزائري وأن تكون الأعراسُ بسيطة لا بذخَ فيها وتخرج العروسُ إلى بيت زوجها حافية القدمين، ولا تأكل شيئاً في بيته لمدة 7 أيام ويتولى الجيرانُ إطعامَها وأهلها إذا رافقوها. ولا يمكن لأحدٍ من الأتباع مخالفة هذه الطقوس الصارمة وإلا تعرَّض لمكروهٍ ما. ويردِّد الجزائريون حكاياتٍ كثيرة عن مكاره حدثت لأتباعٍ لم يتقيَّدوا بهذه العادات من باب الفضول أو التحدي أو عدم الإيمان بها؛ كالعقم والطلاق والأمراض والحوادث المميتة.. وهو ما أدخل الرعب في قلوب باقي الأتباع وجعلهم يعتقدون بأن الأمر يتعلق بـ»لعنة سيدي أمعمر» ويستبعدون التفسير بالقضاء والقدر والصدفة وكذا التفسيرات العلمية والاجتماعية والطبية، وأصبحوا يتقيدون بهذه الطقوس حرفياً إلى اليوم. كما يُلزم أي جزائري من خارج المنطقة بالتقيد بها إذا أراد مصاهرة عائلة «أمّْعمرية» ويصبح بعدها تابعاً لـ «سيدي أمعمر» بدوره.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©