الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب في العراق... واشنطن تبحث عن دور «الوسيط»

الحرب في العراق... واشنطن تبحث عن دور «الوسيط»
3 أغسطس 2009 01:34
حرب العراق انتهت -بالنسبة لنا- غير أن ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة قد انتصرت أو حققت كل أهدافها أو أن الاقتتال بين العراقيين سيتوقف، كما لا يعني أن العراق بات مستقراً وديمقراطياً وخالياً من الفساد نسبياً. لقد وضعت الحرب أوزارها بالنسبة للولايات المتحدة؛ لأن العراقيين لم يعودوا يحتاجون أو يريدون القوات الأميركية في البلاد، إذ في كل مرة يخرج فيها الجنود الأميركيون من بوابات القواعد مع نظرائهم العراقيين في بغداد، فإنهم يضرون بصدقية وصورة القوات العراقية في أعين شعبهم ويزيدون مهمة شركائهم العراقيين صعوبة، ورغم أن كبار القادة العسكريين الأميركيين يفهمون ويقبلون هذه الحقيقة في المجالس الخاصة، إلا أنهم يرفضون الاعتراف بها. فالأسبوع الماضي ببغداد، فاجأ صحافي الجنرالَ «ري أوديرنو» -قائد القوات الأميركية في العراق- بسؤال حول ما إذا كانت الحرب قد «انتهت عملياً»، فرد عليه بالقول: «مازال ثمة مدنيون يُقتلون في العراق»، مضيفاً: «ومازال ثمة أشخاص يحاولون مهاجمة النظام العراقي الجديد وانتقال البلاد نحو الديمقراطية واقتصاد أكثر انفتاحاك وبالتالي، فمازال لدينا عمل نقوم به». وفي العاصمة العراقية يوم الثلاثاء، نطق وزير الدفاع الأميركي «روبرت جيتس» بالعبارة المعتادة والمتمثلة في «أنه مازالت أمام القوات الأميركية والعراقية (أيام صعبة)؛ لأن (أعداء العراق الحر يحاولون عرقلة التقدم)». وفي اليوم نفسه الذي تحدث فيه «جيتس»، قامت القوات العراقية بمداهمة مخيم منظمة إيرانية معارضةٍ في العراق، كانت القوات الأميركية قد حرصت خلال السنوات الست الماضية على توفير الحماية لها، ويتعلق الأمر بمنظمة «مجاهدي خلق»، التي كانت تتحالف مع صدام حسين ضد إيران، ولكن الحكومة العراقية الجديدة، التي تعتبر طهران حليفاً ممكناً، قررت أنه لم يعد من الممكن توفير ملاذ آمن لها على أراضيها. وقد أشار «أوديرنو» إلى أنه ليس من مهام الجيش الأميركي التدخل في ما يُعد في الأساس مسألةً عراقية داخلية، حيث قال: «الأمر يخص العراقيين»، ولكن نبرته كانت تشير إلى تغير كبير مقارنة مع الأيام التي كان القادة العسكريون الأميركيون يضغطون فيها على الحكومة العراقية من أجل طرد أو استبدال قادة يعتقدون أنهم يفتقرون إلى الكفاءة أو أنهم يجهرون بطائفيتهم. ويعترف الميجر «شين كويتر» بأن الشرطة العراقية في المنطقة مستقلة إلى حد كبير ولم تعد في حاجة إلى المساعدة، وبأن جنوده أصابهم الملل، والحقيقة أن العراقيين طلبوا بعض المساعدة من الأميركيين بخصوص جمع الأدلة والطب الشرعي، غير أن ذلك كان كل شيء، حيث يقومون بدورياتهم وتحقيقاتهم الخاصة بإشراف محدود، أو بدون إشراف على الإطلاق، من القوات الأميركية. ويقول كويستر: «بصراحة، يبدو أنهم يمسكون بقبضة قوية جدا على الأمور». وبعد الظهر، كان «جيتس» قد وصل إلى بغداد بالطائرة، حيث التقى وزير الدفاع العراقي عبدالقادر محمد جاسم في مقر الجيش العراقي -بناية رخامية بمصاعد لم تعمل منذ الأيام الأولى للغزو الأميركي- وخلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب الاجتماع، كانت كل أسئلة الصحافيين تقريباً موجهة إلى إلى جاسم، والحال أنه قبيل عامين فقط، لم يكن من الممكن تخيل أن يكون الوزير العراقي هو عنصر الجذب والاهتمام الرئيسي في مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي.الجميع كان يفترض أن الأميركيين هم الذين يديرون الأمور في الواقع وأن العراقيين هناك فقط من أجل وضع وجه عراقي على الجهود العسكرية الأميركية. ولعل ما يبعث على الاندهاش أكثر هو حقيقة أنه لم يكن للصحافة العراقية أي سؤال حول حركة التمرد أو الصراع لداخلي. وبدلاً من ذلك، طُرحت أسئلة من قبيل ما إن كان الأميركيون سيبيعون للعراقيين مقاتلات إف16، بينما طرح صحافيان عراقيان سؤالين حول استمرار التوتر مع الكويت. الواقع أن القوات الأميركية مازال لديها دور لتلعبه في العراق؛ لأن وجودها هناك مفيد من حيث إنه يلعب دور الكابح للغرائز الأكثر طائفية للجيش العراقي والزعماء السياسيين، ففي حال مداهمة مخيم مجاهدي خلق مثلاً، طلب مسؤولون أميركيون من العراقيين معاملة سكان المخيم معاملة إنسانية. ومما يذكر في هذا الصدد أن عدداً صغيراً من الجنود الأميركيين يرابطون خارج المخيم، وإن كان من غير الواضح ما إن كان وجودهم هناك قد أحدث أي فرق، حيث أعلن زعماء «مجاهدي خلق» والمحافظ في أواخر الأسبوع الماضي أن المئات من سكان المخيم جُرحوا فيما قُتل عدد منهم في الهجوم. وإضافة إلى ذلك، فإن الأميركيين يستطيعون التصرف كوسيط نزيه لحل الخلافات حول توزيع عائدات النفط والحدود الترابية في شمال العراق، وهما موضوعان كانا محور تركيز زيارة «جيتس» الأسبوع الماضي. وحتى عقيدة الجنرال «بترايوس» المعروفة لمحاربة التمرد، والتي أُتممت في 2006 عندما كان الجنرال عالقاً في براري قاعدة «ليفنوورث» بولاية كانزس، تقر بأنه ستكون ثمة لحظة، حيث ستفتت الجهودُ العسكرية الأميركية لتحسين الوضع في العراق صدقيةَ المسؤولين العراقيين وتجعل الأمور أسوء، ولئن كانت إحدى مسلمات الاستراتيجية تقول «إن عدم القيام بأي شيء يمثل أحياناً أفضل رد فعل»، فإنه بعد ست سنوات وأكثر من 4300 وفاة و31430 جريحاً، ربما تكون لحظة عدم القيام بأي شيء قد أتت. جريج جاف محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©