الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمارات.. الإشراقة

الإمارات.. الإشراقة
14 مارس 2013 10:33
كنخلة حبلى بالرطب، كنجمة تسترق السمع، إذ تحكي السماء قصة الخلق، كعاشقة مجنونة تلتقط حبات الوله من عيني فارس، تشدو في تيه البراري الموصلة.. منذ الزمن الأول، منذ الفصل الشتائي المكحل بالغيم وأنت تحلمين بمهجة لا تغدر ولا تفجر، ولا تكدر ولا تبرر معنى الخطيئة.. أنت هكذا وعد، وعهد، ومجد، وسرد، ووجد، وحد، وقد، ونجد، وصد، ورد، وسد، ومد، وفرد، وصمد، ووالد، وولد، وأحد، تسطرين الهوى، نجمات تبرق وتحدق وتتألق وتتفتق وتتطرق لأفق ونسق.. أنت هكذا مفردة في الجملة الفعلية، أنت هكذا النخوة العالية، أنت هكذا الشهوة الفضولية في الدماء والانتماء والاكتواء والاستواء والاحتواء والانضواء والابتداء والانتهاء والانقضاء تستدعين دوماً مثالية أفلاطون وتمرد نيتشه وعبثية سارتر العظيم.. أنت هكذا مثل عمر بن الفارض في قرضه الصوفي مثل ابن رشد في نخبويته الفظيعة. فضاؤك مثل قصائدك المفعمة بالشجون، فضاؤك مثل أحلامك الموشحة بالسندس والاستبرق، أنت مثل النمارق مبثوثة في الوجد والوجدان، أنت مثل الخلجان العميقة تزخرف ثوبها المائي بالزرقة وتحاور الله عن كون لم يزل يتهجى حروف الفكرة الأبدية.. أنت هكذا مخملية أزلية، زلزلية، تحملين الحلم أوراق النشور، والستور، والحضور، والسطور، والحبور، والحرور، والثغور.. أنت هكذا حورية تبدي وتعيد تخرج من شرنقة الأشواق القديمة، بقوة السحر وأبدية الدهر، وزمانك هذا خصال العاشقين في كتابة القصيدة المعلقة أو ما شابه ذلك من معجزات قلّ مثيلها. أنت هكذا تنحدرين من سطوة الألياذة العظيمة من براعة هوميروس في صياغة الفكرة وترتيب وجدان الناس بسجادة الحلم البهي، أنت هكذا تجذرين التاريخ على صفحات القلب، وتلونين المشهد بلون الصحراء والرمل العريق، تستدعين الغاف دوماً في حفل بهيج يحضره الطير وفراشات حزينة بألوان الطيف.. المقام والقوام أنت هكذا في المعنى، مقام وقوام، وإقامة وقيامة، ووجاهة النجباء، أنت الجنة والجحيم، أنت النار والثلج، أنت الغيم والضيم، أنت النعيم المؤبد، يطوق العنق ويثري الأفق، أنت امرأة تنعم باللمسة والهمسة، ويثري بالعيون الناعسة، أنت امرأة تغنج وتختلج لواعج تاريخ، ومن هنا، ولم يزل ينحت غوايته ووشايته، يذهب عميقاً في أحشاء الفكرة ولا يستفيق أحد إللاك، ولا يعنون العنيد سواك.. أنت والذي سوّاك، النفرة والعِبرة والعبارة المسطرة بنون الهوى وحبر النوى. قد يداهمك وغد بنكران وعد وعهد، وقد يغدر جاهم، واهم، معتم، مظلم، قد ينزل من علٍ ويهوى إلى سحيق المنكرات، لكنك وحدك الشمس المشرقة.. أنت المتألقة، الفائقة، الرائقة، المحدقة، الشاهقة، المتناسقة، الباسقة، أنت العلامة الفارقة في وهدة هذا الكون وتوعكه وارتباكه واشتباكه مع المتناقضات المهلكة، أنت وحدك التي نسفت حبات الرمل ورصعت الأمل قلادة بفرادة.. وأنت.. أنت ولا سواك نجمة في الأفلاك تخوضين معركة الوجود من أجل خلود موعود ونعيم ممدود، وفجر لا محدود، وصيت يعبر الحدود والسدود، أنت وحدك، نهر يغسل حنجرة العاشقين، فيصدحون بغناء يطرب له الطير والشجر، وينمو الحجر كائناً حياً، سوياً، عفياً، ندياً، صفياً، شفياً، نجياً، واعياً، بأحلام الناس، متماهياً، والكواكب الخارقة، والسماء المتدفقة إعجازاً ودهشة.. أنت وحدك هكذا، المثال في الخصال، والكمال، والجمال، والاستدلال، والاعتدال، والاستبسال، والامتثال، للرقي كقيمة ونظام، ووئام، وانسجام، واحترام. أنت وحدك الرقية على زند المبتهلين والمرتلين وأنت وحدك القدر في الخَلْق والخُلُق، وأنت المفرق والمفترق، والنهار المزمل، بشرشف الشمس، المدثر بدفء خيوط الحرير، وأنت القديم.. القديم في الزمن، والمكان، وأنت في النسيج كيان وأشجان. قد يباغتك لئيم، أثيم، مناع بزنيم، قد يخطف بعض المعنى، محتال، قوال، لكنك تبقين أنت في الفصل نصلاً، وأصلاً، وفصلاً، وحقلاً، ومنجلاً، وأهلاً لكتابة المعنى على صفحات التاريخ بحروف من لهب، وحبرك هذا المعطى المبهر، هذا الهديل، المستحيل، وعناق الأعناق، بأشواق العاشقين، ولهفة المدنفين، أنت وحدك تعرفين كيف يكون النعيق نفاق المجدفين الغارفين من وديان غير ذي زرع ولا ضرع.. أنت وحدك تعرفين أن الهوى أشواق لانساق، لا تقبل الافتراق، ولا الانشقاق وأن مادت الأرض ومارت تبقين أنت الصلابة والنجوع الخلابة، تبقين أنت الحقل والسهل، والمقل والقبل، والبَعدُ والقَبْلُ، والنهل، والعدل والبذل تبقين أنت، المد والمدد والمدى والامتداد، تبقين أنت، جذل الغصن وبذل الرسن، تبقين الجذب، والحدب، والخصب، والصخب، والرطب، والحطْب، والطرب، والشذب، والهذب، والعذب، والشهب، والكتب، والسحب، تبقين أنت الدار والنار وربقة الأسرار والأطوار، تبقين أنت المهجة المتطورة من نهج ولهج، ووهج، وفج، وحج، ورج، وزج، ومزج، وحدج، تبقين أنت المسافة المستديرة ما بين الوريد والوريد، ونايك رفرفة الطير على أجنحة الشجر والتغريدة، وشوشة الموجه عند ثغر ونحر. الرمل والعرق يا الله، أنت من زمان الكلمة الأولى، من نطفة التاريخ في رحم الأرض، من غزل الأحباب والتراب، من وجد قديم أقدم من النجوم والغيوم والسدوم، يا الله أنت التي غسلت الرمل بالعرق وأيقنت أن القلق سر المعرفة، ولا كلمة بدون نظرة ناعمة، تسري في الوجود كأنها الدماء في الجسد، يا الله، أنت الحلم المتطور نسلاً من فضول، وفصول، وأصول، وهطول.. وأنت.. أنت النقطة تزين حرف اللقطة، وأنت الحوار ما بين الأطوار، وأنت جمهورية الالتفاف والاصطفاف ولا اختلاف على الحب فيك ومنك وإليك، لأنك الأول والكل وعلة الوجد والموجود، لأنك الحب بلا حدود، لأنك العلاقة الحميمة في الدورة الدموية، ولأنك فوق كل ذلك النخب المؤزر بالعذوبة، ولأنك الصخب المؤطر بصدق العازفين على وتر الألفة واللهفة اللذيذة. يا الله، أنت هنا في التضاريس تجذرين شجرة الحلم وتغرسين الأحلام الزاهية أوراقاً أشبه بأجنحة النسور وتغدقين الناس أجمعين بنعيم الباذلين والباذخين، أنت هنا في المعرفة نظرية مثالية لم يتطرق إليها عقل بشر.. أنت هنا، السفر الطويل في بريق النجمة، وصهيل الغيمة، ورقرقة القيمة، وزقرقة الثيمة، في متن الرواية، وأصل الحكاية، أنك البداية بلا نهاية.. كورقة شفيفة على رمل الذاكرة، مبللة، بالأخضر، ككوكب يشق الطريق إلى السماء، محاكياً الوجود بمعجزة التكوين، هكذا أنت مسفرة مبهرة، مقمرة، على كتفك، يغني الزهر والدهر وتحتسي السماء فرحة الانتماء إلى نخوة المحبين. كعيني امرأة فرت من قسوره تظللين الأفئدة بحنان وأشجان، وتهدهدين من في عيونهم سغب ولا عتب ولا غضب، فأنت الفضاء المفتوح على الله، وعلى خلق السماوات والأرض، وأنت النجاعة، والمناعة، والقناعة، وأنت الكناية، والدراية، وأنت الغواية اللذيذة وأنت بوح السماء وصدح الدماء، حين تكون الأوردة هديراً، وغديراً، وحريراً، وخريراً، وجريراً، وصريراً، وقريراً، أنت ولا سواك حصاة الصبر، والقول، والخبر، والسهد، والسفر، والسغب والسهر، والخدر والحذر، والسهل والجبر، وأنت القدرة الفائقة على الصياغة والبلاغة، وأنت كتاب الأولين، ما ضرك ولا شانك، من جاش وغش، وتفشى، غمامة وقتامة، حتى وإن لبس العمامة، وقال أنا ابن جلا، وطلاع الثنايا، تبقين أنت الإمارات بلدي وسعدي وقبلي وبعدي، وأنت أثمد العين، ونون الحاجبين، وصفحة الجبين.. تبقين أنت بلا منازع، ولا جازع، ولا فازع، ولا قارع، ولا راقع، ولا كارع، ولا خانع، ولا خاضع، ولا جاشع، تبقين أنت ولا سواك، والذي سواك.. القوة والنخوة والسطوة والخطوة ونشوة العشاق في حضور كتابك المقدس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©