الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مواقف بمفعول رجعي...

مواقف بمفعول رجعي...
12 مارس 2013 20:47
جمع فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية بعض أهم لقاءاته الصحفية المنشورة في بعض الصحف والمجلات العربية المعروفة وأعاد طبعها في هذا الكتاب، تماما كما صدرت أول مرة دون أي إضافات او شروح أو تعليقات، كما تضمن الكتاب بعض أهم مداخلاته التي ألقاها في مناسبات سياسية مختلفة وفي منابر إعلامية، أو بمناسبة ندوات، وهذه المداخلات أيضا أوردها المؤلف في كتابه دون تنقيح على ما يبدو أو إضافات. وتصدر الكتاب مقدمة موجزة غير موقعة باسم المؤلف أو الناشر، تعرف بمسيرة فاروق القدومي وبنضاله السياسي بوصفه من الزعماء التاريخيين لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد نشر الكتاب في تونس تحت عنوان: “أزمة الثورة الفلسطينية: الجذور والحلول”. وفاروق القدومي لم يعد بعد اتفاقيات “أوسلو” الى فلسطين على غرار بقية قادة منظمة التحرير الفلسطينية الذين غادروا تونس بعد أن أقاموا بها 12 عاما، وبقي القدومي مقيماً في تونس الى اليوم، وله مكتب متواضع في حي “المنزه الخامس” بتونس العاصمة هو مقر الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلا أن الخلافات التي عصفت بالعلاقة بين فاروق القدومي والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) قلصت من دور الدائرة ووصل الأمر الى حد قطع الميزانية المالية عنها، وعدم دفع السلطة لأجور العاملين فيها للضغط عليهم قصد عودتهم الى رام الله. ورغم محاولات الصلح بين أبو مازن وأبو اللطف (القدومي) إلا أن العلاقات بينهما بقيت فاترة، وقد أراد محمود عباس خلع فاروق القدومي بوصفه وزيرا للخارجية وتنصيب نبيل شعث مكانه، ودارت بينهم جميعا معركة إعلامية وسياسية حادة. والكتاب يتعرض لكل هذه الإشكالات من خلال اللقاءات الصحفية المنشورة، والتي يعيد المؤلف نشرها دون شرح أو تعليق، تاركا للقارئ مسألة تكوين رأي في الموضوع. سيرة وخلافات وتضمن الكتاب مقدمة مختصرة جاء فيها وصف لفاروق القدومي بأنه آخر المحافظين على الثوابت، و”من الذين قادوا معارك التأسيس النضالي لتحرير فلسطين”، ولأن أبو اللطف كان ولا يزال معارضا لاتفاقيات “اوسلو” وله مؤاخذات كثيرة عليها، فإن مقدمة الكتاب تصفه استنادا لموقفه ذاك بـ:”الطود الشامخ” الذي “لا ولن يخضع ولا يساوم وسيحفظ له التاريخ مواقفه، وسيكون نبراسا لأجيال فلسطين القادمة، وضوءا ساطعا ينير الطرق، طريق الخلاص والتحرير”. ومقدمة الكتاب تضمنت السيرة الذاتية لفاروق القدومي منذ انطلاقة منظمة التحرير الفلسطينيّة، ووفق ما جاء فيها، فإن أبو اللطف قاد أخطر عمليات المواجهة مع إسرائيل وكلّ الدول التي تدعمها وتساندها في أكبر معركة دبلوماسيّة، عندما افتتح السفارات في شتّى أنحاء العالم، وقامت بدورها في التعريف بالقضيّة الفلسطينيّة. ان الشعب الفلسطيني ـ وفق ما ورد في الكتاب ـ لن ينسى رفض فاروق القدومي بصلابته المعهودة الاعتراف باتفاقيّة “أوسلو” أو الرضوخ لنفوذها وإذلالها للذين تعاملوا معها، وكان أوّل من نبّه إلى هدف هذه الاتفاقيّة التي يصفها الكتاب بـ:”المشؤومة” وهو إلغاء وجود الشعب الفلسطيني وتصفيته وإلغاء حق العودة وتهويد مدينة القدس. وفي مقدمة الكتاب أيضاً إشارات واضحة للخلافات التي حصلت بين القدومي وأبو مازن وبعض المسؤولين في منظمة التحرير، بل إن المفردات المستعملة كانت حادة، وتعكس مدى الخلاف الذي وصل حد القطيعة أحيانا بين ابو اللطف والسلطة الفلسطينية الحالية، فقد جاء فيها إشادة بموقف رئيس الدائرة السياسية: “رغم الفساد المستشري في إدارات السلطة القائمة، وما دمره الانحراف من قبل زمرة قادة الابتزاز السياسي، قادة التغييب والتهميش وسماسرة العمل الوطني الذين رفضوا المقاومة وبطولات رجال المقاومة، وابتدعوا التظاهر السلمي ومواجهة العدو الصهيوني الغاصب بروح رياضيّة” ـ حسب ما ورد في الكتاب ـ في حين ان القدومي تم تقديمه كرجل سياسة يؤمن بتفجّر مكنونات شعبه المقاوم من أجل استعادة الوطن الكامل وتحريره، كما سبق أن حرّره الآباء والأجداد، عندما حطموا جحافل الروم والصليبيين والمغول. آراء ومواقف وتضمن الكتاب فصلا أول عنوانه: الثورة الفلسطينيّة تضحيات وإنجازات” وفيه مقابلات صحفية لفاروق القدومي، من أهمها مقابلة مع مجلّة “فلسطين الثورة “ بمناسبة الذكرى 12 لانطلاقة الثورة الفلسطينيّة يناير 1977، وقد تم نشر حتى مقدمة اللقاء والإشارة الى أن ابو اللطف استقبل في مكتبه بالدائرة السياسية “إبراهيم برهوم وخالد العراقي” من “فلسطين الثورة” بالترحيب، وكان الثلج يتساقط على مشارف بيروت وكان البرد قارساً، مع ذلك فقد كان هذا الترحيب الحار والدفء الثوري في كلمات رئيس الدائرة السياسية كافيين ـ وفق ما جاء في الفصل المذكور ـ لتبديد امتداد الطقس إلى المكتب الذي لا يحتوي أيا من وسائل التدفئة، على الجدار خريطة كبيرة للعالم، وأخرى أصغر كتب عليها “فلسطين في 1976” ملونة حسب تأييد دول العالم للقضيّة الفلسطينيّة والدبلوماسيّة الفلسطينيّة حسبما ظهر في الدورة الأخيرة للأمم المتحدة عامها. وتم نشر اللقاء كاملا في الكتاب دون تحيين او إضافات. والحقيقة أن هذه اللقاءات الصحفية يمكن اعتبارها وثائق تصلح للمؤرخين وللدارسين لما تضمنته من معلومات وتحاليل ومواقف سياسية، ولكن القارئ كان يود لو كتب القدومي معلقا على هذه الأحاديث او شارحا الظروف التي جرت فيها، لأن أغلب هذه اللقاءات قديمة في الزمن ومرتبطة بمناخ سياسي ربما كان من المفيد التذكير به. صحيح أن إعادة مطالعة الأسئلة والأجوبة تضع المسائل في سياقها، ولكن كنا نود لو أن الناشر استدرج فاروق القدومي للكشف عن كواليس تلك المقابلات أو التعليق على فحواها، أو ربما تقديم قراءة نقدية لها بعد مضي أعوام طويلة على نشر البعض منها، ولكن اللقاءات الصحفية والخطب والمداخلات تبقى شهادة تاريخية لأحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، وأحد أكبر زعمائها التاريخيين. وجاء الفصل الثاني من الكتاب بعنوان: “أزمة الثورة الفلسطينيّة الجذور والحلول” وهو العنوان الذي تم اختياره للكتاب، والفصل الثالث موضوعه كان انتهاك الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وتضمن كلمة فاروق القدومي أمام الدورة الثالثة والأربعين للجنة حقوق الإنسان التي انعقدت بجنيف في الفترة بين 3 فبراير إلى 13 مارس 1987. اما الفصل الرابع من الكتاب، فقد تناول الأبعاد الفكريّة والسياسيّة للانتفاضة وتضمن أيضا لقاءات صحفية لفاروق القدومي ومداخلات له جمعها وأعاد نشرها هنا، والفصل الخامس جاء تحت عنوان “الانتفاضة واجبات وتحديات”، والفصل السادس تناول الراهن السياسي ومهام المرحلة، ومن بين مواده مقابلة مع مجلّة “المصوّر” المصريّة بتاريخ 17 سبتمبر 1991 وقد أجرت الحوار: د. سلوى أبو سعدة، وبقية الفصول تناولت مخاطر الحرب النفسيّة وسبل مواجهتها و”المنظمة والسلطة الفلسطينيّة ومستقبل القضيّة الفلسطينيّة”،وتم تخصيص الفصل التاسع لمهام فاروق القدومي الراهنة، ودائما من خلال الأحاديث الصحفية التي أجراها مع صحف ومجلات عربية، وتضمن الفصل العاشر دروس النضال وخبراته الثوريّة، من خلال مقابلة مع وكالة وفا الفلسطينيّة بتاريخ 13 يوليو 1997، وتصمن الكتاب مقابلة مع مجلّة “الخليج” وقد أجرى الحوار: العزب الطيب الطاهر بتاريخ 8 مارس 2003، ومقابلة مع جريدة “السفير” اللبنانيّة بتاريخ 5 سبتمبر 2003 وقد أجرى الحوار: محمّد شريدة وفي هذه المقابلة شنّ رئيس الدائرة السياسيّة في منظمة التحرير الفلسطينيّة أعنف هجوم على اتفاق أوسلو، وانتقد بشدّة محاولة الحكومة الفلسطينيّة استبداله بوزير الشؤون الخارجيّة نبيل شعث لدى الجامعة العربيّة، مشيرا إلى أنّ رئيس الحكومة محمود عباس عيّن بقرار من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وصلاحياته لا تتجاوز ما حدّده عرفات. وأورد الكتاب مداخلة للقدومي، عندما نزل ضيفا على المنتدى القومي العربي في لقاء سياسي وإعلامي نظّم في النادي الثقافي العربي شارك فيه عدد من السياسيين والإعلاميين، وقدّم فيه ابو اللطف عرضا مسهبا لمسيرة المقاومة الفلسطينيّة، بدءا من انتقال قيادة منظمّة التحرير الفلسطينيّة، مرورا بما واجهته المقاومة منذ ذلك التاريخ من مؤامرات وصولا إلى توقيع اتفاقات أوسلو في عام 1993 بين منظمة التحرير وإسرائيل. وعدّد القدومي مثالب اتفاق أوسلو وسلبياته، والمماطلات التي مارستها الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة خلال المرحلة الانتقاليّة من الاتفاق، حيث لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيليّة في الوقت الذي استمرّ فيه الاستيطان، واستمرت معه أعمال مصادرة الأراضي الفلسطينيّة. وتضمن الكتاب أيضا لقاء مع السيد فاروق القدومي أجراه د. إبراهيم حمامي ونشر بتاريخ 19 مايو 2005 في الذكرى السابعة والخمسين للنكبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©