الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قيمة الأشياء

قيمة الأشياء
3 أغسطس 2009 23:38
في حياتنا اليومية تمر علينا مشاهد كثيرة وأمور عديدة، فنركز على بعض الأمور فيها، ونهمل البعض الآخر، وهذا هو حال الإنسان، من الصعب عليه أن يلاحظ وينتبه ويدرك كل ما يدور حوله في الوقت نفسه خاصة عندما تزيد عليه المعطيات والمدخلات السمعية والبصرية والحسية. قد يظن البعض من كلامي هذا أن ما يثبت في الذاكرة هو ما أدركه الإنسان، فهذا غير صحيح فعقل الإنسان يخزن جميع الأمور والأشياء والأحداث التي تمر عليه سواء أدركها بوعي أم بغير وعي، والفرق هنا أن ما أدرك بوعي سهل تذكره، وما سجل في العقل الباطن بلا وعي يصعب تذكره بالأساليب العادية، فجميع المعلومات موجودة في الذاكرة. في كثير من المواقف الصعبة عندما تضيق علينا الأمور نتلفت حولنا علنا نجد ما يساعدنا أو يدلنا على الطريق الصحيح كمن يتعلق بقشة عند الغرق مع أنها صغيرة لا تدرك بعيون البعض. فندرك في كثير من تلك المواقف أننا كنا نملك من الأشياء البسيطة والصغيرة ما يفيد وينفع، بل أحياناً يكون فيها الخلاص من مشكلة ما أو حل لأزمة معينة، وهناك مقولة سمعتها قديما تقول: «عندما افلس تذكر ورث جده» فقد كان ورث جده لا يعني له قيمة، ولكن النائبات وضيق الحال غيرت ميزان التقييم عنده. قلت لأحدهم ونحن نتحاور في موضوع الإيجابية: «ما الذي يهدي الإنسان في الصحراء والبحر ليلاً؟» فقال: «النجوم»، فقلت في نفسي سبحان المولى عز وجل القائل: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون) (الأنعام:97)، فقلت له: «إنها صغيرة جداً في مساحة سوداء كبيرة، ومع هذا فإننا نراها مهمة ونحدق النظر فيها لتحديد مكانها، وأحيانا نستخدم التليسكوب لتكبيرها». ثم سألته: «ما الذي يدلك على الطريق الصحيح في الشوارع خاصة في وسط المدينة؟» فقال: «الإشارات والأواح المرورية»، فقلت له: «إنها صغيرة جداً مقارنة بحجم الطرق والبنايات واللافتات الإعلانية والدعائية وغيرها، إلا أنها مهمة بالنسبة لنا ونركز عليها لنعرف وجهتنا الصحيحة. وهكذا هو حال كثير من الأمور الإيجابية التي في حياتنا. فقد تكون صغيرة وبسيطة ولكنها لها وزنها في الأمور الصعبة وفي الأزمات، فالصغير ليس بصغير والكبير ليس بكبير، فالذي يحدد ذلك هي المواقف والحاجات». سئل حكيم: «أي الطعام ألذ؟» فقال: «عند الجوع يصبح كل ما يقدم للجائع لذيذاً»، والمثل العربي الشائع: «القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود»، فلعل حلكة الشدائد والمصائب تظهر لنا قيمة الأشياء، ونحن لا نعرف، كما ندرك قيمة الصداقة في وقت الحاجة. عزيزي القارئ تأمل حولك وفي نفسك وفيما تملك وما هو مكدس في أدراج المكتب ودواليب الملابس ومخزن المطبخ، وفي ذاكرتك وألبومات الصور.. إلخ، فستجد حتما فيها أشياء كثيرة قيِّمة وهامة ومفيدة، قد نسيتها أو أهملتها أو ظننت أنها أصبحت غير مفيدة. لا تستهين بما لديك من مخزون معلوماتي أو خبرة بسيطة أو قصاصات نثرية أو مصنوعات يدوية وغيرها فهي قد غيرت من حياة الكثيرين في العالم بشكل إيجابي عندما قيَّموا تلك النعم البسيطة فباركها الله لهم وجعلها بذور خير لأمور عظيمة في حياتهم. د.عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©