الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفْغَنة الحرب ضد «طالبان»

أفْغَنة الحرب ضد «طالبان»
3 أغسطس 2009 23:59
في صباح أحد الأيام، خرج الرقيب وحيد الله في قيادة مجموعة من المجندين الجدد بالجيش الأفغاني يبلغ عددهم 200 جندي، بدأت في تلقي تدريباتها على يديه في أحد الميادين العامة، حيث لاتزال بعض الدبابات السوفييتية الصدئة تراوح مكانها منذ ما يزيد على العشرين عاماً، في ذلك الميدان، كان يتعين على كل واحد من المجندين الجدد الزحف على الأرض تحت شبكة من الأسلاك الشائكة، وهو يجر معه بندقيته، فيما كان الرقيب وحيد الله يصرخ في كل واحد منهم قائلاً: «ازحف مستخدماً يدك وقدمك العكسيتين، وإياك أن تصوب بندقيتك إلى ذقنك.. إياك أن تلمس السلك الشائك؛ لأنه قد يكون مكهرباً ليقتلك.. عليكم تعلم هذه المهارات القتالية هنا والآن؛ لأنني لن أكون موجوداً معكم في معارك القتال لتدريبكم عليها». تأتي فترات التدريب هذه ضمن خطة عسكرية طموح -تدعمها كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا- تهدف إلى زيادة عدد أفراد الجيش الوطني الأفغاني من 88 ألفاً إلى 134 ألف جندي خلال السنوات الثلاث المقبلة، أما الهدف النهائي من الخطة، فهو إرسال المزيد من القوات الوطنية حسنة التدريب إلى معارك مواجهة متمردي «طالبان»، وإدارة المعارك معها على أساس شهري، في الوقت ذاته الذي يستمر فيه تمكين الأفغان من تحسين دفاعاتهم الوطنية.ويعد هذا التوسع ذا أهمية قصوى بالنسبة لاستراتيجية كل من حلف «الناتو» والولايات المتحدة الأميركية الخاصة بأفغانستان، حيث يرابط ما يقارب الـ10 آلاف جندي أجنبي يشاركون في العمليات القتالية ضد متمردي حركة طالبان، وبسبب تنامي عدد القتلى بين الجنود الأجانب، خاصة الرقم القياسي الذي شهده شهر يوليو المنصرم، حيث بلغ عدد القتلى بين هؤلاء 75 جندياً، تزايد القلق في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ومعه تزايدت الضغوط المطالبة في تلك الدول بأفْغَنة الجهود الحربية المبذولة هناك. غير أن الطريق لايزال طويلاً جداً أمام طموحات الأفْغَنة هذه، وتعترضه عقبات كبيرة أهمها ارتفاع معدلات الأمية وسط الأفغان، وحنين الكثير من المجندين الجدد لمحافظاتهم وديارهم البعيدة التي جاءوا منها إلى كابول، إضافة إلى الشعور بعدم الارتياح للتدريبات العسكرية الجارية بسبب التحول من الأسلحة السوفييتية التي اعتاد عليها معظم الأفغان، إلى الأسلحة الأميركية الجديدة، وفوق ذلك يتردد الكثير من الجنود الأفغان في شنّ الهجمات على متمردي «طالبان»، اعتقاداً منهم أنهم إخوة لهم ومسلمون مثلهم. منذ بدء تطبيق هذه الخطة العسكرية الجديدة خلال العام الماضي، تواصل استقطاب المزيد من المجندين الجدد لصفوف القوات الأفغانية على نحو منتظم، بينما انخفضت حالات الهروب من الخدمة بمعدل عالٍ جداً، حيث كان في الأعوام الماضية يصل حتى نسبة 40 في المائة، إلى أقل من 20 في المائة خلال العام الحالي -بل إلى 5 بالمائة، حسب مسؤولين عسكريين أميركيين- ويعود سبب استقرار الجنود في وظائفهم إلى تحسين أجورهم وتحسينها حتى بلغت 120 دولاراً في الشهر، إضافة إلى تنامي مكانة الجيش الأفغاني. وأحد أهم مؤشرات التقدم في تطبيق هذه الخطة، أن معظم الضباط والرقباء القائمين بمهام التدريب اليومي هم من الأفغان، مقارنة بكون معظمهم من البريطانيين والأميركيين حتى العام الماضي، وبهذا التحول فقد انتقل المستشارون العسكريون الغربيون للإقامة في قاعدة أخرى قريبة من معسكر التدريب ولا يتدخلون في شؤون التدريب اليومي، إلا في الحالات الاستثنائية الخطيرة التي يتلقى فيها المتدربون تمارين تتطلب استخدام الذخيرة الحية، وعلى حد قول الميجور البريطاني «ويليام واجربيك»، فهؤلاء الشباب ينحدرون من ثقافة حربية أصلاً، ويتعطش جميعهم لخوض المعارك والقتال. صحيح أنهم سعداء بوجودنا هنا قريباً منهم، إلا أنهم نشأوا على وعي مسبق بأنه سبق لهم أن هزمونا عسكرياً ثلاث مرات على الأقل ببطولتهم النادرة. بل إن بعضهم يعتقد أنه ليس لدينا ما نعلمهم إياه أصلاً. ولكن ما يثير شعور المتدربين الأفغان بنوع من التذمر والضيق، هو القرار الذي اتخذته الحكومة الأميركية مؤخراً -مع العلم أنها تتكفل بتمويل الجزء الغالب من عمليات تدريب الجيش الأفغاني وتزويده بالعتاد الحربي- بتخلي قوات الجيش الأفغانية عن استخدام رشاشات الكلاشينكوف الروسية الصنع، واستبدالها ببنادق M-16 الأميركية الصنع، وعليه طولبت القوات الأفغانية ببدء التدريب على البنادق الجديدة اعتباراً من شهر فبراير الماضي. وعلى رغم تأكيد القادة العسكريين الأميركيين المرابطين في أفغانستان لمزايا البندقية الجديدة وقولهم إنها أخف من الكلاشينكوف وأكثر كفاءة عند استخدامها لضرب الأهداف البعيدة فيما لو أُحْسن تنظيفها والمحافظة عليها، إلا أن الضباط الأفغان يردون عليهم بالقول إن السلاح المثالي بالنسبة لعامة الأفغان هو الكلاشينكوف. ولذلك يشتكي المتدربون الجدد من السلاح الأميركي ويعتقدون أنه من الصعوبة المحافظة على نظافته، إضافة إلى أنه لا يدوم طويلاً مثل الكلاشينكوف. باميلا كونستابل - كابول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©