الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجميع يجب أن يراهم

4 أغسطس 2009 00:01
«إنهم يرفضون دفن المسيحيين؛ لأنهم يريدون البلاد كلها أن تراهم».. فبحلول الليل يوم الأحد، وقف مئات السكان هنا في تحدٍ واضح حول سبعة نعوش من الخشب الصناعي صُفَّت بعناية على السكك الحديدية التي تخترق البلدة»، وكانت مطالبهم واضحة أيضاً: ما لم تقم الحكومة بالتحقيق في أعمال القتل التي شهدتها البلدة وتقبض على المسؤولين عنها، فإنهم لن يزيلوا النعوش من مكانها. وقف أفراد الشرطة ينتظرون في حذر بالشارع، بينما أخذ رجل يخطب في جموع الريفيين مستعملاً مكبراً للصوت، ومؤججاً مشاعرهم، ومن ذلك غضب عارم من السلطات الإقليمية؛ لأنها لم تتدخل لوقف أعمال القتل، كما يقولون. «الموت لحكومة البنجاب!». كانت موجة من العنف الديني قد ابتلت هذه البلدة الريفية صباح السبت عندما زحفت حشود من المسلمين الغاضبين إليها، للانتقام مما يعتقدون أنها عملية لتدنيس القرآن جرت قبل نحو أسبوع، وحين انتهى العنف، كانت النيران قد التهمت عشرات المنازل وكنيسة البلدة قد تحولت إلى خراب، كما يقول السكان إن اثنين من سكان البلدة قُتلا بالرصاص، بينما أُحرق خمسة آخرون أحياء من بينهم طفلان. والواقع أن أعمال القتل أصبحت أمراً معتاداً في باكستان، غير أن هذا الهجوم صدم وأفزع البلاد لشراسته وفظاعته، وللرسالة القوية التي ينقلها إلى الأقليات الدينية، كما رأى الكثيرون فيه دليلاً إضافياً على تزايد قوة «طالبان» والجماعات الإسلامية المقاتلة في إقليم البنجاب، الذي يضم نحو نصف سكان باكستان. وعلى ما يبدو، فإن النزاع بدأ مع حفل زفاف، حيث يفيد تقرير الشرطة أنه في مساء الخامس والعشرين من يوليو مر موكب زفاف مسيحي عبر بلدة كوريان المجاورة، وكان المحتفلون يرقصون ويرمون الأوراق المالية في الهواء فرحاً، وفق العادات والتقاليد المحلية. غير أنه في الصباح، أبلغ أحد السكان الشرطةَ بأنه عثر على قطع أوراق ممزقة ومتناثرة على الأرض عليها كتابة باللغة العربية، فـ«فحصناها، وكانت صفحات من القرآن الكريم». وبعد أربعة أيام، اضطر المتهم، وهو واحد من المحتفلين بالزواج ويدعى «طالب مسيح» للاجتماع مع الشيوخ المحليين الذين طالبوا بمعاقبته. ولكنه بدلاً من أن يعبر عن ندمه وأسفه -كما ورد في التقرير- نفى أن يكون قد دنس القرآن، ونتيجة لذلك «استولى الغضب والحنق على كل السكان المسلمين»، ليبدأ حرق المنازل تلك الليلة ثم هدأت الأمور حتى صباح السبت. في ذلك اليوم، انتاب القلقُ «رياض مسيح» -المعلم المتقاعد الذي يبلغ من العمر 68 عاماً- وهو يشاهد قدوم الحشود التي كانت تهتف بشعارات معادية للمسيحيين وتلعن الأميركيين، فأغلق منزله ولجأ مع زوجته وأبنائه إلى منزل صديق مسلم مجاور، ثم دخلت الحشود البلدة، وكان بعض أفرادها يحملون أسلحة وقد ارتدوا أثواباً سوداء تحجب رؤوسهم ووجوههم -حسب روايات عدد من الشهود- وتراشق بعض السكان والمحتجين بالحجارة، ثم اندلع إطلاق النار. وباستعمال ما وصفه بعض السكان بالجازولين ومواد كيماوية أخرى قابلة للاحتراق، أضرمت الحشود الغاضبة النار في منزل «مسيح»! وينتمي أربعة على الأقل ممن قُتلوا في هذه الأحداث إلى منزل واحد، فبينما كان المحتجون يقتربون، استقرت رصاصة برأس حامد مسيح، الذي كان يعمل بناءً، وهو واقف أمام باب بيته، كما يروي ابنه «مين حاس» الذي جاهد من أجل حمل والده ونقله على دراجة نارية إلى المستشفى، بينما تكدس باقي أفراد الأسرة في غرفة خلفية، ولكن المنزل أخذ يحترق، فتوفي ثلاثة أقارب آخرون على الأقل، من بينهم أخوان في الخامسة والثامنة من عمريهما، في اللهب؛ ويقول «حاس»: «لقد كانت النار مشتعلة في كل مكان، وكان من المستحيل أن يخرجوا». غير أن الشرطة في «جوجرا» تؤكد أن العنف كان خارجاً عن سيطرتها، حيث يقول الشرطي «كاشف صديق»: « لقد حدث كل ذلك فجأة، وأفراد الشرطة الذين كانوا موجودين هنا كانوا أقل من أن يوقفوا ما جرى، وبالتالي، فليس من الإنصاف القول إنهم تركوا ذلك يحدث عن قصد». جوشوا بارتلو – جوجرا، باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©