يشتهر إقليم «هورتا دي سان خوان» في شمال شرق إسبانيا بمناظره الجبلية الخلابة، حيث تنتشر بها أشجار الزيتون واللوز التي يبلغ عمرها حوالي مئة عام، وهي المظاهر التي خلدها الرسام الشهير بابلو بيكاسو في لوحاته. أما الآن، فقد تحولت أجزاء عديدة هناك إلى مناطق مهجورة، حيث قد يشعر المرء أنه على سطح القمر. فالأرض يكسوها اللون الرمادي، أما الصخور المتناثرة فقد اتشحت بالسواد، بالإضافة إلى الأشجار المحترقة والمعدات التي تركها رجال الإطفاء خلفهم.
واحترق 5 من رجال الإطفاء حتى الموت بين الضحايا الذي وصل عددهم إلى 11 قتيلاً حتى الآن بسبب الحرائق المستعرة التي دمرت أجزاء واسعة من أسبانيا هذا الصيف. وعدد الوفيات هذا العام هو الأعلى في حرائق من مثل هذا النوع منذ عام 1995، عندما لقي 19 شخصاً حتفهم. كما أتت النيران المستعرة على ما يربو على 75 ألف هكتار من الزراعات هذا العام، أي حوالي ضعف المساحة التي احترقت العام الماضي. وكافح المئات من رجال الإطفاء أمس حريقاً اندلع في غابات جزيرة لابالما، إحدى جزر الكناري، ما أسفر عن تدمير عشرات المنازل وتشريد آلاف الأشخاص. وطلبت صحيفة «إل موندو» اليومية في افتتاحيتها «بالقيام بالمزيد لمنع الحرائق». ويعتقد أن البرق كان السبب في العديد من حرائق الغابات هذا العام. لكن الغالبية العظمى من مثل هذه الحرائق كان السبب فيها العامل البشري. على سبيل المثال، مزارعون كانوا يحرقون القش. ولكن العديد من الحرائق تم إشعالها عمداً على يد أشخاص يحاولون إزالة جزء من الغابات لتحويله مرعى للماشية، أو إلى منطقة صيد أو ربما للانتقام من أصحاب الأراضي. ونقلت صحيفة «إل باييس» اليومية عن خبراء قولهم إن حوالي 2% فقط من حرائق الغابات يشعلها مخربون يعانون اضطراباً نفسياً ويستمتعون بمشاهدة النيران. وصعدت أسبانيا من جهودها لمنع، واحتواء حرائق الغابات، بتحسين التنسيق بين السلطات المركزية والإقليمية، وإعداد عشرات الآلاف من رجال الإطفاء والجنود والمتطوعين، إلى جانب توفير أكثر من 70 طائرة ومروحية لاستخدامها في عمليات مكافحة الحرائق. وأنفقت الحكومة أكثر من 40 مليون يورو(57 مليون دولار) خلال العام الجاري لمنع نشوب الحرائق، فقط. واعتقلت السلطات المسؤولة نحو 50 مشتبهاً بهم في إضرام الحرائق عمداً خلال الأشهر القليلة الماضية، وعلى الرغم من هذا، لم تتضح أسباب اندلاع حوالي 50% من الحرائق.
عدد اليوم
