الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرسالة تصنع المكانة

4 ابريل 2018 22:18
لم يترأس «محمد صلاح» نجم المنتخب الوطني المصري لكرة القدم والمحترف عالمياً في نادي «ليفربول» الإنجليزي حزباً، ولم يمتلك شركات عابرة للقارات، ولكنه ملك القلوب، وصنع من ذاته نموذجاً وطنياً وقيمة إنسانية يحتذى بها. الرجل ببساطة ابن إحدى قرى مصر الولادة، علِمَ أن في الحياةِ مسارَين، فإمّا أن يكون من أصحاب الرسالة أو أصحاب التجارة، فاختار الرسالة الإنسانية والمواطنة الإيجابية، وتَرَفَّع عن المصالح الذاتية والمنفعة الآنية؛ فأتت له الدنيا طائعة ووصل إلى العالمية. لهذا اللاعب ذي الخمسة والعشرين ربيعاً شفرة يسهل على أصحاب الرسالة فهمها، بينما يصعب على أصحاب الرؤية الضيقة حلّها. «محمد صلاح» شخصيّة استثنائية متفردة صاغتها أفعاله قبل أقواله؛ وبنظرة عميقة سنجد نسيجها البهيّ مغزولاً من خمسة خيوط؛ الخيط الأوّل التزامه بخُلق دينه وقيم مجتمعه، فآثر الزواج في سنٍّ صغيرة ورُزق ابنةٍ سمّاها «مكّة»، ليبوح للعالم بقِبلته الروحية التي ينطلق منها لأداء رسالته في إعمار الأرض. والخيط الثاني هو «الإنسانية»، ليشيّد أعمال الخير في مسقط رأسه بصمتٍ خفيّ، ويشقّ بالعطاء سبيله إلى تجارة عامرة مع الله وليس استثمارا كاسداً نحو الشهرة. أما الخيط الثالث فيمتدّ من «المواطنة الإيجابية» التي غدا أفضل ممثّلٍ لها، وخير سفيرٍ باسم «مصر» إلى أقصى بقاع الأرض. والخيط الرابع ينسلّ من قيمه الإنسانية الراقية، فتسعد حين يَرِد إلى سمعك أن بعض من دخلوا الإسلام حديثاً من أوروبا، مثّل لهم «محمّد صلاح» خير نموذجٍ للمسلم المعتدل الصالح؛ فلا غرابة من تصريحات الرجل التي ينتقيها بعناية، ومواقفه التي يُعبر عنها بحذر وبعبء شعوره بمسؤولية السفير والقدوة. ولأن المهارة والجدارة من أسس النجاح، فقد حرص النجم على أن يكون «موجوداً» بجهده وليس «موجوداً» بظهوره، لهذا أحرز منذ بدء رحلته «114» هدفاً عبر «292» مباراة، مما يدل على إيمانه بالنتائج الباهرة والأثر المستدام، لينساب هنا خامس الخيوط في النسيج الإنساني لهذا اللاعب المتميز. حقاً من يملك رسالة صادقة يصنع لنفسه مكانة ريادية وعالمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©