الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كارثة اليابان... يوميات ما بعد الطوفان

كارثة اليابان... يوميات ما بعد الطوفان
16 مارس 2011 00:36
ما زالت السلطات اليابانية تكافح باستماتة للوصول إلى أحياء مدفونين تحت الأنقاض أو مفقودين، وقد اصطدمت جهود الإنقاذ الحثيثة بالطرق المغلقة أثناء توزيع المساعدات، وفي ذات الوقت هرعت إلى احتواء حالة طوارئ نووية ما زالت تتفاعل. وفي هذه الأثناء، وصف رئيس الوزراء "ناوتو كان" الأزمة بأنها أكبر تحدٍّ تواجهه البلاد منذ الحرب العالمية الثانية مشيراً إلى أن بلدات مدمَّرة بمحاذاة الساحل الشمالي الشرقي لم تصل إليها بعد المواد الغذائية والإمدادات التي تحتاجها. هذا وقد هددت سلسلة من المحطات النووية غير المستقرة عبر اليابان بمفاقمة الصعوبات التي تواجهها البلاد، التي بدأت بكارثة مزدوجة: زلزال مدمر بقوة 8.9 على سلم ريختر، ثم مد "تسونامي" عاتٍ جرف كل ما في طريقه. وفي محطة فوكوشيما دايشي النووية، وقع انفجار بأحد المفاعلات نتيجة ارتفاع مفرط في حرارته. وبعد إعلان متحدث رسمي باسم الحكومة أن الوحدات يمكن أن تكون في حالة انهيار جزئي، سعى الجمهور القلق جاهداً لفهم تأثيرات وتداعيات أي تسرب إشعاعي على السلامة على رغم إعلان الحكومة أن السلامة العامة ليست في خطر. وبسرعة كانت الحصيلة الاقتصادية للكارثة واضحة للعيان أمس الاثنين حيث تراجعت أسواق الأوراق المالية اليابانية بأكثر من 5 في المئة. كما انخفض مؤشر "نيكاي" للشركات الكبرى في بورصة طوكيو بحدة بعد بدء التداولات لأول يوم كامل منذ أن ضرب الزلزال و"تسونامي" البلاد. والحال أن الناس هنا خائفون مما لا يستطيعون رؤيته ومصدومون بما يرونه: بلدات بأكملها ابتلعتها المياه؛ هذا في وقت يفيد فيه السكان الذين قصدوا الملاجئ والأشخاص الذين ينظمون جهود الإغاثة بأن أكثر المناطق تضرراً ما زالت لا تتوفر على ما تحتاجه. ذلك أنه لا يوجد ما يكفي من الطعام، وثمة نقص في المياه، وفي كثير من المناطق لا توجد تدفئة. كما أن عشرات الآلاف من الأشخاص ما زالوا مفقودين؛ وعمال الإغاثة لا يستطيعون الوصول إليهم. وبينما تعدت حصيلة القتلى 1000، قال قائد الشرطة في محافظة مياجي، التي تعد واحدة من أكثر المناطق تضرراً، يوم أول من أمس الأحد إنه ما من شك في أن 10 آلاف شخص على الأقل في المحافظة التي يبلغ عدد سكانها 2.3 مليون نسمة قد لقوا مصرعهم. هذا علماً بأن محافظات أخرى تقع في الجزء الشمالي من جزيرة هونشو الرئيسية في اليابان يمكن أن تسجل فيها حصيلة مماثلة. كما قال مسؤول من الصليب الأحمر إن المستشفى المحلي في بلدة إيشينوماكي الواقعة على ساحل المحيط الهادئ يخشى من أن الطعام وحليب الأطفال باتا على وشك النفاد. وفي هذه الأثناء، ما زالت معظم محطات الوقود الواقعة على طول الطرق الرئيسية المتجهة شمالاً من طوكيو تتوفر على الوقود -ولكن طوابير الانتظار طويلة وتمتد على مدى مئات الأمتار. وفي هذا الخضم، بادرت اليابان بتعبئة 100 ألف جندي -مضاعفة بذلك حجم القوة التي استدعتها عقب الزلزال- يسابقون الزمن لإنقاذ المنكوبين في المدن التي جرفتها أمواج المد البحري. وفي هذا الإطار، قال "كان" إن الحكومة تدرس إمكانية توزيع المواد الغذائية بحراً أو جوّاً، نظراً للمشاكل على الطرق المتجهة شمالاً. ولأن المحطات النووية المتضررة تركت البلاد بدون إمدادات الطاقة، فقد بدأت اليابان أمس الاثنين قطع التيار الكهربائي في جزء من البلاد يشمل طوكيو، التي تضم حوالي 13 مليون نسمة. وقد وافق "كان" على هذا الإجراء على رغم أن انقطاعات التيار المبرمجة -وهي سابقة بالنسبة لليابان المعاصرة- ستعيق الأعمال والتجارة في وقت يعود فيه هذا البلد المنكوب إلى العمل؛ حيث يقول مسؤولون إنه إذا لم يقم البلد بتوفير الطاقة، فإن انقطاعات غير مخطط لها يمكن أن تُغرق مناطق واسعة من البلاد في الظلام، الأمر الذي من شأنه أن يضيف عقبة جديدة إضافية بالنسبة لعمال الإغاثة. وفي هذه الأثناء، أظهرت صور "جوجل أيرث" الجديدة والمحدثة صوراً جوية للمدن والبلدات المنكوبة تحولت فيها فسيفساء من أسطح المنازل الملونة إلى ما يشبه العصيدة. وأفادت وكالة الأنباء "كيودو" بأن 5900 فقط من السكان في بلدة "ريكوزنتاكاتا"، الواقعة بمحافظة "إيوات" التي تضررت كثيراً، والبالغ عددهم 23 ألفاً، قد لجأوا إلى الملاجئ، فيما يعد الباقون في عداد المفقودين. وحسب شاهد عيان هو "يوكا إيشي"، الذي يعمل في مكتب بالبلدة على بعد ميلين من ساحل محافظة "مياجي"، فإن 2700 مبنى تقريباً قريبة من الخط الساحلي قد "ابتُلعت من قبل المد البحري، ولم يبق شيء منها"، مضيفاً: "إنني أعرف نحو 40 أو 50 مواطناً متقدماً في السن في تلك المنطقة من خلال عملي كمساعد اجتماعي؛ ولكنني لم أستطع الاتصال بأي منهم، أو حتى رؤية وجهه". وفي مدينة "سنداي"، التي تضررت هي أيضاً كثيراً وتقع بمحاذاة الساحل، مكث نحو 500 شخص مساء الأحد في مبنى المحافظة الذي لم تلحقه أضرار. أما الذين خرجوا فقد كانوا يستطيعون رؤية دخان حريق شب في مكان ما بمحاذاة الخط الساحلي. ويقول كاميرون بيك، وهو أميركي في الثالثة والعشرين من عمره يُدرس اللغة الإنجليزية بمدينة "سنداي" وكان في الملجأ: "لدينا ما يكفي من المكان والطعام"، مضيفاً "بعض الناس حصلوا على صناديق كرتونية من متاجر البقالة وصنعوا منها أفرشة. ولكن الجميع يبدون منهكي القوى، بشكل يفوق الوصف". تشيكو هارلان - طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©