الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: العنف الأسري.. مرفوض شرعاً

العلماء: العنف الأسري.. مرفوض شرعاً
12 مارس 2015 23:00
حسام محمد (القاهرة) «أب يقتل ابنه لبكائه المستمر، وولد يعتدي بالضرب على والده لحماية والدته من بطش زوجها»، و«زوج يعتدي على زوجته حتى تدخل في غيبوبة تموت على أثره» و«والد يعذب ابنته بالكي بالنار لاعتيادها الكذب عليه».... هذه الحوادث السابقة جزء مما تطالعنا به الصحف يوماً بعد يوم من «عنف أسري»، وتحول بيوتنا في الفترة الأخيرة لحلبات صراع بسبب إهمالنا لتلك الظاهرة، وعدم مناقشتها بشكل جدي لإيجاد أفضل السبل لمواجهتها. تداعيات خطيرة بداية يقول الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس: العنف الأسري سلوك عدواني لا يقتصر فقط على الجسدي إنما يمتد ليشمل كافة أشكال الاعتداء المادي الواقع على الجسم والمعنوي الواقع على الفكر والإرادة والاعتداء اللفظي، ومواجهة تلك الظاهرة تتطلب من المجتمع كله العمل على التوعية الكاملة للأسرة ضد العنف من خلال وسائل الإعلام المرئية وضرورة طرح موضوع العنف الأسري في البرامج الدينية في الإذاعة والتلفزيون لبيان دور الدين في هذا الشأن وتأكيده على أهمية رعاية الأطفال والمراهقين وعدم الإضرار بهم. ويضيف الدكتور صبحي العنف ظاهرة تتعارض مع القواعد التي أرساها الإسلام في المعاشرة بالمعروف، وأن الذي قد لا يعرفه الكثيرون أن ما يدور داخل الأسرة الواحدة تداعيات أبرزها أن تحول المنزل لحلبة صراع بين الزوج والزوجة يؤدي إلى حدوث الطلاق وما يترتب عليه من تشرد الأبناء وانحرافهم، وأثبتت الدراسات النفسية أن أكثر من 60? من حالات الطلاق تقع بسبب العنف اللفظي والجسدي، وأن الأبناء الذين ينتجون عن الطلاق ينحرفون ويلجأون إلى إدمان المخدرات وشرب المسكرات كوسيلة مزعومة لمواجهة التفكك الأسري الذي عانوا منه في سن مبكرة، وكذلك جنوح الأبناء كنتيجة حتمية لما اعترى جدران الأسرة من تصدعات رهيبة بسبب العنف الأسري. اللبنة الأساسية لكن كيف واجه الإسلام تلك الظاهرة؟ يقول الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الشريعة وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الإسلام حرص منذ البداية على وضع اللبنات الأساسية للأسرة المسلمة على التأكيد على احترام كل فرد من أفراد الأسرة لبقية أفرادها فحرص على أن يؤدي الأب دوره في الإنفاق على أسرته وجعل له حق الطاعة من كل أفراد الأسرة، وكذلك جعل للأم الحب والمودة وجعل عليها رعاية الأسرة وتحصين نفسها وبناتها حماية لقيمة الأسرة في المجتمع الذي تعيش فيه باختصار فقد حرصت الشريعة الإسلامية على ترسيخ مبادئ القيم الأخلاقية والشيم التربوية في نفوس المسلمين. تبادل الحب وليس الضرب الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفقه بجامعة الأزهر تؤكد من جانبها أن الإسلام جعل من الزواج سكينة ورحمة وليس عنفا وإيذاء حيث قال الله تعالى في محكم آياته: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» «الروم 21»، ويؤكد العلماء في تفسير هذه الآية أنها تعبير عن رغبة الشارع الحكيم في بناء أسرة متماسكة ومستقرة والتأكيد على أن العلاقة بين الزوجين لا تقوم على القهر والتسلط والاستعلاء - كما يفعل كثير من الناس باسم الدين في هذه الأيام - وإنما تقوم على المودة والرحمة، وبتعبيراتنا المعاصرة الحب والتعاطف وتبادل المشاعر الجميلة وليس تبادل الضرب والإهانات وللأسف. أما الزوجة - تقول الدكتورة آمنة نصير - فعليها أن تكون حلوة المعشر ولا يرى الرجل منها ما يسيئه وأن تسعى إلى حل الخلافات الزوجية - وهي أمر طبيعي بالمناسبة - بالهدوء وعدم الانفعال وتسعى دوما إلى تلافي تلك المشكلات بالصبر والحكمة ومقابلة السيئة بالحسنة والصفح وغض بصرها وعدم ترصد أخطاء الزوج وعدم التسرع في طلب الطلاق، لأنه آفة الامة كلها اليوم تكمن في تسرع النساء لطلب الانفصال رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أكد أن أبغض الحلال هو الطلاق باختصار فإن كلا طرفي العلاقة الزوجية عليهم منذ اللحظة الأولى لزواجهما أن يعملا على تبادل الحُب والعطف بينهما وبعد إنجاب الأبناء والبنات عليهما تبادل الحب والعطف بينهما وبين الأولاد. السعادة المنشودة ويشير الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية ووكيل الأزهر الأسبق إلى أن الجهل والعادات والتقاليد البالية هي أهم أسباب انتشار العنف الأسري، حيث يتخيل الرجل أن ضرب الزوجة أو الأبناء هو جزء من رجولته وواجبه نحو أسرته فلا يراعي كون أفراد أسرته بشرا مثله ولا يدرك أن ضربه للزوجة أو الأبناء ينشر العنف بين أفراد الأسرة، فتقوم الأم بممارسة العنف نحو أبنائها دون ان تدرك تداعيات ذلك عليهم ليصبح البيت كله عبارة عن حلبة للصراع بدلاً من كونه مقر للسكن والألفة والحميمية. ويقول: وإذا كنا نريد مواجهة تلك الظاهرة فلابد من عودة دور المسجد فلا مانع من أن يقوم المسجد بعقد الندوات واللقاءات لأولياء الأمور ليتم من خلالها توعيتهم بالمناخ الأسري المناسب للنمو النفسي السوي للأبناء وتجنب بعض أساليب التنشئة غير السوية ودعوة أولياء الأمور في المساعدة في حل مشكلات أبنائهم من ذوي المشكلات الخاصة فيجب ألا يقتصر دور المسجد على العبادة وتأدية الشعائر فقط بل يجب أن يكون المسجد منبراً للتوجيه والإرشاد وتعليم الناس أمور دينهم. ويضيف: على الجانب الاخر فأنا أخاطب كل فرد من أفراد الأسرة المسلمة خاصة الزوج والزوجة أن الألفاظ الحسنة والكلم الطيب والدعاء والشكر والثناء والاعتراف بالجميل والمبادرة بالفضل وتبادل الهدايا من غير مبالغة وإظهار الاهتمام والمشاركة في الحديث، ومشاورة الرأي والتشاور في علاج المشكلات والإنصات الجيد وعدم الاحتقار والتنقيص والتهويل والازدراء والاعتذار عن الأخطاء والتواصل في حال الغياب بالمراسلة والمهاتفة والوسائل المتاحة، كل ذلك طريق للحياة الكريمة والسعادة المنشودة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©