الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

عمر بن عبدالعزيز.. الخليفة العادل

12 مارس 2015 22:50
أحمد مراد (القاهرة) حفيد الفاروق عمر بن الخطاب، خامس الخلفاء الراشدين، العابد الزاهد الذي نقل عصر الوحي بقيمه ومبادئه إلى عصره، جدد للناس سيرة الخلفاء الراشدين، فسار بسيرتهم، وسلك طريقهم، وأعاد في خلافته- رغم قصرها- معالم نهجهم. هو الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز الذي تولى الخلافة سنة 99 هجرية، وبمجرد أن تولى المسؤولية عمل على إحياء مبدأ الشورى، ففي أول لقاء قال: يا أيها الناس إني قد ابتليت بهذا الأمر من غير رأي كان مني فيه، ولا طلبة له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم فصاح الناس صيحة واحدة: قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضينا بك. حقوق الإنسان واجتهد عمر في مدة ولايته حتى رد المظالم وصرف إلى كل ذي حق حقه وكان مناديه في كل يوم ينادي: أين الغارمون، أين الناكحون، أين المساكين، أين اليتامى حتى أغنى كلا من هؤلاء، حتى إن الخوارج، الذين قاتلوا الخلفاء قبله، لما رأوا من سيرة عمر رد المظالم، اجتمعوا وقالوا: ما ينبغي لنا أن نقاتل هذا الرجل. وكان عمر إدارياً عظيماً، إلى جانب صلاحه وتقواه، وزهده وورعه، فكان يختار ولاته بعد تدقيق شديد، ومعرفة كاملة بأخلاقهم وقدراتهم فلا يلي عنده منصباً إلا من رجحت كفته كفاءة وعلماً وإيماناً، فكان ممن اختارهم لولاياته العالم الفقيه، والسياسي البارع، والقائد الفاتح، وأعطى لهم الحرية في إدارة شؤون ولاتهم، فلا يشاورونه إلا في الأمور العظيمة، وبلغ من حرصه على الرفق برعيته، واحترامه لحقوق الإنسان أن جعل لكل أعمى قائداً يقوده ويخدمه، ولكل مريضين مرضا شديدا خادماً، ولكل خمسة أيتام أو من لا عائل لهم خادماً ويقوم على شؤونهم. سياسة حكيمة وفاض المال في بيت المال بفضل سياسته الحكيمة وعدله الناصع، فمكنه من فرض الرواتب للعلماء وطلاب العلم والمؤذنين، وفك رقاب الأسرى، وعال أسرهم في أثناء غيابهم، وحمل بيت المال تكاليف زواج من لا يملك نفقاته. واهتم عمر بإحياء الدين وتجديده في نفوس الناس، فكتب إلى عماله: اجتنبوا الأشغال عند حضور الصلوات فمن أضاعها فهو لما سواها من شرائع الإسلام أشد تضييعاً، ومن أعظم الأعمال التي خدم بها هذا الدين أمره بتدوين السنة، حيث كتب إلى الأمصار يأمر العلماء بجمع الأحاديث وتدوينها، وكان فيما كتبه لأهل المدينة: «انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبوه، فإني خفت دروس العلم، وذهاب أهله، كما أمر ابن شهاب الزهري وغيره بجمع السنن فكتبوها له، وكان ابن شهاب أحد الحفاظ الذين شاركوا في جمع الحديث، ويقول في ذلك: «أمرنا عمر بن عبدالعزيز بجمع السنن، فكتبناها دفترا دفتراً، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً». الشعور بالمسؤولية وكان عمر عظيم الشعور بالمسؤولية، الملقاة عليه، ففي أول خطبة خطبها، قال: أيها الناس من صحبنا فليصحبنا بخمس وإلا فليفارقنا يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها، ويعيننا على الخير بجهده، ويدلنا من الخير على مالا نهتدي إليه، ولا يغتابن عندنا أحداً، ولا يعرضن فيما لا يعنيه، فانقشع عنه الشعراء والخطباء، وثبت معه الفقهاء والزهاد. قالت زوجته فاطمة: رأيته يوما واضعا خده على يده ودموعه تسيل على خديه، فقلت: مالك فقال: ويحك يا فاطمة قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود واليتيم المكسور والأرملة الوحيدة والمظلوم المقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير وذي العيال الكثير والمال القليل وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد فعلمت أن ربي عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم فخشيت أن لا يثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت. وبلغ عمر بن عبدالعزيز أن ابنه اشترى خاتماً بألف درهم فكتب إليه: بلغني أنك اشتريت خاتماً بألف درهم، فبعه وأطعم منه ألف جائع، واشتر خاتماً من حديد بدرهم، واكتب عليه «رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه». توفي عمر وهو دون الأربعين من عمره، قضى منها سنتين وبضعة أشهر في الخلافة، ولقي ربه في الرابع والعشرين رجب سنة 101 هجرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©