الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الإسلام يكفل الحرية الدينية لأهل الكتاب

الإسلام يكفل الحرية الدينية لأهل الكتاب
12 مارس 2015 22:55
أحمد مراد (القاهرة) أسس الإسلام الحنيف لعلاقة المسلمين بأصحاب الأديان السماوية الأخرى- المسيحية واليهودية- على أساس من المودة الكاملة والرحمة الخالصة من منطلق أن هاتين الديانتين تشتركان مع الإسلام في عقيدة التوحيد، وورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث المسلمين على حسن التعامل مع اليهود والنصارى، وأعطى لهم الرسول صلى الله عليه وسلم حقوقاً كثيرة تضمن حريتهم الدينية، وتحفظ كرامتهم وأعراضهم وأموالهم. مبدأ أصيل وتوضح الدكتورة إلهام شاهين- أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر- أن التسامح في الإسلام مبدأ أصيل، ويظهر ذلك بوضوح في القاعدة التي حددت علاقات المسلمين بأصحاب الديانات الأخرى، والتي نص عليها القرآن الكريم في قوله تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )، وكيف لا يكون المسلم متسامحاً، وهو يجل الأنبياء الذين يجلهم اليهود والنصارى، فموسى بالنسبة إليه «كليم الله» وعيسى «روح الله»، ومن ثم يجب تبجيلهما كما يبجل محمداً «حبيب الله»، وفي ذلك يقول القرآن الكريم: (... لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ...)، ومن هنا لا يجرؤ مسلم على التفوه بأقل بادرة في حق عيسى أو حق موسى، فسب المسيح أو موسى عليهما السلام لا شك يعتبر سباً للإسلام الذي يأمر باحترامهما والإيمان بدعوتهما. وتقول: لقد عامل الرسول صلى الله عليه وسلم النصارى معاملة كريمة رحيمة، ومن مظاهر التسامح الديني تجاه النصارى ما رواه ابن جرير نقلاً عن ابن عباس: «إن رجلاً من بني سالم بن عوف، يقال له- الحصين- وله ولدان مسيحيان وهو مسلم، سأل الرسول صلى الله عليه وسلم فيما إذا كان يجب عليه إكراه ولديه على اعتناق الإسلام، وهما يرفضان كل دين غير المسيحية فأنزل الله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ...)، وقد سار الرسول على هذا الهدي القرآني في معاملة النصارى بالرحمة والمودة والتسامح، وهناك العديد من مظاهر الرحمة والمودة تجاه النصارى في حياة الرسول، منها عدم إجبارهم على الدخول في الإسلام، والتكفل بحمايتهم ورعايتهم، واختيار الحبشة البلد المسيحي كمكان لهجرة المسلمين، ورحمته بأهل مصر وهم نصارى، والتأكيد على أنهم أهل صهر ونسب، واستقباله وفد نجران النصراني ومعاملته معامله حسنه، والمودة الواضحة في رسائله إلى الملوك النصارى وبخاصة ملك الحبشة، وأخيراً زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة مارية القبطية. العلاقات الاجتماعية وتضيف الدكتورة إلهام: ويبرز تسامح الإسلام مع أهل الكتاب- اليهود والنصارى- في تطور العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين في المدينة المنورة، والتي سجلتها بعض المعاهدات التي وقعها الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن بينها «وثيقة المدينة» التي اعترفت بيهود بني عوف، و بنى النجار، وبنى ثعلبة، وغيرهم من الجماعات اليهودية كجماعات لها دينها، ومن بينها أيضاً المعاهدة التي تم توقيعها مع نصارى نجران، والتي جعلت لهم ذمة الله ومحمد رسول الله، وجعلتهم آمنين على حياتهم وأملاكهم وأراضيهم، وعقيدتهم وكنائسهم، وأكدت على ألا يطرد رجل دين أو راهب من بيعته أو صومعته، ولا يجبر قسيس على ترك حياته الكهنوتية، ولا يخضعون لأية معاناة وإذلال، ولا أن يحتل جيش أراضيهم، ولا يضطهدون. ولاء للقوانين الخاصة ويؤكد الدكتور سالم عبدالجليل- وكيل أول وزارة الأوقاف المصرية الأسبق- أن الإسلام أكد على الحرية الدينية لكل أهل الأديان داخل الدولة الإسلامية من خلال عدة معاهدات مع اليهود والنصارى والمجوس في شبه الجزيرة العربية، وجعل اليهود والنصارى «أهل ذمة»، وقد حصلوا على العديد من الحريات الأخرى التي كانت مرفوضة في المجتمع المسلم مثل تربية الخنازير والتجارة فيها. ويقول: وفيما يتعلق بالجزية التي فرضها الإسلام على أهل الكتاب فلم تكن دليل إذلال لهم، ولكنها كانت تدفع كنوع من ولاء أهل الكتاب للقوانين الخاصة بهم، والمسماة بأحكام الملة، وطاعة القانون، فكما أن المسلم يدفع الزكاة كواجب، أو فريضة دينية فإن أهل الكتاب يدفعون الجزية كحكم من أحكام الملة وطاعة لهذه الأحكام كمواطنين داخل الدولة الإسلامية، ورحمة بالشرائح الاجتماعية الفقيرة والفئات الضعيفة من أهل الكتاب تم الإعفاء من دفع الجزية، وهذا دليل آخر على أنها لم تكن بهدف إذلال أهل الكتاب، فقد شمل الإعفاء النساء والأطفال والشيوخ المرضى والفقراء، والحقيقة أن قيمة الجزية لم تكن كبيرة، ولم تكن مصدر دخل كبير للدولة الإسلامية، وقد تم إعفاء أهل الكتاب من الخدمة في الجيش، وفي كثير من الأحوال تركت الجزية، أو أجلت، وكانت تعويضاً عن حماية الدولة لأهل الكتاب ضد أي عدوان، والدليل على ذلك أنها ردت لأهل الذمة في الأوقات التي لم تتمكن فيها الدولة الإسلامية من توفير الحماية لأقلياتها غير المسلمة. ويضيف: ومن مظاهر تسامح الإسلام مع اليهود والنصارى أن الرسول صلى الله عليه وسلم تناول طعام أهل الكتاب فيما عدا المحرم منه مثل الخنزير إرساء لأسس التواصل الاجتماعي واستناداً إلى التصريح القرآني: «وطعام الذين الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم»، كما شرع الإسلام الزواج من المرأة الكتابية، وتزوج الرسول من كتابيات، وهناك رابطة في الاتصال الاجتماعي نص عليها القرآن الكريم في الدفاع عن المحصنات من أهل الكتاب» أو المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب». منحة سنوية أما الدكتور حامد أبو طالب- عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر- فيوضح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد في يثرب أول معاهدة صداقة وتحالف وإقرار لحرية العقيدة لليهود، وتعد هذه المعاهدة من أهم الوثائق السياسية في تاريخ بني إسرائيل،ولم يسبق لأحد أن عقد لبني إسرائيل مثل هذه الوثيقة التاريخية العظيمة التي ضمنت لليهود حقوقهم السياسية، وحريتهم الدينية على قدم المساواة مع المسلمين، واعتبارهم مواطنين ينتمون إلى يثرب على الرغم من اختلافهم الديني والذي أعطى لهم ميزة على أهل يثرب الوثنيين قبل وصول الإسلام إليها. ويضيف: وقد قدر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا التميز الديني فعامل اليهود باحترام على الرغم من رفضهم لرسالته ونبوته، ولم يترك أمرهم ليتم النظر فيه سياسياً بواسطة أحد غيره، فقد جمع بين التنظيم الديني والتنظيم السياسي لحياة المسلمين، وقد سرى هذا إلى تحديد العلاقة مع اليهود دينياً وسياسياً، وبعد تقرير الحقوق الدينية لليهود نظم العلاقة السياسية معهم من خلال معاهدة الصداقة والتحالف التي أكدت الحقوق الدينية لليهود، ووثقت العلاقة السياسية معهم في وثيقة سياسية دينية في الوقت نفسه، وهذه الوثيقة المعطاة لليهود من الرسول صلى الله عليه وسلم اشتملت على كل حقوق الإنسان التي لم يُمنحها اليهود من قبل في تاريخهم السابق على الإسلام، حيث عاشوا تحت الاضطهاد والسبي، والنفي في مصر، وبلاد النهرين، ولدى اليونان، وفي الدولة الرومانية، وقد وضعت هذه الوثيقة كل القوانين المنظمة لعلاقة اليهود بالمسلمين على أساس من المساواة والمواطنة التامة، ومن أهم الحريات والحقوق التي أكدتها الوثيقة بالنسبة لليهود حرية العقيدة، وحرية الرأي، وحرمة الحياة والمال، فقد نتج عن هذه الوثيقة أن أصبحت المدينة وما وراءها حرماً لأهلها جميعاً ومنهم اليهود، وكان عليهم أن يدافعوا عنها باعتبارهم من أهلها. كما كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم تجاه جيرانه اليهود موقف العطف والمودة، فقد اعتاد زيارة منازلهم للسؤال عن أطفالهم المرضى، وهناك قبيلة يهودية في المدينة كان اسمها بنوعريض كان النبي صلى الله عليه وسلم راضياً عنها إلى حد أنه كان يمنحها منحة سنوية محددة، وكان حينما تمر عليه جنازة يهودي يقف كعلامة على العطف والرحمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©