الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الكتب كتب (1 ـ 2)

21 مارس 2014 23:16
منذ أن سمعت بمصطلح «جندر»، لم أتصور أنه يمكن التلاعب به، إلا بقراءة مقابلة خفيفة لأحد أصحاب دور النشر الغربيين المتخصصين في بيع كتب الأطفال. في هذه المقابلة يدافع الناشر بشدة عن بيعه كتب أطفال الروضة وما قبلها بقليل، القصص وكتب التلوين تحديداً، التي يصنفها على حد تعبيره حسب جندر القارئ الصغير ليصبح كتاب التلوين الذي يحمل عنوان «البنات الجميلات» و«السندريلا»، بناتي، بمعنى أنه من اختصاص البنات ويكون كتاب «الأولاد الرائعون»، ولادياً، من اختصاص الأولاد. الفكرة ليست غريبة لكن يحدث ذلك في الغرب؟! هناك يعرفون جيداً الفرق بين مصطلح جندر الذي يعني بالنوع الاجتماعي ومصطلح الجنس الذي يعني الاختلافات البيولوجية بين الذكر والأنثى فما الذي يحصل، لكي تصنف الكتب حسب جنس القارئ، ويتم التعامل معها على أساس الخلط بين الجنس والجندر، وهم أصحاب السبق في اختراع هذا المصطلح الذي يبدو فعلاً أنهم وضعوه ليحلوا واحدة من أخطر مشكلات المجتمع الإنساني، وليس التوصل إلى هذا النوع من الكتب التي يمكن تسميتها بالخلطة السرية لدجاج كنتاكي! هذه الخلطة استنكرتها دار «ووترستون للنشر» بقولها إنه « لا حاجة لها، وهنالك ما لا يعد ولا يحصى من الأساليب الأكثر ذكاء التي يمكن استخدامها لتسويق الكتب». في حين برر الآباء والمثقفون احتجاجهم عليها بأمور بدهية، وهي أن يتعود أبناؤهم أثناء القراءة على حرية الاختيار، وما يوفر المزيد من متعة القراءة ويفتح كافة الاحتمالات ليتصرف هؤلاء على نحو يلائم احتياجات المجتمع منهم؟ المهم أن هذا الناشر أبى واستكبر أن تصادر كتبه لأن خلطته الجهنمية حسب تصوره هي الطريقة الوحيدة الضامنة لنفاد إصداراته من الأسواق، بسبب اقتران كتب الأطفال المنشورة لديه بهدايا للبنات وللأولاد. وللموضوعية، تجد أنك تشاركه في شيء واحد، وهو أن الآباء في كل مكان شرقاً وغرباً على الرغم مما نسمع منهم أحياناً من تذمر، عندما يشترون كتب الأطفال والألعاب لأبنائهم يختارونها حسب جنس هؤلاء الصغار، وخير دليل لهذا على المستوى العالمي هو ما يفعله الآباء أثناء بحثهم عن الكتب في أرفف المكتبات الإلكترونية، ومنها مكتبة « أمزون» مثلاً، حين يرفقون لدى تسجيل طلباتهم بالكمبيوتر عبارتي كتب للبنات أو كتب للأولاد. ولعل هذا الناشر انتهز الفرصة، وبشيء من الذكاء السوقي والاسترخاء استغل فكرة الهدايا، وما توافر عنده من كتب قديمة من نوع كيف تصنع قوساً ورمحاً ،وكيف تؤدي بعض التمارين الرياضية العنيفة للذكور؟، وأين تحصلين على المزيد من الأفكار حول أناقتك وكيف تصبحين جميلة للبنات؟ « ليحقق ما يداعب خياله من ربح مادي له وجماهيرية لمؤلفيه و«يصطفلوا» أولئك الذين ينادون بالجندر. وللمزيد من الموضوعية نتذكر أولادنا الذكور الذين ينفرون من التلوين وقراءة الكتب ويفضلون الألعاب الإلكترونية و«الأكشن» بسبب هدايا السي دي التي لا تبجل العنف فقط بل تطرحه كنموذج. ومثلها تفضل بناتنا تلوين صور بطلات أفلام الأطفال الملهمات من أجل هدايا مثل «التوكة والمشط وأدوات المكياج». وإن صحت نظرية الناشر في تجنيس الكتب والهدايا بهذا الشكل لضمان سرعة نفادها من الأسواق فهي الخسارة، لكن الحقيقة أننا إلى يومنا هذا لا نعرف للكتب جنساً! m_juma@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©