الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوار أساس الوحدة

2 مايو 2010 22:54
تتشبث إسبانيا، مثلها مثل العديد من الدول الأوروبية، بقضية مجتمعاتها المهاجرة المتنوعة. لكنها، وبعكس معظم جيرانها، تتمتع بتراث غني ومتنوع تستطيع استنباط الدروس منه. "فهناك حالياً 192 جنسية مختلفة تعيش في إسبانيا. لكن هناك شعورا عاما بين المواطنين الإسبان العاديين بأنه يتوجب الترحيب بأي إنسان يرغب بالعيش هنا"، يقول الدكتور جستو لاكونزا بالدا، رجل الدين الذي تم ترسيمه في جمعية المبشرين في إفريقيا. وما يساعد على ذلك، يضيف بالدا، هو تفهّم مواطنيه أنه من خلال العيش معاً بسلام جنباً إلى جنب، يتوجّب عليهم قبول غنى تنوعهم وتعدديتهم إضافة إلى تعاونهم مع بعضهم بعضاً. وكانت إسبانيا تحت الحكم الإسلامي بين القرنين الثامن والخامس عشر الميلاديين، قد شهدت تعايشاً بين المسلمين والمسيحيين واليهود، مما أوجد تراثـاً ثقافيـاً غنيـاً فـي شبـه الجزيـرة الإيبيريـة. ولا زال بالإمكان رؤيـة بقايا التأثير الإسلامي، الأمر الذي يسهـل على الإسبان التعامل مع تنوع العصر الحالي. ورغم ذلك فالوضع أصبح أكثر تعقيداً، حيث "أوجد تفجير عام 2004 في محطة القطارات المركزية بمدريد، نوعاً من انعدام الثقة بين الإسبان الكاثوليك والمسلمين، كما يعترف بالدا. لكن الحكومة الإسبانية لم تألُ جهداً في إيجاد وعي عام بقبول التنوع في البلاد، من خلال حوارات الأديان التي عقدت بتعاون المجموعات الدينية المختلفة. لذا كان منطقياً أن يتم اختيار مدريد كمقر للاجتماع الآسيوي الأوروبي لحوار الأديان، في نسخته السادسة، تحت شعار "تجميع ودعم حرية الأديان والتفاهم المتبادل من خلال الحوار بين الأديان وبين الحضارات"، والذي عقد في أبريل المنصرم، وحضره 120 وفداً من 50 دولة، وتعامل مع ثلاث قضايا رئيسية: حرية الأديان وحقوق الإنسان، الاحترام والتفاهم المتبادل، والحوار بين الثقافات والأديان كجسر بين المجتمعات. وتشكل منظمة حوار الأديان الآسيوي الأوروبي، التي بدأت عام 1996، منبراً رفيع المستوى بين حكومات المنطقتين. ويشعر بالدا، الذي كان متحدثاً رئيسياً هذه السنة، أن وضع ماليزيا يذكّرنا بإسبانيا في العصور الإسلامية. "يستحيل التفكير بماليزيا دون التفكير بالمجموعات الرئيسية الثلاث (المالاو والصينيين والهنود) التي تختلف ثقافياً ولغوياً وعرقياً، لكنها معاً مثيرة للإعجاب. يستطيع شعب ماليزيا إيجاد أرضية مشتركة من خلال السعي لتحقيق الوحدة وليس التماثل والاتساق". وإلى ذلك أخذت إيطاليا هي أيضاً تكتشف أهمية حوار الأديان، وصرح ممثلها "فابيو سكينا"، المسؤول بوزارة الشؤون الخارجية، أن حكومة بلاده تدرك أهمية حوار الأديان في قيام علاقات أفضل بين المجتمعات المتنوعة. يقول "سكينا": "لقد تغيرت التركيبة السكانية عندنا قليلاً. ورغم أن غالبية سكاننا ما زالوا كاثوليكيين، فإننا نرى تزايداً في أعداد أتباع الديانات الأخرى، مثل الإسلام والبوذية". وحتى يتسنى تشجيع تفاهم أفضل في مجال الأديان، تسعى الحكومة الإيطالية للحصول على مساعدة المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال، "لذا فقد اخترنا أن نتعلم منهم والتعاون معهم في كيفية رعاية تفاهم أفضل بين الأديان، وكذلك التعامل مع احتياجات كل مجتمع على اتساعه". وثمة أيضاً تجربة سنغافورة؛ ففي عام 2006، قرر المجلس الإسلامي في سنغافورة، وهو مجلس قانوني تحت وزارة التنمية الاجتماعية والشباب والرياضة، أن يلعب دوراً أكثر فاعلية في تشجيع فهم أفضل للإسلام في بلد متعدد الثقافات مثل سنغافورة، من خلال تجميع برامج الانخراط المجتمعي عبر الأديان وجعلها أكثر مركزية تحت سقف واحد. ويسمى المركز عن جدارة "مركز التناغم" وتتواجد مكاتبه ومرافقه في مسجد النهضة. ويشرح "محمد علي أتان"، إمام المسجد، أن أهم نواحي مركز التناغم أهدافه الواضحة، والفوز بثقة غير المسلمين. لكنه يضيف: "ليس هذا الجامع منبراً لتحويل غير المسلمين إلى الإسلام، أو تدريس صفوف دينية للمسلمين. نودّ أن نتشارك في خصائص الإسلام مع غير المسلمين، لا أن نشجّع فقط تفهم أفضل بالإسلام، وكذلك تشجيع حوار الأديان والتشارك على كافة المستويات". وكما قال سكينا، "إنها عملية طويلة، لكن يجب أن نبدأها ونتابعها حتى النهاية... فالكلام عن القضايا يقود إلى وعي، والوعي بدوره يؤدي إلى علاقات أفضل". هارياتي عزيزان - صحفية ماليزية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©