الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما يعزف منفرداً في فترته الثانية!

21 مارس 2014 23:20
خلال الأسابيع التي أعقبت خطاب حالة «الاتحاد»، أصدر أوباما سلسلة من الأوامر التنفيذية التي تهدف إلى وقف مدّ التمييز العنصري والاقتصادي المتزايد الذي يهدد بتقويض نسيج المجتمع الأميركي. وتعكس جهود أوباما الرامية إلى تحويل الواقع السياسي للتركيز على المظالم الاقتصادية حقيقة أنه على رغم فوزه في اثنتين من الانتخابات الوطنية وإنقاذ «وول ستريت» والاقتصاد الأميركي من براثن الكساد العظيم، إلا أن الاقتصاد الأميركي لم يعد يعمل لصالح عشرات الملايين من أسر الطبقة المتوسطة العاملة والفقيرة. ويبدو أن خدمة إدارة أوباما من أجل التعافي الاقتصادي في الدولة آثر «الطبقة الثرية» على «الطبقة الفقيرة» و«البنوك» على «أصحاب المنازل». وأدركت الإدارة أيضاً، وإن كان بعد فوات الأوان، أن الشركات تفضل تحقيق تريليونات الدولارات من الأرباح وادخارها على استثمارها في الاقتصاد. وفي مواجهة الخلل الوظيفي والتشاكس الحزبي الشديد الذي هيمن على مجلس النواب، ارتكز الأسلوب الجديد للإدارة ـ أو ما قد يوصف بـ«أوباما 2» ـ على محاولة الاستفادة من الأوامر التنفيذية القوية بهدف إيجاد سبيل في مواجهة قضايا التوظيف والهجرة وتحقيق العدالة من أجل الشباب السود. وخلال الشهر الجاري، أمر الرئيس وزارة العمل بتجديد قواعد من شأنها إدخال تغييرات طفيفة على أجور الأوقات الإضافية لملايين من الموظفين أصحاب الدخول المتدنية. وتمكن هذه التغييرات ملايين الأميركيين من الحصول على دخل أعلى، لكن هذا الأمر التنفيذي من قبل أوباما جاء في أعقاب تأييده في خطاب حالة الاتحاد لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 10.10 دولار. وتحت وطأة ضغوط من نشطاء إصلاح قوانين الهجرة الذين يتهكمون على الرئيس بالإشارة إليه بأنه «رئيس الترحيل»، أمر أوباما بمراجعة سياسة الهجرة بهدف تخفيف التوترات المتزايدة بسبب العجز عن تمرير إصلاحات شاملة لقوانين الهجرة. ويواصل أوباما، الذي يصف نفسه بأنه «بطل» إصلاح قوانين الهجرة، دعمه العلني لمسار توطين عشرة ملايين مهاجر لا يحملون وثائق، حتى في مواجهة معارضة الجمهوريين المتصاعدة لأي شكل من توطينهم. وربما أن أكثر مبادرات أوباما التي حظيت باهتمام هي برنامج «حارسي أخي»، التي تعهدت بمائتي مليون دولار في تمويلات خاصة على مدار خمسة أعوام لتعزيز الإنجاز والتميز التعليمي للسود. ولاشك في أن علاقة أوباما، الذي ألهمه جزئياً مقتل الشاب الأسود «مارتن ترايفون»، بهذا البرنامج شخصية وسياسية في آن واحد، إذ وصف التزام الدولة تجاه الشباب السود بأنه «مسألة أخلاقية» بالنسبة للولايات المتحدة. ولفت أوباما بعد استشهاده بمجموعة من الإحصاءات السلبية بخصوص تجارب الشباب السود في المدارس ونظام العدالة الجنائية، قائلاً: «يجب أن نتعامل مع المبادرة على أنها جزء من الحياة الأميركية، بدلاً من الغضب منها». وتُبرز طريقة أوباما حيال هذه القضايا التحدي الذي يواجهه في التعامل مع المشكلات الهيكلية مثل البطالة والفقر والعنصرية المؤسساتية ضمن حدود الصلاحيات الرئاسية ومن دون انتصارات تشريعية موازية. ويشير المنتقدون على نحو صحيح إلى عدد من الأخطاء في الاستراتيجية والتكتيكات التي هيمنت على الفترة الأولى للرئيس أوباما، على رغم الإقرار التاريخي لقانون «الرعاية الصحية ميسورة التكلفة». وعلاوة على ذلك، عزز عجز أوباما عن صياغة رؤية موحدة لـ «العهد الجديد» من موقف جناح اليمين الهيستيري الذي تحول إلى ما يعرف اليوم بـ«حزب الشاي»، وهي مجموعة ينظر إليها التقدميون والليبراليون في خيالهم على أنها من «الزومبي» الذين يظهرون في المسلسلات التلفزيونية. وأيّاً كانت الامتيازات الحقيقية لهذا النقد، فإن عصر التشريعات الكاسحة ـ على الأقل في حالة عدم حدوث معجزة في انتخابات التجديد النصفي ـ قد ولّى في الوقت الراهن. ومن الناحية البراجماتية، فإن أفضل ما يمكن لأوباما فعله خلال الأعوام الثلاثة المقبلة المتبقية له في السلطة هو عرض رؤية سياسية بديلة، مثلما أوضح مؤخراً في موازنته لعام 2015، بشأن تلك الأمور التي لا تتوافر لها فرص الإقرار في الكونجرس، إضافة إلى توقيع أوامر تنفيذية يكون لها أكبر قدر من التأثير، واستخدام البيت الأبيض كمنبر لتعزيز رؤية المجتمع الأميركي التي ربما لن تتجسد إلا بعد مغادرته البيت الأبيض. وتعتبر زيادة أجور ملايين من الأميركيين المعافين على نحو غير عادل من قوانين عمل الأوقات الإضافية بداية جيدة، حتى وإنْ كانت قد تأخرت كثيراً. وبالطبع، يبدو إنهاء عمليات الترحيل التي تهدف إلى تهدئة الناخبين من جانح اليمين والسياسيين الذين لن يرضوا إلى أن يختفي جميع المقيمين «غير الشرعيين» بصورة سحرية من حدود الدولة، خطوة إيجابية للأمام على طريق الإصلاح السياسي، على رغم تأجيلها، وهو ما لا يمكن إنكاره أبداً. وتمثل خطوة الاعتراف بالأزمة التي تواجه الشباب السود في الولايات المتحدة تاريخية، وإن كانت رمزية، حتى وإن كان مستوى تمويل برنامج «حارسي أخي» لا يعالج عمق الحاجة التي يواجهونها. وبعد مرور أكثر من خمسة أعوام على دخوله البيت الأبيض بتوقعات ضخمة ومستحيلة في كثير من الأحيان، لا يزال الرئيس يواجه التحديات بعزيمة لا تفتر. ‎بينيل جوزيف ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©