الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أوروبا تبحث عن صيغة توازن بين التقشف والنمو للهروب من الركود

أوروبا تبحث عن صيغة توازن بين التقشف والنمو للهروب من الركود
13 مارس 2012
فشل قادة دول الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع أزمة الديون قبل سنتين في اليونان في اقتراح حل للموازنة بين التقشف والنمو الاقتصادي، والذي بدون التوصل إليه لا يمكن استعادة الثقة في اليورو. وربما على صانعي القرار النظر إلى الأرجنتين لتحقيق ذلك. واستفحلت أزمة ديون أوروبا السيادية لوقت طويل للحد الذي أقنع البعض باستمرار قادة منطقة اليورو في عدم التوصل إلى حل. لكن وفي حالة فشل أي من بلدان جنوب أوروبا في احتواء ديونها خلال الأشهر القليلة المقبلة، فمن المرجح انتشار العدوى بسرعة من “منطقة اليورو” إلى النظام المالي العالمي، مع عواقب تفوق مخاطر انهيار “ليمان براذرز” خلال سبتمبر 2008. وبغض النظر عن الاتفاقية الجديدة التي تم التوصل إليها في قمة الاتحاد الأوروبي خلال ديسمبر الماضي، فإن تقوية الثقة في الأسواق المالية يظل حلماً بعيد المنال. وانخفض سعر صرف اليورو في أعقاب القمة إلى أدنى مستوى له خلال السنة (نحو 1,30 مقابل الدولار)، بينما حققت أرباح سندات الخمس سنوات الإيطالية رقماً قياسياً جديداً بما يقارب 6,5%. وفي فرنسا أعلن مرشح الرئاسة الاشتراكي في فرنسا فرانسوا هولاند، أن الاتفاقية الأخيرة ليست هي الحل الصحيح، حيث يرى أنه ليس من الممكن تحقيق أي من أهداف خفض العجز بدون النمو الاقتصادي. كما قادت تدابير التقشف بدون صحبة النمو، إلى ركود حاد في كل من اليونان وأيرلندا. وكلما برزت شكوك في الأسواق حول مدى جدوى اليورو، كلما سارع القادة الأوروبيون إلى استعادة الثقة من خلال تدابير التقشف مع إغفال الحاجة إلى تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق النمو، الذي تبدو بدونه آمال دول الاتحاد ضعيفة على المدى الطويل. ومنذ بدء الأزمة، تم تصوير الحاجة إلى النمو الاقتصادي في دول أوروبا التي تعاني من الديون، كمشكلة تواجه هذه الدول. وكان من أوليات دول مثل ألمانيا التي تقدم القروض والائتمانات، فرض تدابير التقشف والقيود على دول الجنوب المفرطة في الإنفاق. ونظراً إلى أن معظم ديون بنوك وحكومات دول أوروبا الطرفية هي لدى بنوك ألمانية، ركز المسؤولون على الرابط المالي بين الاقتصاد الألماني والاقتصادات المتعثرة في دول “منطقة اليورو”. وتغفل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الرابط الثاني بين ألمانيا وبين دول “منطقة اليورو” المثقلة بالديون، بيد أن جزءا مقدرا من صادرات ألمانيا ودول قوية أخرى في المنطقة، يذهب إلى أسواق “منطقة اليورو” بما فيها الواقعة في الجنوب. وكانت ألمانيا قبل وقوع الأزمة، تستفيد بشدة من بيئة الاستقرار التي كانت تسود دول “منطقة اليورو”. وعانت دول المنطقة الطرفية من عجز ضخم في الحسابات الجارية مما عاق نمو ألمانيا. وفي حالة تراجع أسواق هذه البلدان وتعرض اليونان وأيرلندا للركود نتيجة لتدابير التقشف، لن يكون اقتصاد ألمانيا في مأمن من ذلك. كما ليس من المحتمل أبداً أن تكون دول الجنوب المثقلة بالديون، هي الوحيدة التي تستفيد من النمو الاقتصادي الذي تحققه بنفسها. ولا يمكن لأي إستراتيجية مناسبة حل هذه الأزمة دون التصدي لكلا الرابطين بين الاقتصادات الرئيسية والطرفية. ويعني ذلك ضرورة التوصل إلى السياسة الملائمة بين النمو وتدابير التقشف. كما أن الحل الذي يوازن بين الاثنين هو الوحيد الذي يضمن تحقيق النمو طويل الأجل في الاقتصادين الرئيسي والطرفي على حد سواء، مع طمأنة أسواق الدين على ملاءتها المالية ووقف انتشار العدوى التي تهدد باجتياح القارة. كما أن الاتفاقية التي تم التوصل إليها في القمة الأخيرة بشأن إضفاء الطابع المؤسسي على احتياجات التقشف، في حاجة إلى أن تُلحق بها سياسة بخصوص النمو. ويتطلب القيام بذلك، طريقتان طويلتا الأمد، حيث ينبغي في الأولى السماح للدول المثقلة بالديون مقايضة ديونها الحالية بسندات جديدة يتم إصدارها بنسبة تخفيض كبيرة. ويبدو أن عملية التخفيض ضرورية لتقليل حجم الديون السيادية في الدول الطرفية للمستوى الذي يمكن السيطرة عليها ولخفض عمليات السداد المباشرة للديون، مما يساعد على تحرير المصادر للاستثمار والاستهلاك ومن ثم إمكانية تحقيق النمو. لكن إذا كان من الضروري مشاركة الدائنين في الآثار السالبة للأزمة الحالية، ينبغي مشاركتهم أيضاً في النمو الاقتصادي الذي تحققه دول “منطقة اليورو” الأضعف في المستقبل. ويتطلب ذلك اتخاذ خطوة أخرى وهي ربط السندات الجديدة بضمانات مقيدة بنمو الناتج المحلي الإجمالي في الدول الدائنة. وهناك سابقة في الأرجنتين حيث طبقت برنامج مشابه عندما تخلفت عن سداد ديونها في 2002. وأصدرت الحكومة الأرجنتينية مقابل خفض ديونها القائمة سندات جديدة مرتبطة بضمانات الناتج المحلي الإجمالي، مع التزامها بتحقيق نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي قدره 5% في المستقبل يتم توزيع عائداته بين الدائنين. وأصبحت ضمانات الناتج المحلي الإجمالي الأرجنتينية متداولة بمعزل عن السندات التي ارتبطت بها في البداية، ما يمكِّن حامليها من تحويلها إلى سيولة نقدية. وفور عودة النمو، تحولت ضمانات الناتج المحلي الأرجنتينية إلى أفضل استثمارات في الدول النامية حيث فاق إجمالي عائداتها على مدى الخمس سنوات الماضية أكثر من 500%. ويمكن القول، إنه وبدون تحقيق النمو الاقتصادي لن يكون هناك حل دائم لأزمة “منطقة اليورو”. ولإنعاش الاقتصادات المنهكة، ينبغي أن تصاحب الاتفاقيات الأخيرة المتعلقة بالتقشف عمليات خفض كبيرة للديون. إلا أنه يصعب بيع مثل هذه العمليات للناخبين الألمان، وأن ضمانات الناتج المحلي الإجمالي هي أفضل طريقة لحل هذه الأزمة. نقلاً عن: «إيكونومي واتش» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©