الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موقف أميركا من فلسطين

30 ابريل 2017 23:20
تميزت السياسة الأميركية بالانحياز الواضح لإسرائيل حتى قبل قيامها، واتضح ذلك جلياً بعد فشل العدوان الثلاثي الذي قامت به كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر وقطاع غزة يوم 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1956، حيث سارعت الولايات المتحدة الأميركية إلى تقديم مشروع أيزنهاور المريب، الذي دعا ظاهرياً إلى تقديم المساعدات المالية إلى الدول العربية من أجل التنمية الاقتصادية. إلا أنه طالب بالربط بين هذه المساعدات وبين مقاومة الشيوعية ودعم سياسة الأحلاف المشبوهة التي انتشرت في المنطقة وأهمها حلف بغداد 1955.(العراق وإيران وتركيا وبريطانيا وباكستان). ولكن بعد فشل هذا المشروع، ولملء الفراغ في الشرق الأوسط، وبعد أحداث النصف عام 1958، التي كان من أبرزها الحرب الأهلية اللبنانية عام 1958، وقيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا في 22 شباط/فبراير 1958، وقيام ثورة 14 تموز/ يوليو 1958 في العراق، أعاد أيزنهاور طرح مشروع جديد أمام الأمم المتحدة، أطلق عليه اسم مخطط السلام في الشرق الأوسط، ولم يشر أيزنهاور فيه إلى قضية فلسطين أو قضية اللاجئين، بل شدد على ضرورة إنشاء مؤسسة تنمية عربية على أساس إقليمي. وذكر أنه بمساعدة الأمم المتحدة تتاح الآن فرصة فريدة لبلدان الشرق الأوسط لتجعل مصالح أمنها ومصالحها السياسية والاقتصادية تتقدم بحرية. وقد ركز الكونغرس والبيت الأبيض على محاولة الحصول على موافقة العرب على مشروع أيزنهاور، وبالرغم من ذلك بقيت مسألة إعادة التوطين والتنمية الاقتصادية أفضل مبرر للوجود في المنطقة من وجهة نظر صانعي السياسة الأميركية، وبعد زيارة قام بها السيناتور الأميركي هيوبرت همفري إلى الشرق الأوسط، زار خلالها بعض مخيمات اللاجئين التي وصفها بأنها مرعبة وتشكل وضعاً جاهزاً للتحريض الشيوعي، قال: «إن حق العودة يجب ترشيحه كحق التعويض، وأن من سوء الحظ وعدم الحكمة أن تكون الدول العربية قد رفضت التعاون مع هذه الخطط». وتقييماً لحقبة الرئيس أيزنهاور 1952-1960، يمكن القول «إن سلسلة من الفرص أفلتت من يد الولايات المتحدة لحل القضية الفلسطينية، إن لم يكن حلاً أمثل، فهو على الأقل أفضل للفلسطينيين وللاستقرار الإقليمي وللعلاقات الأميركية العربية مما آل إليه فعلاً في عقود لاحقة، غير أن إدارة أيزنهاور لم تكن مستعدة للتوسط في حل للنزاع القائم بين إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية، ومن استقراء سياسة أيزنهاور على مدى ثماني سنوات يمكن القول إن اغتصاب إسرائيل للأراضي العربية. وطرد أصحابها الشرعيين، لم يكن عاملاً مهماً بالنسبة لصناع القرار السياسي آنذاك في الولايات المتحدة، وفي هذا الصدد يمكن القول إن الأحداث التي وقعت في أعقاب أحداث السويس مباشرة عام 1956، تعطي فكرة عما كان من الممكن إنجازه لو أن أيزنهاور كان قد استعمل قوة نفوذه نيابة عن الفلسطينيين، لكن هناك فرق بين استعمال قوة ونفوذ الولايات المتحدة من أجل مصالحها المباشرة في النفط ومحاربة النفوذ الشيوعي، أو في معالجة القضية الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب الإحساس بمصير شعب عربي مشرد. من المؤكد أن ذلك الإحساس كان مفقوداً لدى الإدارات الأميركية المتعاقبة، لقد كان مشروع أيزنهاور يرمي بالدرجة الأولى إلى ضمان وصول النفط إلى الحلفاء الأوروبيين، ومحاصرة ومنع أي تدخل سوفيتي في المنطقة من خلال معالجة إمكانية وقوع عدوان شيوعي مباشر أو غير مباشر في الشرق الأوسط، أي أنه لم يكن يقصد منه كما هو واضح معالجة القضية الفلسطينية سياسياً. لقد استبعدت الولايات المتحدة الأميركية خيار الدولة الفلسطينية حسب قرارات الأمم المتحدة، وحاولت تصوير القضية الفلسطينية على أنها مشكلة لاجئين فقط. ومع الأسف لا تزال بعض الأطراف العربية ترى في أميركا طرفاً محايداً في عملية الحل السياسي للقضية، متناسية كل هذه المواقف التي لعبت دوراً بارزاً في وصولنا إلى مرحلة التمزق والشرذمة التي لم يشهد العالم يوماً أوضاعاً أسوأ منها، حتى إبان الحروب العالمية التي مر بها. نصـّار وديع نصـّار
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©