الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صعود ماكرون.. وانهيار أوروبا!

30 ابريل 2017 23:22
يوصف إيمانويل ماكرون، الذي يُعد الأوفر حظاً في الفوز بالانتخابات الرئاسية الفرنسية الأسبوع المقبل، بأنه الرجل المنقذ للأسواق المالية والاتحاد الأوروبي، وهو رأيٌ يقوم على الإيمان لا البرهان. لكن المشكلة هي أن ماكرون قد يكون متجهاً إلى منطقة غرق فيها آخرون قبله. ذلك أن تحدي إصلاح فرنسا كان أكبر من قدرة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي على الإصلاح، ثم إنه تحدٍّ ما انفك يزداد صعوبة وتعقيداً في وقت يعيد فيه انقسامٌ جديد بين أنصار الحمائية القومية والمدافعين عن الحدود المفتوحة تشكيلَ ملامح السياسة خلال مرحلة ما بعد الحرب في العالم الغربي. فأوروبا حالياً تشهد «زلزالاً» سياسياً شبيهاً بفترة التصنيع التي أفرزت العديدَ من الأحزاب السياسية التقليدية التي أخذ دعمها ينهار الآن، كما يقول إدواردو بيرسانيلي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كينجس كوليدج في لندن. وذلك التغيير العنيف هو الذي سمح لماكرون بسد الفراغ في وقت أُخرج فيه الاشتراكيون والجمهوريون من السباق الرئاسي للمرة الأولى منذ ستة عقود. لكنه تغييرٌ يهدِّد أيضاً بابتلاعه. لكن السؤال ليس هو ما إن كان ماكرون (39 عاماً) سيفوز في 7 مايو بقدر ما هو ما إن كان سيرضخ لمثل هذه القوى في نهاية المطاف. أما إذا فعل، فلا شك أن البديل الشعبوي الذي تقوده لوبين سيكون له بالمرصاد. وفي هذا السياق، يقول جان زيلونكا، أستاذ السياسة الأوروبية بجامعة أوكسفورد: «على المرء أن يسأل: ما الذي يفعله ماكرون؟». ويؤلف زيلونكا حالياً كتاباً بعنوان «الثورة المضادة» الذي يتحدث عن كيف أن رد الفعل القوي سابق للأزمة المالية أو صعود الصين، وتعود جذوره إلى الإصلاحات الليبرالية لعقد التسعينيات. ويضيف قائلاً: «عليه أن يفهم المشكلة ويسارع إلى حلها لأنه لن يكون لديه كثير من الوقت هذه الأيام». لكن المشكلة هي أن حركة «إلى الأمام»، التي أسسها ماكرون ويبلغ عمرها سنة واحدة، ليس لديها مشرِّعون في البرلمان الفرنسي الحالي، وستجد صعوبة كبيرة للفوز بالـ289 مقعداً اللازمة لتأمين أغلبية حاكمة في انتخابات يونيو التشريعية. وبالتالي، فإنه سيظل بحاجة للاعتماد على مشرِّعين من الحزبين الرئيسيين المنهزمين من أجل تشكيل حكومة وتمرير التشريعات. والحال أن خلافات يمكن أن تندلع وسط الحزبين حول ما إن كان عليهما مساعدته حتى ينجح، كما يقول مارك ليونار، مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. ذلك أنهم إنْ ساعدوه، فإنهم سيواجهون إمكانية خسارة ناخبين لصالح حركة «إلى الأمام»، وإنْ أضعفوه، فإنهم يمكن أن يضيعوا آخر فرصة للحفاظ على نوع العالم الذين يريدون، الأمر الذي من شأنه أن يقوّي محاولة لوبين المحتملة للترشح للرئاسة في 2022. وفي هذا الصدد، يقول ليونار: «بالنسبة للاشتراكيين بشكل خاص، الأمر يشبه إلى حد كبير الاختيار بين الموت خنقاً أو غرقاً». في 1967، كتب عالما سياسة دراسة رائدة حول ما سمياها «فرضية التجميد»، أشارا فيها إلى أنه منذ ظهور الحزبين الاشتراكي والمحافظ من أجل الانتصار لأحد جانبي الصدع الاجتماعي الذي خلقه تصنيعُ القرن التاسع عشر، حافظت الأحزاب نفسها على تأثيرها، رغم تغير المجتمعات. لكن التجميد انتهى الآن، حيث أخذ تصدعٌ جديد قائم على القومية يخلف مواضيع الطبقة الاجتماعية وتوزيع الدخل باعتبارها مبدأ منظِّما للحياة السياسية. ونتيجة لذلك، بدأت الأحزاب التقليدية عبر أوروبا تفقد دعمها، وأخذ التحول يتسبب في فوضى واضطراب في كل مكان. وفي هذه الأثناء، تتوقع استطلاعات الرأي فوزاً سهلاً لماكرون، وهو وزير اقتصاد سابق لم يسبق له أن شغل أي منصب منتخَب. وهذا رغم حصول لوبين ومرشح آخر مناوئ للمؤسسة السياسية، جون ليك ميلينشون، على نحو 40% من الأصوات معاً خلال الجولة الأولى. لكن الخطر هو في أن يتذكر التاريخ ماكرون باعتباره أحدثَ رئيس فرنسي يعد بتحقيق الإصلاحات التي يحتاجها الاقتصاد البالغ حجمه 2.4 تريليون دولار من أجل تحفيز الوظائف والنمو والثقة في النظام السياسي، ويفشل. ويقول دومينيك ريني، أستاذ العلوم السياسية بمعهد باريس للدراسات السياسية: «إن تصويت الجولة الأولى يُظهر أن فرنسا تعاني من أزمة جوهرية، أزمة دولة وأزمة اقتصاد»، مضيفاً: «أستطيع القول إنه إذا استطاع مستشار رئاسي في ظرف ثلاث سنوات أن يصبح رئيساً، فذلك لأن النظام أخذ ينهار!». *محلل سياسي بريطاني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©