السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

لا وقت لالتقاط الأنفاس

11 يونيو 2008 23:19
هرع اثنان من فنيي التكييف لإصلاح أحد الأجهزة فوق سقف بنايةٍ تنوف على المائة طابق، ولسوء حظهما كانت المصاعد معطلة فلم يكن أمامهما سوى السلالم لإنجاز عملهما بسرعة، وبعد جهدٍ هائل وصلا للسقف وقد شارفا على الانهيار، وما كادا يلتقطان أنفاسهما حتى قال أحدهما للآخر: أحمل لك خبرين أحدهما حسن وثانيهما سيئ فقال زميله: وما هما فرد عليه: الخبر الحسن أننا نجحنا في الوصول للسقف، أما السيئ فإننا فوق البناية الخطأ· إن ما يمكن أن يُسرِّع من مواكبة المؤسسات لمنافســـيها في السوق هو قدرتها على غرس الشعور بحرج الموقف دائماً "Sense of urgency" والحاجة الملحة لتطوير نفسها وتوليد العديد من السيناريوهات للتعامل مع المستقبل وتحدياته المتغيّرة ونسيان قضية (التقاط الأنفاس) فما حولها لا يتوقف، ومن يجامل نفسه بالتوقف كثيراً في سباقٍ مع الآخرين لن يحصل في النهاية إلا على الفتات الذي تركه من لم تنطفئ جذوة حماسهم لحظة قبل الوصول لنهاية السباق· إن الإحساس بحرج الموقف وأهمية التصرف بسرعة لا يعني العشوائية وإغفال التحليل المنطقي للمواقف التي نتعامل معها وإلا وجدنا أنفسنا كحال فنيي التكييف، ولكن من المهم أن نطوّر مهارة التعاطي مع المواقف الطارئة بالسرعة اللازمة والقدرة على اختصار بدائل الحلول والمفاضلة بينها والبعد عن محاولة البحث عن الحل الكامل لأنه ببساطة لا يوجد ولن تعدو محاولة البحث هذه عن إضاعة الوقت والشلل التام في اتخاذ القرار· إن المدير التنفيذي الشهير لشركة Intel آندي جروف وجد ضالته لإنقاذ الشركة الآيلة للسقوط بتبني هذا المبدأ وما أن نجح في إعادة الشركة لعالم الربحية حتى ألف كتابه الشهير (المذعور فقط من يستطيع البقاء)، ومثله يفعل حاليا ديفيد هينيس المدير التنفيذي لشركة Grohe الألمانية المتخصصة في انتاج صنابير المياه وتوابعها والتي رغم شهرتها كان نمو عوائدها خجولاً لا يتجاوز 0,25% من خلال تقديم أربع منتجات جديدة سنويا من مجموع 17,000 منتج، فكان أول ما قام به على وجه السرعة ودون الدخول في دراسات وتحاليل لا تنتهي أن ألغى 11,000 منتج فوراً وأوقف التعامل مع 7000 من الموردين من مجموع 10,000 وقرر تقديم 50 منتجا جديدا سنوياً، والنتيجة زيادة العوائد العام الماضي بما يفوق المليار ونصف المليار دولار أو ما يعادل 8%· إن الإحساس بحرج الموقف لا يتطلب دائماً التغيير التام في المسار، فقد يكون من الصواب الثبات على نفس الخطة مع بعض التعديلات الطفيفة كما فعلت متاجر Wal-Ma أكبر متاجر تجزئة في العالم عندما تعرضت لانتكاسة العام الماضي في أرباحها فقامت بالانسحاب من بعض الأسواق الراكدة كالسوق الكورية الجنوبية ولكن لم تغيّر توجهها نحو فئات المستهلكين المستهدفة ممن يبحث عن السعر الأقل بغض النظر عن الماركة، والمؤشرات تقول إنه حتى الخميس الماضي ارتفع سعر سهمها 26% هذه السنة فقط، وإن نجح الأمر مع وولمارت فإنه كان مأساوياً مع عملاقة السيارات GM والتي مازالت تراهن بغباء على السيارات الكبيرة رغم تصاعد أسعار الوقود وانحسار الاقتصاد الأميركي فكانت النتيجة خسائر ناهزت 3,25 مليار دولار في الربع الأول من 2008 لو كان لدى المؤسسات حس الطوارئ لتمت إقالة تشاك برنس مبكراً من Citigroup وغاري فورسي من Sprint قبل أن يتسبب الأول في خسائر قاربت 18 مليار دولار والثاني بصفقة فاشلة بشراء شركة Nextel بـ35 مليار دولار، ولكن تبقى الكثير من المؤسسات حبيسة التفكير النمطي والخوف من التغيير والتمسك بالمعهود والمألوف من ردات الفعل دون جرأة كافية لاستشراف المستقبل ومخاطره وفرصه متناسين حقيقة أن البحار الهادئة لا تصنع بحارة عظاما، وكم كانت بليغة إجابة واين غريتزكي أسطورة هوكي الجليد عندما سُئل عن سر تفوقه فقال: معظم اللاعبين يسارعون حيث يوجد القرص بينما كنت أسارع إلى حيث سيصل القرص· عوض بن حاسوم الدرمكي Awad141@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©