الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تسونامي اليابان... فرصة لمعارضي الطاقة النووية

تسونامي اليابان... فرصة لمعارضي الطاقة النووية
16 مارس 2011 21:47
عندما يموت للمرء شخص عزيز(كما مات أخي الشهر الماضي)، فإن من بين النصائح المعتادة التي تقدم له هي ألا يُقدم على اتخاذ أي قرارات كبيرة، وألا يعيد تنظيم حياته في لحظة من الحزن، أو الألم الوجودي، أو الندم. وأن يعطي لنفسه وقتاً كافياً، وأن يحاول التكيف مع الوضع. أما عندما يموت آلاف، أو عندما تحل بنا مصيبة مفاجئة، فإن السياسيين، والصحفيين، وصناع السياسة، والخبراء، يميلون عادة لاستغلال هذه الفرصة، للدعوة لإجراء تغييرات راديكالية. فـ "الأزمة" كما قال "رام إيمانويل" مدير مكتب أوباما في الأيام الأولى، التي تولى فيها الرئيس الأميركي مهام منصبه "شيء رهيب يصعب علينا أن نضيعه هباء". هل ينطبق هذا على ما حدث في اليابان، حيث بلغت المصيبة حداً يفوق قدرتنا على الإدراك، سواء من حيث عدد الضحايا، أو من ناحية المدى، أو على الأقل بالنظر لحقيقة أن الزلزال العنيف الذي وقع هناك أدى إلى تحريك اليابان عن موقعها الحالي في الكرة الأرضية ما بين 8 - 12 بوصة. مع ذلك فإن البحث عن كبش فداء، والشغف الموجود لدى البشر لاستغلال حدث ما، لتأكيد وجهات نظرهم، أو السياسات التي يحبذونها، بدأ بمجرد وقوع الكارثة. أكثر النماذج فجاجة، تلك المتمثلة في بذل محاولات، واهية في معظمها، للربط بأي طريقة كانت بين الزلزال والتغير المناخي. وإن كان واجب الإنصاف يقتضي مني القول في هذا السياق إن ما حدث هذه المرة أقل مما حدث في أعقاب "التسونامي" الآسيوي عام 2004، وأقل من التصريحات الدالة على الغباء المطلق التي أدلى بها بعض أعضاء الكونجرس، بعد إعصار كاترينا، الذي ضرب سكان نيوأورليانز عام 2005. في اللحظة الراهنة تتوجه كافة الأعين نحو الصناعة النووية، ويرجع جزء من المشكلة، للرغبة الملحة التي تنتاب وسائل الإعلام لتغطية كافة وقائع الزلزال، ليس باعتباره"خبراً عاجلاً"، وإنما باعتباره كارثة تتكشف تفاصيلها على الهواء مباشرة. وخلال ذلك تتكشف سمة من سمات التغطية الإعلامية عند وقوع كوارث كبرى، وهي التركيز على التداعيات الخطيرة الوشيكة، أكثر من التركيز على جهود الإنقاذ. والملاحظ بالنسبة للكارثة الحالية في اليابان أن معارضي الطاقة النووية، لا يركزون على الحقائق، وإنما على تغذية مناخ الرعب. فعلى الرغم من أن الخطر الناتج عن انصهار المفاعلات النووية اليابانية لم يجر احتواؤه بعد، فإن الغالبية العظمى من الخبراء النوويين، أكدوا أن ذلك الخطر لن يصل في جميع الأحوال إلى خطر التسرب النووي من مفاعل "تشيرنوبل" في أوكرانيا(الاتحاد السوفييتي السابق) عام 1986.. وهو ما يرجع لكون تصميم المفاعلات اليابانية أكثر تطوراً بما لا يقاس من المفاعل الأوكراني، الذي كان مصمماً لتخزين المواد اللازمة لتصنيع القنابل النووية، وهو ما يعني أن تسرب الإشعاع كان أمراً من المحتم حدوثه في مفاعل تشيرنوبل، لأنه لم يكن يضم آلية لاحتواء التسرب عند حدوث انفجار. في نفس الوقت فإن"السحب النووية" التي تكونت حتى الآن في "فوكوشيما"، وتحديداً في المفاعل رقم 1 المعروف باسم"دايتشي" لا تزيد في قوتها عن" صورة أشعة "أكس" واحدة تجرى على أسنان شخص"علاوة على أنها من النوع الذي سرعان ما يتبدد، على حد قول الخبير النووي" ويليام تاكر" في"وول ستريت جورنال". وفي أوروبا، حيث استخدام الطاقة النووية أكثر شيوعاً من مثيله في اليابان، يتم استخدام الزلزال الياباني لأقصى حد ممكن في الوقت الراهن. في هذا السياق وردت الفقرة التالية في افتتاحية صحيفة الإندبندنت البريطانية:"إذا لم يكن اليابانيون، بكل المحاذير التي يسوقونها ضد استخدام أي شيء نووي، وبكل ما لديهم من تقنية فائقة تعد هي الأكثر تطوراً في العالم، قادرين على بناء مفاعل نووي غير قابل للتعرض للكوارث، فمن الذي يقدر إذن؟". لا خلاف على ذلك. ولكن من الذي قال إن هناك أي شيء.. في أي مكان، ليس قابلاً للتعرض للكوارث؟ ثم يجب علينا ألا ننسى هنا أن هذا الزلزال الذي بلغت قوته 8.9 درجة على مقياس ريختر كان أكبر زلزال في تاريخ اليابان، ورابع أكبر زلزال يتم تسجيله على الإطلاق. كما يجب ألا ننسى أيضاً، أن قليلة هي ناطحات السحاب في الولايات المتحدة القادرة على تحمل زلزال بقوة 8.9. (هل يدعونا ذلك للتوقف عن بناء المزيد من ناطحات السحاب؟) ما حدث في اليابان يثبت أن نظام حماية المفاعلات هناك قد نجح، ولم يفشل، كما يرى المتشككون. مع ذلك فإن الكثيرين من العاملين في هذه الصناعة، يخشون من أن تؤدي الهيستيريا غير الواقعية السائدة حالياً بشأن المفاعل الياباني، إلى توجيه ضربة قاصمة للطاقة النووية لا تقوم لها بعدها قائمة. وما يمكن توقعه في الظروف الحالية، هو أن يقوم نشطاء البيئة الذين يركزون اهتمامهم على موضوع التغير المناخي، والذين لا يكفون عن الحديث عن رغبتهم في الحصول على طاقة بعيداً عن أنواع الوقود الأحفوري - على أقل تقدير - بالتخفيف من المخاوف التي تنتاب البعض بشأن الطاقة النووية. لا أحد يعرف الآن ما هي الدروس التي سنخرج بها من المأساة التي حدثت في اليابان، ولكن بدلًا من ترك هذه الكارثة تذهب إلى النسيان، فإن ما يخطر على بالي هو أن اللحظة الحالية، هي لحظة من تلك اللحظات التي يجب علينا التكيف معها. جونا جولدبرج محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©