الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القطاع المالي في ألمانيا يترنح تحت ضغط الأزمة العالمية

القطاع المالي في ألمانيا يترنح تحت ضغط الأزمة العالمية
5 أغسطس 2009 23:51
تسود عالم البنوك في فرانكفورت حالة قد تبدو طبيعية من الوهلة الأولى ولكنها مضللة حيث نقل المريض «قطاع المال» إلى غرفة الإنعاش بعد الانهيار الهائل للسندات و للمنتجات المالية التي فقدت نسبة كبيرة من قيمتها والسندات المشكوك في إمكانية تحصيل قيمتها. ولا تصل آلام هذا المريض إلى وعيه إلا بشكل محدود؛ هذا إن وصلت أصلاً، وليس للمواد المخدرة والمكلفة بشكل يفوق الخيال في صورة حزم من إجراءات الإنقاذ الحكومية ومساعدات مالية من تأثير سوى بلبلة هذا المريض وإعاقة إدراكه للعالم الخارجي ومنعه من إلقاء نظرة موضوعية ناقدة على الواقع ومدى خطورته. يتكون القلب المالي لفرانكفورت من الكثير من الخرسانة والفولاذ والزجاج، على أية حال فهذا هو انطباع من يتجول بنظراته في وسط مدينة فرانكفورت باتجاه محطة القطارات الرئيسية للمدينة، حيث تتراص العمارات وناطحات السحاب بشكل شبه متلاصق في حي البنوك في المدينة. فقاعة مالية يلقي شتيفان دي شوتر بنظراته يومياً على البنوك ،خاصة على سوق الأسهم، ودي شوتر هو المدير التنفيذي لشركة ألفا لتجارة السندات حيث يتاجر في هذه الأسهم المالية لصالح بنوك و عملاء آخرين، وهو شخص صريح ومباشر لا يستحي عن ذكر الحقيقة، وربما ظهر ذلك جليا في قوله مشيرا للبنوك: «إنها تتجه لفقاعة مالية أخرى، وسنتساءل بعدها عن كيفية حدوث ذلك». لا يكاد يوجد شخص مثل دي شوتر يريد التحدث بصراحة عن الوضع الحقيقي في قطاع المال، وتدهورت سمعة المصرفيين في ألمانيا كثيراً منذ اندلاع الأزمة المالية، حيث اعتمدت برلين قانوناً يلزم الحكومة بتقديم كفالات مالية ودعم للبنوك والمؤسسات المالية تصل إلى 480 مليار يورو لحمايتها من الانهيار أمام تداعيات الأزمة المالية، ويفوق هذا الرقم الخيالي ميزانية ألمانيا للتعليم والأبحاث عام 2009 بسبعين مرة. تدهور الشعبية أدى ذلك إلى تدني صورة البنوك والعاملين فيها وتدهور سمعتهم بشكل هائل حتى وصلت إلى نفس سمعة السياسيين في أدنى مؤشر الشعبية في ألمانيا، وقالت مسؤولة بارزة في أحد مصارف فرانكفورت تصف تجربتها «الأزمة موجودة بلا شك، ولكني أرى أن شيئا لم يتغير، فما زلت أشعر بأن الوضع كما هو». أضافت المسؤولة التي فضلت عدم ذكر اسمها «ما زلت أقوم بعملي.. ولكن الكثير من العملاء مازالوا مرتابين وفقدوا ثقتهم بالبنوك مما يصعب عمل هذه البنوك»، وأشار موظف آخر بأحد بنوك فرانفكورت إلى أنه لا يريد أن يجلب عليه حديثه غضب رئيسه مما جعله يرفض ذكر اسمه حتى لا يظهر في إحدى الصحف، وقال الموظف في حديثه لوكالة الأنباء الألمانية «من وجهة نظرنا فإن للأزمة المالية جانباً طيباً.. مازلنا في عملنا ولم تقم قيامة العالم بعد». يبدو أن «المريض» يفتقد شرطا جوهريا للشفاء الناجح ألا وهو أن يدرك أنه مريض؛ ولا يتورع الموظف البنكي هانز ييكل عن التحدث بصراحة عن قطاع البنوك قائلاً «يبدو أن سمعة الصيارفة كداعمين للنمو الاقتصادي من خلال دعم الاستثمارات قد ذهبت أدراج الرياح»، وعمل ييكل من قبل في مجلس حكماء الاقتصاد الألمان الذي يقدم المشورة للحكومة الألمانية في الشئون الاقتصادية، كما يتولى ييكل رئاسة أحد أقسام مصرف «دي تست بنك» منذ عام 1995 ويكتب أحد الأعمدة في صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج». ودأب ييكل على الاحتفاظ بهدوئه مهما كلفه ذلك وألا يسمح لشيء باستثارته حتى وإن كان هذا الشيء هو النقد الموجه للتنبؤات الاقتصادية الخاطئة خاصة تلك التي أطلقتها أقسام التخطيط ودراسات الجدوى في البنوك قبل انفجار الأزمة في قطاع سوق المال، وعن هذه التنبؤات قال ييكل «ليست التنبؤات إلا قيماً تقريبية، نحن لا نقدمها على أنها حقائق دقيقة ولا ندعي أن ما نقوله سيقع بل نقدم هذه التنبؤات لأن البنوك تحتاج لخطط تستثمر بها أموالها»، وأضاف ييكل أن خبراء الاقتصاد لا يستطيعون التنبؤ بالوقت الذي ستنفجر فيه فقاعة اقتصادية بعينها أو ينهار فيه أحد البنوك. مسؤولية العملاء ويرى ييكل أن عملاء البنوك يتحملون جزءاً من المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية لأن الكثيرين منهم يعتمدون على تقديرات واهية لخبراء الاقتصاد، أي أن ييكل يتنصل من المسؤولية التي يلقيها معظم المراقبين على عاتقه وعاتق زملائه في قطاع المال، ولكن ييكل هو في الوقت نفسه شخص لا يثق بالتنبؤات السلبية التي تتوقع تقلص النمو الاقتصادي بشكل حاد فهو يعارض بشكل صارم رسم صورة قاتمة عن الاقتصاد بعد الأزمة، وقال إن رسم مثل هذه الصورة يضر بثقة الناس في الاقتصاد. كما رأى الخبير الألماني أن استمرار إطلاق التحذيرات بشكل واسع من تراجع قيمة المال والتنبؤ بتراجع الأسعار يمكن أن يؤدي في النهاية فعلا إلى تراجع قيمة المال وتراجع أسعار السندات، ولخص ييكل نظرته للأزمة المالية الحالية بالقول «لا تصدق من يقول لك إن هذه الأزمة مختلفة عن سابقتها، لا تصدق من يقول لك إنها بلا قاع وبلا نهاية»
المصدر: فرانكفورت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©