الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سيناريوهات لإجراءات مالية جديدة لحصار عجز الموازنة المصرية

سيناريوهات لإجراءات مالية جديدة لحصار عجز الموازنة المصرية
22 مارس 2014 21:52
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - بدأت وزارة المالية المصرية سلسلة من الإجراءات الجديدة الهادفة لحصار عجز الموازنة العامة، وسط توقعات بأن يبلغ العجز نسبة 13% من الناتج القومي الإجمالي خلال العام المالي الجاري 2013 - 2014. وتأتي هذه الإجراءات في إطار خطة شاملة أقرتها الحكومة للتعامل مع الملف الاقتصادي وفق رؤية استراتيجية بعيدة المدى، تتمثل أهدافها في تثبيت الأوضاع الراهنة، ومنع المزيد من التفاقم على صعيد المشكلات الاقتصادية الكبرى، مثل البطالة والتضخم وعجز الموازنة وسعر صرف العملة المحلية، ثم الدخول في المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح، المتمثلة في استهداف خفض معدلات الفقر والبطالة والتضخم وعجز الموازنة. وتتوزع إجراءات وزارة المالية على مجموعة من المحاور، تستند إلى التعرف على مصادر تزايد عجز الموازنة العامة خلال السنوات الثلاث الأخيرة والتعامل معها بخطط لتراجع الموارد أو زيادة المصروفات. وتشمل هذه المحاور فرض ضرائب جديدة وخفض مخصصات دعم الطاقة إلى جانب التخلص من مديونية هيئة التأمينات الاجتماعية البالغة 560 مليار جنيه، عبر عملية مبادلة الأصول العامة مقابل هذه المديونية أو جزء منها، حتى يتسنى فصل المعاشات عن الموازنة العامة بما يؤدي إلى خفض المصروفات السنوية في حدود 144 مليار جنيه. وبحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد»، فإن المحور الأول يشمل بدء فرض مجموعة جديدة من الضرائب، وزيادة الرسوم الجمركية على بعض أنواع الواردات من الخارج، وزيادة رسوم العديد من الخدمات التي تقدمها الحكومة سواء للمواطنين أو الشركات. وبالنسبة للضرائب الجديدة، انتهى مجلس الوزراء المصري من مناقشة ورقة عمل قدمتها وزارة المالية حول إمكانية فرض ضريبة مؤقتة مدتها ثلاث سنوات على من يزيد دخلهم السنوي على مليون جنيه، وأن تتراوح الضريبة، التي تحمل اسم «ضريبة الثروة»، بين 5 و8%، الأمر الذي يضمن حصيلة في حدود 5 مليارات جنيه سنوياً. ورغم اعتراض كثيرين على هذه الضريبة التي ستشمل شريحة إضافية على هؤلاء الممولين، حيث يخضع هؤلاء بحكم دخلهم السنوي الكبير لشريحة ضريبية مقدارها 25%، وهي أعلى شريحة ضريبية مطبقة في مصر، فإن هناك اتجاهاً قوياً لإقرارها في المرحلة المقبلة، وإن كانت التوقعات تشير إلى أن فرض الضريبة الجديدة لن يتم إلا بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية ووجود رئيس منتخب للبلاد. إعادة النظر في الرسوم كما تشمل الإجراءات إعادة النظر في بعض أنواع الرسوم التي لم تتم زيادتها منذ أكثر من 30 عاماً، وتحديد تعريفة جديدة لهذه الرسوم تتناسب مع معدلات التضخم الحالية، ومدى حيوية هذه الخدمات للاقتصاد الكلي، حيث من المنتظر زيادة هذه الرسوم بمعدلات تتراوح بين 50 و100%، الأمر الذي يضمن حصيلة إضافية في حدود 4 مليارات جنيه. وتشمل الإجراءات أيضاً التحول التدريجي خلال ثلاث سنوات إلى نظام ضريبة القيمة المضافة بديلاً عن ضريبة المبيعات المطبقة حالياً، بما يضمن مضاعفة الحصيلة وضبط أداء السوق والتصدي للممارسات الضارة، وفي مقدمتها التهرب الضريبي وتهريب البضائع إلى داخل البلاد، وتشجيع المصانع والورش الصغيرة على الاندماج في الاقتصاد الرسمي حتى يمكن إخضاعها للضريبة، وذلك من خلال قانون جديد يشجع على التحول إلى الاقتصاد الرسمي. أما المحور الخاص بخفض مخصصات دعم الطاقة في الموازنة العامة، فقد كشفت تصريحات رسمية للحكومة عن ضرورة البدء في هذا التوجه، لعدم قدرة الدولة على تحمل الدعم الكبير، البالغ في بند الطاقة وحده 140 مليار جنيه سنوياً وفقا لأرقام الموازنة العامة، بينما يقدر خبراء الطاقة القيمة الفعلية لهذا الدعم وحسب أسعار السوق بنحو 300 مليار جنيه. وتشمل خطة وزارة المالية إجراء عملية خفض تدريجي تشمل التخلص من 30% سنوياً من قيمة هذا الدعم، سواء بإخراج شرائح اجتماعية ذات دخل مرتفع من التمتع بهذا الدعم أو تخصيص كميات معينة للاستهلاك، على أن تشمل عملية الخفض كافة أنواع الوقود وكذلك الكهرباء المنزلية، المنتظر رفع أسعارها مع بداية العام المالي الجديد 2014-2015، إضافة إلى وقف دعم الطاقة المخصصة للصناعة بحلول يناير القادم، وبالتالي تخليص الموازنة من هذا العبء المالي غير المحتمل، والذي يهدد بمزيد من العجز إذا استمر الوضع على ما هو عليه. أزمة أموال التأمينات وفيما يتعلق بالمحور الثالث في خطة وزارة المالية، فهو يتمثل في حسم أزمة أموال التأمينات الاجتماعية لدى الحكومة نهائياً، سواء استجابة لمطالب شعبية متصاعدة خلال الفترة الأخيرة أو لأسباب اقتصادية خالصة تتمثل في تخليص الموازنة من هذا العبء الكبير، حيث تلتزم الحكومة بتخصيص بند المعاشات الاجتماعية ضمن الموازنة بعد أن قامت وزارة المالية في السابق بضم أموال هيئة التأمينات الاجتماعية إلى الخزانة العامة. وتشير التقارير الرسمية إلى أن إجمالي مستحقات الهيئة لدى وزارة المالية يبلغ 398 مليار جنيه، يضاف إليها 164 مليار جنيه أخرى مستحقة على بنك الاستثمار القومي. ومن المنتظر نقل جزء من الأصول العامة إلى ملكية هيئة التأمينات مقابل جزء من هذه المديونية، وإصدار صكوك مالية مقابل الجزء المتبقي تدفع عنه الحكومة عائداً سنوياً لا يقل عن متوسط العائد البنكي لحين سداده عبر عملية استهلاك سنوي في حدود 10% من قيمة هذه الصكوك، أي تسددها الحكومة سنوياً حتى يتم سداد كامل قيمة هذه الصكوك بعد عشر سنوات، على أن تتولى هيئة التأمينات الاجتماعية مسؤولية سداد المعاشات الشهرية للمتقاعدين وعددهم نحو أربعة ملايين مواطن. ويجري حالياً التفاوض على تفاصيل الخطة مع مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، وفي حال التوصل إلى اتفاق سوف يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ مع بداية العام المالي في يوليو المقبل، لاسيما أن هيئة التأمينات لديها رصيد مالي سائل يمكنها من سداد المعاشات لمدة عام كامل، دون الحصول على مساندة مالية من الحكومة، وبالتالي يمكن تنفيذ الاتفاق وإنهاء تلك المشكلة. تقبل شعبي ويرى خبراء اقتصاديون أن الخطة الثلاثية لوزارة المالية تحتاج إلى دعم سياسي من الحكومة إلى جانب التقبل الشعبي، لأن بعض إجراءاتها تنطوي على ثمن مؤلم تدفعه بعض الفئات، ومن المتوقع أن تلقى هذه الإجراءات نوعاً من المقاومة من جانب شركات وجماعات مصالح مؤثرة وهو ما لا يضمن لها النجاح، لاسيما أن البلاد مقبلة على استحقاقات انتخابية سواء على صعيد الرئاسية أو البرلمان، ومن ثم يصبح الاتجاه الطبيعي هو تأجيل تنفيذ هذه الخطة إلى ما بعد الانتخابات. وفي هذا الصدد، أشار الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق، إلى أن تجارب الإصلاح المالي ذات الأبعاد الاجتماعية تحتاج إلى حالة من الاستقرار السياسي حتى يمكن تنفيذها بنجاح، كما أن الأجواء غير المستقرة في مصر في هذه الفترة تعد بيئة غير مواتية لبرنامج إصلاحي شامل. وقال إن تجربة الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق، منتصف تسعينيات القرن الماضي ما كان لها أن تحقق أي نتائج إيجابية من دون توافر قدر من الاستقرار السياسي والأمني، وبالتالي فإن الخطة رغم ضرورتها تحتاج إلى الاستقرار، ومن المهم أن يتم الآن الاتفاق على ملامحها الرئيسية وآليات تنفيذها، على أن يتم اختيار توقيت التنفيذ بعد الانتخابات، وإتمام عملية التحول الديموقراطي باستكمال بناء مؤسسات الدولة الدستورية. وأكدت الدكتورة هالة السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن مصر في حاجة إلى برنامج إصلاحي شامل، سواء على صعيد السياسات المالية أو الاقتصاد الكلي، ومن دون ذلك البرنامج الإصلاحي الشامل لن نستطيع الخروج من هذه الدائرة المغلقة، وليس من المفضل تنفيذ إصلاحات مالية بمعزل عن سياسات إصلاحية تشمل الاقتصاد الكلي، وأن النتائج التي يمكن أن يسفر عنها برنامج الإصلاح المالي قد تتعثر نتيجة سياسات اقتصادية مضادة أو غير مواتية، وبالتالي من الأفضل طرح برنامج متكامل للإصلاح من جانب الحكومة، على أن يخضع هذا البرنامج للحوار المجتمعي الشامل حتى يحظى بالقبول العام، ويكون المجتمع بكافة طوائفه مستعداً لتحمل فاتورة هذا البرنامج حتى يؤتي ثماره.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©