الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الروائية النيجيرية أفيوما تفجر القضية في «تجار اللحم البشري» تفاصيل رهيبة عن انهيار القيم وسقوط الإنسان

الروائية النيجيرية أفيوما تفجر القضية في «تجار اللحم البشري» تفاصيل رهيبة عن انهيار القيم وسقوط الإنسان
6 أغسطس 2009 00:08
عرف العالم ظاهرة الرقيق في عصور مختلفة، وكان يتم خطف عشرات الآلاف من الصبية والفتيات من افريقيا سنويا الى العالم الجديد «اميركا»، وتوقفت تلك الظاهرة في أواخر القرن التاسع عشر، بعد أن استيقظ الضمير الانساني ولم يعد يحتمل فكرة الرق. وفي العقود الاخيرة عرف العالم ظاهرة الاتجار باللحم البشري، لاسباب مختلفة، غالبا ما تكون بهدف البغاء والدعارة والشذوذ، حيث يختطف الآلاف من الاطفال من المجتمعات الفقيرة عبر عصابات كي يباعوا في اسواق بعض الدول الغنية وقد يهربون هم من المجاعات والحروب الاهلية. هذه الظاهرة موضوع دراسة من الكثيرين في مختلف المجالات، وهي نفسها موضوع الرواية التي صدرت مؤخرا عن المركز القومي المصري للترجمة بعنوان «تجار اللحم البشري» للروائية النيجيرية افيوما أكابوجو شنويا وترجمها الى العربية د.صبري محمد حسن. صدرت الرواية بالانجليزية عام 2003 وترصد الاتجار في البشر، خاصة النساء والاطفال في نيجيريا تحديداً. حيث يتم الاختطاف والبيع عبر عصابات محلية ودولية، واعضاء هذه العصابات، غالبا، نيجيريون يقومون بخطف الأطفال ومن ثمّ يتم تهريب المخطوفين الى ايطاليا وهناك يتلقاهم نيجيريون أيضاً. واذا فكرت أي فتاة في الهرب أو التمرد فإن عقابها يكون قاسياً ومميتاً، حيث تسلم الى شاب نيجيري مصاب بمرض نقص المناعة «الايدز»، فتجبر على معاشرته حتى ينتقل اليها الفيروس وتصاب بالمرض فينصرف عنها الجميع وتموت ميتة بشعة!. المال دائماً الضحايا في الرواية كلها من نيجيريا، ورغم ان الاحداث تقع بشكل اساسي في ايطاليا، إلا أن الجو العام في الرواية افريقي ونيجيري تماما... إنه مناخ الفقر والازمة الانسانية، حيث تتراجع القيم الاخلاقية ويسقط المعنى الانساني، ويقاس كل شيء بالمال. لنسمع سفير نيجيريا في «سان مارينو» يقول عن بلده الفقير: «ينبغي ألا يغامر أحد بالدخول في الانتخابات في هذا البلد، مهما كانت افكاره وبياناته، السبب في ذلك ان النقود وحدها هي التي تعطي الاصوات. بوسعك التحدث من طلوع الشمس الى دخول الليل وبوسعك القيام بحملات من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب لكنك اذا لم تكن تملك النقود يتعين عليك دخول كوخ أمك وتناول شيء من الحساء فلن يصوت لك النيجيريون دون النقود». وقياس كل شيء بالمال، انعكس على المسافرين من نيجيريا الى اوروبا، وفي ايطاليا جالية نيجيرية كبيرة لكن السواد الاعظم من هؤلاء جاءوا عن طريق الباب الخلفي اي بلا اوراق ومستندات صحيحة وسليمة بل بمستندات سفر مزورة، وتحقيقات شخصية مزيفة. الفتيات اللاتي يسقطن في براثن تجار اللحم البشري يتم تشويههن نفسيا وانسانيا، وبعضهن يدلين على صفحات الرواية باعترافات مذهلة عن حياتهن وممارساتهن. وما يتعرضن له، وبعضهن يتعرضن للقتل، ولا تتحرك الشرطة. تقول إحداهن: «أي شرطة؟ نحن لا نساوي مليماً، الناس بوسعهم قتلنا وينجون من العقاب، كم عدد البنات اللاتي قتلن هذا العام فقط؟ اثنتان وعشرون بنتا. ومع ذلك لم يجر القبض على قاتل واحد. في العام الماضي، وبعد أن قتل رجلان ابيضان في بادوفا، قامت الشرطة بالبحث عن القتلة وفي غضون عشرة ايام جرى الامساك بالقاتل، أما نحن فحياتنا لا تساوي شيئا». الأمل الأبيض الأمل الوحيد امام هؤلاء الفتيات ان تتزوج احداهن رجلا إيطالياً ابيض، أي ان الأزمة والكارثة هي الرجل الابيض وهو كذلك الأمل، وبعضهن لم تكن تحتمل الزواج بعد الحياة التي عاشتها والتجارب التي مرت بها. احداهن تقارن بين المكسب الذي تحصل عليه كل ليلة، وما يمكن ان تحصل عليه من الزوج، لذا تفضل حياة القهر. بعضهن توهم الرجل بأنها حامل وتضع شيئا في بطنها لتبدو كذلك، كي يتزوجها وحتى اذا لم يتزوجها فإن الحمل يمنع البوليس من ترحيلها أو القبض عليها، كما ان القانون يمنع ترحيل الأم قبل أن يتم الطفل ثلاثة اعوام ليحظى برعايتها في تلك المرحلة المبكرة من العمر، وكانت بعضهن تعتبر ذلك ثغرة في القانون يتم من خلالها الحصول على الاقامة في ايطاليا. وفي تقديمها للرواية تقول امينة ابو بكر حرم نائب رئيس جمهورية نيجيريا ومسؤولة مؤسسة استئصال عمالة الاطفال والاتجار في النساء: «هذا الاتجار في البشر، وبخاصة النساء والاطفال ليس أمراً جديداً، والجديد بحق هو الطابع الدولي لهذه الجريمة وسوء السمعة الذي بدأ يلتصق بها. والظاهرة في واقع الأمر واحدة من بقايا تجارة الرقيق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر». واعتبر النقاد الرواية صندوقاً فتح في نيجيريا، فكشف جميع الشرور الانسانية ليس في نيجيريا فقط، بل في العالم كله. وقال احد النقاد ان الرواية حدوتة من حواديت الفساد، كما ان الشحنة العاطفية والانفعالية وكذلك التبصر الذي تقوم عليه هذه الرواية جدير بالتقدير. أما الروائية فهي من مواليد «ننوي» في شرق نيجيريا عام 1960 وهو نفس العام الذي استقلت فيه نيجيريا عن بريطانيا، وكان والدها ناظرا شهيرا لمدرسة متميزة، وأمها قابلة مدربة. تركت العمل لتربي ابناءها التسعة، وفي عام 1966 وقعت الحرب الاهلية فتوقف التعليم وتبعثرت الأسرة؛ فانتقلت افيوما واختها التي تصغرها مباشرة الى ايرلندا بالبحر حيث تولت اسرة د.سين رعايتها واختها، ثم عادت ثانية الى نيجيريا في عام 1970 حيث واصلت تعليمها وألتحقت بجامعة بنين عام 1976 لدراسة اللغة الفرنسية. حصلت على منحة من الحكومة الفرنسية في عام 1980 للدراسة في جامعة جريتل، وتخصصت في الادب الافريقي ثم نالت الدراسات العليا في العلوم السياسية بجامعة ليجوس، وأعدت بحثا حول قضية الفصل العنصري. عملت منذ عام 1983 بالخارجية النيجيرية في سفارة بلدها بفرنسا ثم في روما وحاليا هي في كندا. ويبدو ان الروائية النيجيرية كتبت روايتها تلك من واقع خبرتها الخاصة، سواء عام 1966 حين غادرت البلاد في ظروف اسرية صعبة. ولم يوضح المترجم تفاصيل تلك التجربة في تقديمه للرواية، وهناك خبرتها كدبلوماسية لبلدها في اوروبا لذا نجدها تكتب بالتفصيل عن واقع العمل الدبلوماسي. وهي كذلك مشغولة بقضايا الفصل العنصري وحقوق الانسان. «تجار اللحم البشري» الرواية الأولى لكاتبتها وقد اتبعتها برواية «بلا خوف» نشرت في بريطانيا ورواية ثالثة بعنوان «في انتظار ماريا» فضلا عن عدد كبير من القصائد والقصص القصيرة بالفرنسية والانجليزية. الرواية: تجار اللحم البشري ? المؤلفة: أفيوما شنوبا ? ترجمة وتقديم: د.صبري محمد حسن ? الناشر: المركز القومي المصري للترجمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©