الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«غولة» مسرح الغد.. شابة وجميلة وتصارع ضد الجهل

«غولة» مسرح الغد.. شابة وجميلة وتصارع ضد الجهل
6 أغسطس 2009 00:10
الغول واحد من المستحيلات الثلاثة: «الغول والعنقاء والخل الوفي»، وتتجسد صورتها في الحكايات على نحو بشع، لكن «غولة» مسرح «الغد» بالقاهرة التي كتبها بهيج اسماعيل عن تراث الواحات في أول تجارب مسرح «الغد» الذي تحول للعروض التراثية، امرأة شابة وجميلة كل مشكلتها أنها ترملت وتقضي تقاليد الواحة التي تعيش فيها بحبسها في البيت مئة يوم، ويسمونها «غولة». وعندما تخالف التقليد تصبح في نظر الجميع مصدر لعنة لكل من يراها فيصاب بالعمى أو العقم أو العنوسة، وتتحدى المرأة هذه التقاليد ورغبة شيخ القبيلة فيكون مصيرها أن تواجه حكم الموت بتهمة قتل زوجها. ايمان رجائي.. الغولة الجميلة(تصوير سعيد عبدالحميد) أسامة عبداللطيف المكان واحة مصرية، والزمان منتصف خمسينيات القرن الماضي، والحدث معركة بين فتاة مات زوجها المسن في ليلة زفافها فتتهم بقتله وتجد نفسها أمام حكم بالموت. وعندما يساعدها طبيب الواحة في اثبات براءتها تقع في حبه، مما يثير غيرة شيخ القبيلة الذي يرغب في الزواج بها وعندما ترفض الاستسلام له تواجه الموت من جديد. ويختلف مجلس الرجال الى ان تثبت «البشعة» براءتها وتتصاعد الأحداث الى أن يدبر شيخ القبيلة مكيدة جديدة فيتهمها بالزنى ليتخلص منها ومن غريمه الطبيب لكنهما يختفيان ليتركا الواحة غارقة في تفسيرات جاهلة عن الجن الذي يحكم الواحة. اللعنة الفنانة سميرة عبدالعزيز أو «أم وداد» تقول عن حماسها للغولة: أهم فكرة في العمل هي قيمة العلم فالواحة التي تدور فيها الأحداث تمنع تعليم البنات. ويؤمن أهل الواحة بأن هذه المرأة «غولة» تنشر لعنتها على كل من يراها وعليها ان تذهب لنبع الماء لتتطهر ويهرب الجميع من مواجهتها خوفا من اللعنة. البنت تعلمت وواجهت الواحة وقررت أن تتحدى الجهل. ورغم اقتناعي بالموروث والتقاليد فإنني أرفض قتل ابنتي التي خرجت على تقاليد القبيلة بعد أن أنار العلم عقلها، رغم أنني طوال العرض أدعوها لاحترام التقاليد وأطلب منها أن تغطي وجهها خوفا من الفضيحة. وعندما يطلبون مني أن أسلمها للقتل أفديها بنفسي، وأطلب منها أن تهرب من الواحة وأقول: لا الحكم عادل ولا الجلاد عادل. وتضيف سميرة عبدالعزيز: عندما تشعر الأم بمصير ابنتها تردد انغام التعديد المعروفة في المجتمعات البدوية، وهي تجربة اعجبتني وأخذت النغمة من أحد أهالي الواحات، وقدمتها في العرض. انا لا أرى اي ضغط ذكوري في مجتمعنا، وعن نفسي آخذ حقي بنفسي ولا اعطي الفرصة لأحد كي يمارس عليّ ضغطا. وعن قبولها العمل في المسرحية بينما سافر زوجها الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن للعلاج في باريس تقول: لم يكن ممكنا ان اترك محفوظ يسافر للعلاج بدوني لولا ارتباطي بالعرض، وادراكي أن المسرح اقوى من الحياة نفسها. وأذكر أن والدي توفى فذهبت للاسكندرية وحضرت الدفن وعدت في نفس الليلة لأعرض مسرحية «بعد أن يموت الملك» على المسرح القومي، ومن يغلب المسرح على ظروفه الشخصية شخص ملتزم مئة في المئة. ويقول مخرج «الغولة» مصطفى طلبة: أجلت افتتاح العرض مرتين حرصا على بطلته سميرة عبدالعزيز التي حاولت الاعتذار لانشغالها بمرض زوجها الكاتب محفوظ عبدالرحمن وهي في نظري أفضل من يقوم بدور «أم وداد» لذلك أقنعت الادارة بتأجيل الافتتاح. وأنا صاحب اول تجربة على مسرح «الغد» بعد تحوله للعروض التراثية ولحسن حظي أن يكون معي نص محكم للكاتب بهيج اسماعيل وأنا محظوظ بالنص وفريق العمل وتفهم ادارة المسرح التي وفرت لي ميزانية من أعلى الميزانيات فظهر العرض بملابس مبهرة لدرجة ان أحد الممثلين طلب ملابس قطنية لحساسيته من الأقمشة الصناعية فإستجبنا له وكانت النتيجة أننا نقدم عرضا به قيم جمالية وتعبيرية عالية والعرض يمثل صرخة في وجه كابوس الجهل الذي يتصارع مع العلم ويسعى لفرض قانون الغاء العقل الذي يمتهن كرامة الانسان ويرفض ان يعطي المرأة حقها في التعلم والحياة. الفنانة الشابة ايمان رجائي التي تقوم بدور «وداد» البنت الوحيدة التي تعلمت في الواحة وتتحدى كل ما هو بعيد عن العقل تقول: لم اتردد في قبول التجربة أمام سميرة عبدالعزيز التي تقوم بدور «أم وداد» كما ان النص متميز واستفدت من خبرة «أم وداد» الفنانة التي لم تبخل عليّ بالنصيحة. لا للرمز ويقول الكاتب بهيج اسماعيل: بحكم دراستي للفلسفة تدربت على الخروج من الجزئي الى الكلي، فالحدث في الواحة يمكن ان ينطبق على أي مجتمع أو دولة. وهكذا يمكن ان يتلقى الجمهور المسرحية باعتبارها «حدوتة» عادية أو يعكسها على الواقع الذي يعيشه. لا يمكن أن أقبل الرأي القائل بأن العرض يحمل رمزية، فقد انتهى زمن الرمز بانتهاء زمن كان الناس فيه يخافون ابداء رأي معارض للرأي الرسمي. وعن قضية التراث يقول: من المهم أن يكون لدينا مسرح معني بالتراث لكن من المهم أيضا ان نتعامل مع التراث الحقيقي بعيدا عن الشوائب التي لحقت به. ويقول الفنان خليل مرسي عن دور «الشيخ مسعود»: أهم ما جذبني فيه أنه يجمع بين القسوة والرومانسية، فهو يحب «وداد» ويتمناها لنفسه لكنه يقرر التخلص منها ومن حبيبها طبيب الواحة. فالحب لديه امتلاك وبدونه يتحول لتدمير من يحب. وهو يكشف لها عن انه كان يحبها قبل أن يتزوجها شقيقه شيخ القبيلة المتوفى، وأنه مستعد للتخلي عن شكوكه في انها قاتلة اخيه لو قبلت الزواج منه لكنها ترفضه، فيتحول لشخص في منتهى القسوة، ويسعى لاقناع القاضي بأنها قاتلة اخيه، رغم ما اكده الطبيب من ان الوفاة طبيعية لكنه يظل يسعى لموتها. وبعد ان ييأس من ادانتها يرسل من يقتلها فيقتل امها بدلا منها، وعندما يراها باكية مرتمية في حضن الطبيب حزنا على امها يدعي أنها ارتكبت الزنى. لقد استطاعت سميرة عبدالعزيز ان تقدم دور الأم الحائرة بين أمومتها وتقاليد الواحة التي نشأت على احترامها مهما كانت غير معقولة أو مقبولة. كما استطاعت أن تقدم مشهدا مهما للأم التي تنتظر الموت الذي يخطف ابنتها فتقرر أن تفديها بنفسها. أما خليل مرسي فاستطاع أن يتلون بين المحب العاشق والمنتقم القاسي، ومع ملاحظة ضعف صوت ايمان رجائي «وداد» فإنها إجتهدت في عرض بطولتها، فهي الشخصية الرئيسية التي تدور حولها الأحداث، كما انها تحرك الأحداث وتظل في مواجهة الجمهور تقريبا طوال العرض، لذلك أثبتت أنها تحمل صفات ممثلة مسرح متميزة في ظل نقص»الفيديت» أو الممثلة الشابة الجميلة بالمسرح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©