الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جمعة الغويص: وسامي الأكبر حب الناس وثقتهم التي منحوني إياها

جمعة الغويص: وسامي الأكبر حب الناس وثقتهم التي منحوني إياها
23 مارس 2014 13:10
لكبيرة التونسي (أبوظبي) - توسد الكلمة، واتخذ من القصيد حصاناً، طوع الحروف فروته كما سقاها، فأورقت وأينعت حقول القلوب، حركت المشاعر والأحاسيس، وأثارت الحماس، تغنت بالوطن وغنت له. لا يهاب المنافسة، يرفض الكتابة تحت الطلب، ينتقد بعض التجارب الشعرية، مؤكداً أن الساحة مفتوحة، ومن يمتلك الكلم يركب صهوته ويقنع القلوب قبل العقول، ويؤمن أنه لا يمتلك بندقية يحارب بها، بل حروفاً تشعل الحماس. هذا ما قاله جمعة بن مانع الغويص، الذي كرم مؤخراً بجائزة أبوظبي، تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقلده وسام الجائزة سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، الذي شهد حفل الجائزة مؤخراً لتكريم الشخصيات المميزة التي قدمت أعمالاً جليلة، وتضمن عرض أفلام قصيرة تقدم نبذة عن حياة المكرمين، وأعمالهم الإنسانية والنبيلة وإنجازاتهم البارزة في المجتمع. محبة الجميع ويعتبر جمعة بن مانع الغويص واحداً من أبرز الشعراء الإماراتيين في الوقت الحالي، واشتهر ونال محبة الجميع بفضل قصائده المميزة التي نالت الاهتمام ويرددها الكبار والصغار، إذ تجسد قصيدتا «دار زايد» و«هذا وطننا» اللتان أصبحتا جزءاً من احتفالات اليوم الوطني، الفخر بالانتماء للدولة، وكان لقصائد الغويص تأثير كبير على الثقافة الإماراتية لكونها تحتفي بالقيم والرؤية التي رسخها المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتعبر عن الفخر بروح الاتحاد. وأعرب الغويص عن شكره وتقديره للإمارات قيادة وشعباً، وعبر عن سعادته الغامرة بهذا الوسام، مؤكداً أن فوزه يعتبر فوزاً لأهل الإمارات بشكل عام: «لأنهم شاركوني كل حرف كتبته وتغنوا بقصائدي، أما الإمارات فهي ملهمتي، والجائزة تعزز موقفي من خلال كتابة قصائدي، وإلى جانب فوزي بجائزة أبوظبي، فإن وسامي الأكبر يتمثل في حب الناس، إذ أشكر ثقتهم الكبيرة التي منحوني إياها». ويرى الغويص أنه غير مقصر أبداً، بل أعطى كل ما بحوزته من أشعار، مؤكداً أن بئره لا تجف ولا تزال تتدفق بحروف الحب، التي تلهب الحماس لبلده الإمارات، خاصة في ظل دعم الدولة له بقوله: «الإمارات ألهمتني بكرمها وعطائها لشعبها الذي جعلته في الطليعة، وهي من أوصلتني إلى جائزة أبوظبي التي ستشكل بالنسبة لي حافزاً آخر لعطاء المزيد». لا أعرف البحور تدفق شعره ليروي أحاسيس الناس ومشاعرهم، بعد ولادة قصائده يحرص على اختيار اللحن، ويقف لآخر لحظة لإخراجها للجمهور في صورتها النهائية، فهو يثق في نفسه إلى أبعد مدى، إذ يؤكد أن كلامه لا يزداد منقوصاً أبداً، لافتاً إلى أن الكمال هو ما يصبو إليه على الدوام، مسخراً لذلك آليات النجاح كلها، لتجيش الذات الشاعرة بتوهج فني، واشتعال وجداني، فقصائده يتجاوز شجاها المداد إلى الفؤاد، والآذان إلى الأعماق، ورغم مسيرته الطويلة في قرض الشعر إلا أنه لا يحفظ إلا النزر القليل منها، إذ لا يخشى من الاعتراف بأنه فوضوي ولا يؤرشف أعماله، كما يؤكد أنه لا يحفظ الكثير مما غاب عن ذهنه. ويقول الغويص، إن القصيدة عصية وتتطلب مؤثرات ومحرضات لتولد، وإذا عمد إلى كتابتها تهرب منه، وينتقد من يقول إنه يهيئ الظروف ليصاب بحالة شعرية، لافتاً إلى أن الشعر حالة لا زمن ولا مكان لها، ويعترف الشاعر أنه لا يعرف البحور الشعرية، موضحاً أنه غير مضطلع وملم بها، ويتضح ذلك في قوله «لا أعرف البحور الشعرية وأوزانها لكني أجيد السباحة فيها». وترجمت قصائده التي تثير الحماس، وتذكي الشعور بالانتماء لأرض الإمارات، إلى أعمال فنية بمناسبة اليوم الوطني من كل سنة، حيث أصبح الجمهور متعطشاً لتوقيع أشعار وطنية يتغنى بها أكبر المطربين، ويحرص على متابعة قصيدته منذ ولادتها وتلحينها إلى اختيار الصوت الذي يوصلها للجمهور، وأضاف: «أتدخل في اختيار اللحن، كما أصر على وجودي أثناء تركيب الصوت، كما أتدخل في اختيار الآلات الموسيقية أحياناً، وأنتظر ردة فعل الجمهور الذي غالباً ما يستقبل قصائدي بحماس لافت، خاصة في الأيام الوطنية. لا أمتلك بندقية وأضاف: إن الإمارات تتوافر بها عوامل النجاح كلها، التي تسند الشعراء وتحفزهم، منتقداً أولئك الذين يقولون إنهم يخافون من السقوط في التكرار نتيجة قلة المواضيع: «كوننا في الإمارات، فإن المواضيع تتعدد وتتنوع، وأنا ضد من يقول إن هناك فقراً في هذه المواضيع، وعليه، فإنني قرأت الساحة الشعرية بشكل جيد، ولا أخاف من المنافسة ولا أظن أن هناك من يشكل لي خطراً من أبناء هذا الجيل، فكل واحد له تجربته الخاصة، لكن من يمتلك التأثير في الناس هو الأقوى، والمهم كيفية توظيف القصائد لخدمة الوطن، والكلام الذي يخرج من القلب يصل إلى الناس مباشرة، فأنا لا أمتلك بندقية أحارب بها، بل حروفاً تبعث رسائل حب للإمارات، وتبث الحماس وتشعله. وأشار الغويص إلى أن من عوامل نجاح قصائده، أنها واقعية ولا يبالغ في تجميلها، موضحاً «كما تولد قصيدتي أتركها، وإذا أضفت لها القليل من البهارات والتوابل، فذلك غير ضار على أن يكون غير مبالغ فيه». تراكمات الغويص يرى أن القصيدة تراكمات ولا تولد بين ليلة وضحاها، أو أثناء جلوس على البحر، مؤكداً أن إبداع الشعر ليس له وقت أو موعد أو وطن: «يزورني الشعر أحياناً أثناء النوم، وأفيق لأكتب مطلع القصيدة فقط، إذ يعتبر المطلع هو من يطوع بقية الأبيات التي لا أكتبها إلا حين تكتمل في رأسي، وإذا صادف وسمعت شاعراً يقول إنني أحتاج إلى جو هادئ وشاعري لأكتب، فإن هذا لا أعتبره شاعراً، والقصيدة في نظري تراكمات وقد تتفجر بعد البيت الأول، ثم الثاني والثالث أو الرابع». توثيق أعماله وعن توثيقه لأعماله، قال إنه «فوضوي» ولا يوثق أشعاره ولا يحتفظ إلا بالقليل منها التي يحفظها عن ظهر قلب، مؤكداً أنه سيدرس هذه النقطة، خاصة أنها قد تضيع مع مرور الوقت، خاصة تلك التي لم تترجم إلى أغان، وفي سياق آخر قال، إن أشعاره عفوية ولا تستند إلى علم أو دراسة، كما أكد أنه يجهل القوافي، لكن قصائده تولد موزونة وأضاف: «لا أفهم في القافية، ولا أعرف في بحور الشعر ولا أسمائها حتى، وقصائدي عفوية، وتأتي موزونة تماما، ولم يخن الوزن يوماً أبداً، وعن مراجعته لأشعاره، يقول «أنا من الشعراء الذين لا يراجعون قصائدهم، وأرى قصائدي بشكل مختلف حين تغنى، كما أنني لا أستشير أحد فيها». محب محبط ومحب متفائل الغويص أوضح أن بعض القصائد تكتبه قبل أن يكتبها حسب الحالة العامة للبلد والجو العام لحدث ما، وأنه غالباً ما لا يستشير أحداً في قصائده قبل عرضها على الجمهور ويرجع ذلك لإيمانه بقوته الشعرية وولادة قصائده مكتملة وغير منقوصة، وأشار إلى أنه قد يعرضها مرات على بعض الناس الذين صنفهم إلى محبين محبطين، ومحبين متفائلين، وفصل ذلك بقوله: «هناك نوعان من المحبين، الأول محبط وهو صريح صادق يقول لك أين مكمن الخلل إن وجد؟، لكنه يظل محبطاً، في حين أن هناك محباً متفائلاً يظهر محاسن القصيدة ويصفها بالجميلة والرائعة، وكلاهما لهما عندي مكانة وأستمع لهما، لكن في الأخير أستفتي قلبي وأرجع لنفسي وأتخذ القرار الصحيح وفق ما أشعر بها، خاصة أنني أصبحت أفهم وعلى دراية تامة بما يحبه الناس، والقصيدة في نظري عبارة عن خيوط، وهي تشبه لعبة الشطرنج، فاللاعب الجيد والذكي هو من ينجح فيها». قصائد تغنى في حب الوطن أطول قصيدة في حوزة الغواص تتكون من 50 بيتاً، وأخرى من 42 بيتاً، ومن أعماله التي تحولت إلى أغنيات وطنية قال: قصيدة «داري علمها كل ما شاش ورفل يرفل بعزة قايد ما ضامها»، وأداها الفنان ميحد حمد، وهي تتكون من ثمانية أبيات، والثانية بعنوان «البيرق» ومطلعها يقول «لي رف بيرقنا نهار الغارة وانثار وارتكزت عمود غباره»، وستؤدى بصوت عيضة المنهالي، وهي تتكون من ستة أبيات. والثالثة، وهي غزلية تتغنى بجمال أبوظبي ومفاتنها، وعنوان «تجلت بوظبي»، ومطلعها: تجلت بوظبي والله عطاها، وضحك نورها سود الليالي»، وأداها الفنان حسين الجسمي وتكوَّنت أيضاً من ستة أبيات، وكلها قصائد وطنية حماسية تثير الحماسة، وتذكي الشعور بالانتماء، وتحمل رسائل في حب الوطن، إلى جانب العديد من الأغاني الوطنية الأخرى، موضحاً أنه لا يستطيع المفاضلة بين أشعاره، خاصة أن كل واحدة منها قصة وحكاية وظروف ولادة مختلفة عن الأخرى، لكن كلها تصب في بحر حب الوطن. وأضاف : «الله يا دار زايد»، «حنا عرب زايد»، «على خليفة سلام»، «الله يحفظها دوم شامخ علمها». أمي أزالت عن أسرتنا تعب الأيام ومسحت دمعة الحزن جمعة بن مانع الغويص تبلورت معارفه الأولى على يد والده الذي توفي، وطفله لا يتجاوز عمره 13 سنة، وكان أكبر إخوانه، كبرت مسؤوليته ومن معه، فكان لا بد أن يختار بين الدراسة أو العمل للتكفل بجانب الإنفاق على بيت يضم 5 أولاد وأماً، التحق بالعمل وبدأ مشوار الحياة، وكانت وراءه أم تخفف وطأة الحياة، وتربت بيديها الحنونتين لتزيل تعب الأيام، وتمسح دمعة الحزن، وتملأ الفراغ الذي تركه الوالد، متأثراً بتجربة والده الشعرية، التي زرع بذورها في وقت مبكر، حيث كان يرافقه في مجالسه، بدأ يقرض الشعر، وسنه لا يتجاوز 16 عاماً، وظل على هذا الحال إلى أن شعر بنضج تجربته، فحاول إشراك الناس فيها. وذكر أن والده كان قدوته ولا يفارقه أبداً، رغم قسوته، موضحاً أنه كان يحاول إعداده أفضل إعداد للمستقبل، وقال عن ذلك: «وأنا صغير كنت مرتبطاً بوالدي أشد ارتباط، لكن كنت أشعر أنه قاس، ولكن اليوم فهمت أنه كان حريصاً على تربيتي، وأقول يا ليته زادني، كما أشعر بحاجتي إليه أكثر، بحيث عندما علمت بخبر فوزي بجائزة أبوظبي تمنيت لو كان بجانبي». وعن علاقته بوالده أضاف: أذكر أنني كنت حافظاً لشعر والدي، الذي كان يلقي الشعر مباشرة أمام أصدقائه، وفي بعض المجالس، وكان هو قدوتي، وكنت أحفظ عنه، وكنت مولعاً بالقصيد، ولأن والدي توفي وعمري 13 سنة، فإن ذلك جعلني مرهف الحس، ربما لا أشعر بذلك في بعض الأحيان، لكن هُناك أشياء تحركني لا شعورياً، فمثلاً عندما ألقي قصيدة أقول مع نفسي «لو كان والدي حياً لأعجب بهذه القصيدة»، وأذكر أنه عندما كنت صغيراً، وألقيت بعض الأبيات أمامه كان والدي يضحك، ولا أعرف لماذا؟ هل لأنه أعجب بها أو رآها غير ذلك؟. أما عن حضور والدته في حياته الشعرية، فقال الغويص: «إني أصدق جداً مقولة وراء كل عظيم امرأة، وإذا سألوني عن أعظم امرأة في حياتي سأقول والدتي، فهي من تحملت مشاق الحياة بعد والدي، وهي من خففت عني صعوبات الدنيا، وهي اليوم من تساندني معنوياً، وتقول دائماً: «عندما يعلم الناس أنني أم الشاعر جمعة، فإن رقبتي تصبح «بطول الذراع».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©