الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إضاءات

إضاءات
6 أغسطس 2009 00:13
وقررنا أن نبنى بيت السادس من أكتوبر فى أربعة أدوار، اثنين لى وزوجتى، على أن يكون هناك طابق بأكمله مخصصًا للمكتبة، وفوقها دوران، دور كامل لابنى، ودور لابنتي، وبدأنا البناء بقدر ما يتيسر من المال كل عام، ولذلك احتجت إلى خمسة عشر عاما لكى أكمل البناء والتشطيب، وخصصت غرفة بأكملها فى «البدروم» للكتب الدينية، والطابق الأول للاستقبال وغرفة نوم للضيف، تواجهها أخرى لزوجتى التى يصعب عليها صعود السلم الداخلى، والطابق الثانى بأكمله لى غرفة واسعة للمكتب الذى امتلأت جدرانه بالأرفف التى خصصتها للتراث العربى القديم، شعرا ونثرا وتاريخا ولغة، بينما المكتبة الخارجية للعلوم الإنسانية، والغرفة المواجهة لغرفتى هى مكتبة الرواية المترجمة وقد سعدنا بالانتقال إلى بيت أكتوبر الذى كتبت لافتة على بابه باسم «بيت العائلة» ولكن الولد تمرد وأراد الاستقلال بحياته على نقيض أخته سهير التى ظلت تلح علىّ للانتهاء من المنزل وبالفعل انتهى المنزل، وتزوجت سهير التى لم ترتح للإقامة فى لندن مع زوجها، فقررا العودة إلى «بيت العائلة» وهو الأمر الذى شجعنا على الإقامة معها طوال الصيف على الأقل وصرنا نقضى الصيف فى أكتوبر، ونعود فى الشتاء إلى مسكننا المعتاد فى الدقى، ولكن بعد أن أصبحت فيه وزوجى وحيدين بعد زواج الولد والبنت وتخيلت أن مشكلة مكتبتى قد انتهت، وأننى استطعت أن أواجه مواجهة نهائية امتدادها الذى لا ضابط له ولكنى كنت واهماً. ورغم أن مكتبتى انقسمت ما بين الدقى وأكتوبر، ولهذا الانقسام متاعبه، فأصبح مسكن الدقى للأدب الحديث شعرا ونقدا أدبيا حديثا عربيا وأجنبيا وأكتوبر للتراث العربى شعرا ونثرا ومعاجم، فضلا عن الدراسات الإنسانية، وكتب الديانات وأخيرا الرواية، وكانت المشكلة أننا صرنا أنا وزوجتى لا نحب الذهاب إلى منزل أكتوبر الذى كانت تملؤه ضحكات سهير، وكنا ننتظر أن تملأه ضحكات التوأم اللذين حملت بهما ولكن شاءت إرادة الله أن لا يتحقق لها حلمها وحلمنا، فتوفيت، فى إحدى تعقيدات الحمل، خصوصا أنها كانت ضعيفة القلب وكانت فجيعتنا فادحة، كرهنا أن نذهب بعدها إلى أكتوبر الذى كانت تملؤه بمرحها وحركاتها التى لا تهدأ وصرت كلما أقتنى كتبًا جديدة أجمعها فى ركن خاص إلى أن تتكاثر، فأضعها فى «كرتونة» ضخمة متينة، وأرسلها إلى أكتوبر، كى يضعها البواب فى غرفة التراث الدينى وكانت النتيجة أن أصبح يستحيل دخول غرفة التراث الدينى، فقد تراصت فيها الكراتين فوق بعضها، كأنها أحد المحال التجارية وعندما امتلأت غرفة مكتبة التراث الدينى أخذت أرسل الكراتين إلى الدور الثانى، فى الفضاء الذى تحتله كتب العلوم الإنسانية والاجتماعية وقلت لنفسى لابد من الانتظار والذهاب إلى أكتوبر، واختيار بعض تلامذتى كى يعينونى على تفريغ «الكراتين» وإخراج الكتب وتصنيفها وبعد ذلك أفكر فى حل يقضى على مشكلة هذا التضخم الفظيع للكتب، فقد وصل الأمر إلى درجة أننى أجد من الأسهل أن أحصل على طبعة من جديد عندى طبعته القديمة، لكنى لا أعرف أين هى؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©