الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا تخطط للانسحاب من ألمانيا

13 مارس 2013 11:21
التركة التي تعود إلى الحرب الباردة ستصل إلى نهايتها قبل عام من موعدها المحدد، وذلك عندما تنسحب القوات البريطانية من التراب الألماني في عام 2019، حيث أعلنت الحكومة البريطانية خلال الأسبوع الجاري أنها تعتزم تسريع انسحاب جنودها من ألمانيا، بالإضافة إلى إعادة تنظيم القواعد العسكرية المحلية للتعامل مع تغيرات المشهد العسكري. فقد قال وزير الدفاع البريطاني، إن جميع القوات البريطانية التي يصل قوامها إلى 20 ألف جندي سيرجعون إلى الوطن بحلول عام 2019 بدلا من الموعد المحدد سلفاً في عام 2020، في حين سيعود 70 في المئة من الجنود بنهاية عام 2015 مقارنة بالخطة السابقة التي حددت عودة نصف الجنود في الفترة ذاتها. ويذكر أنه حوالي أربعة آلاف جندي رجعوا بالفعل إلى بريطانيا مع عائلاتهم الأمر الذي سيكلف الحكومة البريطانية 2.7 مليار دولار، لكنه أيضاً سيمكن بريطانيا من ادخار 361 مليون دولار من النفقات سنوياً في وقت تخفض فيه الدولة نفقاتها العامة في إطار سياسة التقشف الرامية إلى الحد من العجز المالي الكبير. وكان الهدف من تواجد القوات البريطانية في ألمانيا تعزيز دفاعات أوروبا الغربية إبان الحرب الباردة وحمايتها من خطر التوسع السوفييتي، وحتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وزوال الخطر الشيوعي، أصبحت القوات البريطانية مفيدة لأغراض التدريب وضمانة لأوروبا الغربية في وقت كانت في دول أوروبا الشرقية المتحررة من الشيوعية تعاني من الهشاشة، ولم تعثر على طريقها بعد، وعن هذا الموضوع صرح وزير الدفاع البريطاني أمام البرلمان قائلًا «إن عودة الجنود البريطانيين من ألمانيا يمثل نهاية حقبة بأكملها، وأود هنا تسجيل امتناننا الكبير للحكومة والشعب الألمانيين للدعم الذي قدماه لقواتنا سواء كان معنوياً، أو مادياً طيلة العقود الستة الماضية». ومن جهته أكد أمين المتحف الوطني للجيش في لندن، «روبرت فليمينج»، أن الإرث الأهم الذي خلفه وراءه الجيش البريطاني في ألمانيا هو الردع، موضحاً ذلك بقوله «ففي الوقت الذي تغادر فيه القوات البريطانية الأراضي الألمانية تكون قد قضت هناك سبعين سنة، ومع أنه في البداية كانت هناك بعض مشاعر العداء تجاه الجنود البريطانيين كنتيجة للحربين العالميتين وما خلفتاه في النفوس من ذكريات سيئة، إلا أنه بتعاقب الحكومات المدنية في ألمانيا رُحب بالجنود الألمان لأنه بدأ يُنظر إليهم كعامل لتحقيق الاستقرار». ويضيف أمين المتحف الوطني للجيش قائلاً: «في أوج انتشار القوات البريطانية في ألمانيا خلال الثمانينات، كان هناك حوالي 70 ألف جندي بريطاني في الجزء الشمالي من ألمانيا، وقد شهدوا عدداً من الأحداث التاريخية المهمة مثل أزمة الصواريخ الكوبية، وانهيار الاتحاد السوفييتي، وتداعي الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية. ومع أن البعض يتساءل: لماذا لم ترجع القوات البريطانية مباشرة بعد انهيار المنظومة الشيوعية، إلا أن الاستقرار في تلك الفترة لم يستتب بعد وكان الاتحاد الأوروبي والديمقراطية محدودتين في رقعتهما الجغرافية، فالقوات البريطانية ساعدت في تحقيق الردع، وقد تفهم الشعب الألماني هذه الحقيقة ورحب بها. ومع أن الجنود مدربون للقتال، وهو ما لم يفعلوه في ألمانيا، إلا أنه مجرد حفظهم للسلام والاستقرار كان إنجازاً في حد ذاته»، ويرى بيتر كوينتن الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية وأحد الذين خدموا في الجيش البريطاني بألمانيا أن قضية انسحاب القوات البريطانية من ألمانيا تهم البريطانيين أكثر من الألمان، قائلا «إن التركة الأهم التي خلفتها القوات البريطانية وراء ظهرها في ألمانيا هي حفظ السلام وتكريس الاستقرار في مرحلة كانت فيه أوروبا الغربية مهددة بالتمدد الشيوعي، وكانت ألمانيا مقسمة بين المعسكرين الغربي والشرقي. ومع أن البعض يرجع الاستقرار إلى الاتحاد الأوروبي وتوسع الديمقراطية، إلا أن ذلك ليس صحيحاً، ما ساهم في استقرار السلام هو تواجد الجنود على الأرض للتصدي لخطر الاتحاد السوفييتي، ومن دون هذا التواجد الملموس للقوة على أرض الواقع ما كان أن يتحقق هدف الردع». ويتابع الباحث في الشؤون العسكرية تأكيده لدور الجيش البريطاني في ألمانيا قائلا «لقد تحدثت إلى أحد الألمان وأخبرني أن قضية انسحاب القوات البريطانية لم تتحول إلى مادة للنقاش على الساحة الألمانية، فلم تكن هناك في السابق دعوات تطالب بمغادرة القوات البريطانية على شاكلة ما تشهده القوات الأميركية مثلا من احتجاجات في اليابان تدعوها إلى المغادرة. كما لم يكن أحد يطالب البريطانيين بالبقاء أيضاً، وكل ما هنالك أن هناك بعض السياسيين المحليين في ألمانيا يتحدثون عن تراجع مداخيل بعض المدن بسبب مغادرة القوات البريطانية، لكن ما عدا ذلك لا يوجد نقاش حقيقي في الساحة الألمانية حول الموضوع». ويعزو الباحث عدم الاهتمام بموضوع مغادرة القوات البريطانية لألمانيا من قبل المسؤولين والسياسيين الألمان إلى تعودهم على رؤية الجنود الأوروبيين وهم ينسحبون إلى بلدانهم، إذ سبق أن غادر الجيش الفرنسي، ثم الروسي، واليوم جاء دور القوات البريطانية، مؤكداً أن ألمانيا تظل مكاناً جيداً من الناحية التدريبية وما كانت بريطانيا لو خيرت أن تغادر ألمانيا لو لم يكن الأمر متعلقاً بإكراهات الموازنة ومتطلبات التقشف التي فرضت مراجعة عامة للنفاقات الحكومية بما في ذلك الإنفاق العسكري. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©