الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والصين... دعاوى التجسس الإلكتروني

13 مارس 2013 11:22
وجهت إدارة أوباما تحذيراً صريحاً يوم الإثنين الماضي للصين على خلفية عمليات الاختراق الإلكتروني التي تقوم بها جهات داخلها، واضعة مجموعة من الأمور المحددة من الصين، ومشددة في الوقت نفسه على تعهدها باتخاذ إجراءات مفتوحة ضد عمليات تستهدف معلومات حساسة تابعة للشركات الأميركية. ففي خطاب ألقاه «توماس دونيلون» مستشار أوباما للأمن القومي، أمام الجمعية الآسيوية بنيويورك، بدا وكأنه يتجاوز تصريحات أوباما نفسه حول التجسس الإلكتروني وتنديده به في خطاب حالة «الاتحاد»، والذي امتنع فيه عن الإشارة إلى الصين باعتباره مصدر تلك الهجمات، ذلك أنه في تعليقاته يوم الإثنين الماضي لم يترك «دونيلون»، أي مجال للشك في أن البيت الأبيض انتقل إلى نبرة أكثر حزماً في التعامل مع الظاهرة، بما فيها إطلاق دعوات للتحقيق في حالات التجسس الإلكتروني التي تطال الشركات الأميركية، حيث قال مستشار الأمن القومي «إن الشركات الأميركية ترفع اليوم صوتها معبرة عن انشغالها البالغ بأعمال السطو المعقدة والخطيرة التي تستهدف معلومات سرية وتطال التكنولوجيا التابعة لها من خلال اختراق مواقعها والتي تبين أنها قادمة من الصين». وكما أعلن أوباما في خطاب «حالة الاتحاد»، سنتخذ الإجراءات اللازمة لحماية اقتصادنا من الأخطار الإلكترونية». لكن الأهم من ذلك أن «دونيلون»، ولأول مرة حدد مجموعة من الأمور التي إذا لم تستجب لها الصين قد تفضي إلى إجراءات أميركية تشمل خيارات متعددة لا تقتصر فقط على الرد بالمثل من خلال هجمات إلكترونية تطال أهدافاً صينية، بل تمتد أيضاً إلى احتمال اللجوء إلى القوة العسكرية اعتماداً على خطورة وحجم الهجمات الإلكترونية الصينية. هذه الأمور التي حددها «دونيلون» عبر عنها في تدخله أمام الجمعية الآسيوية قائلاً: «نريد من الصين تحقيق ثلاثة أمور أساسية، أولاً نحتاج إلى اعتراف الصين بالطبيعة الاستعجالية للموضوع والتهديد الذي يمثله سواء على التجارة الدولية، أو سمعة الصناعة الصينية، أو مجمل العلاقات الصينية الأميركية. وثانياً على بكين اتخاذ خطوات واضحة للتحقيق في أنشطة الاختراق الإلكتروني ووضع حد لها، وأخيراً نريد من الصين الانخراط معنا في حوار بناء ومباشر لتأسيس معايير مقبولة فيما يتعلق بالتجسس الإلكتروني». ويرى المراقبون أن الصرامة التي أظهرتها الإدارة الأميركية مهمة بعد الهجمات الإلكترونية الكبيرة التي تعرضت لها صحيفة «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست، وغيرها من المواقع الإلكترونية التابعة لوسائل إعلامية مهمة. كما تأتي الخطوة الأميركية في أعقاب التقرير المحوري الذي أصدرته في الشهر الماضي شركة «مانديانت» محملة حصة الأسد من المسؤولية في الهجمات التي تعرضت لها الشركات الأميركية على وحدة تابعة للجيش الصيني تعمل انطلاقاً من بناية تضم 12 طابقاً موجودة في شنغهاي. وفي هذا السياق يقول «جيمس لويس»، الخبير في الأمن الإلكتروني بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن «إنها فعلا المرة الأولى التي يخرج فيها مسؤول أميركي ليحدد للصين ثلاث خطوات يتعين الالتزام بها لمحاربة التجسس الإلكتروني، علماً أنه في السابق لم يتجرأ أحد علناً على التلفظ بمثل هذا الكلام وتوجيهه مباشرة للصين، وفيه أننا نريد اعترافاً رسمياً منهم بالهجمات، وإجراء تحقيق في الموضوع، ثم الدخول في حوار حول قواعد السلوك المتبعة في العالم الافتراضي». وكان الموقف الصيني يتبني طيلة الفترة الماضية سياسة الإنكار، إذ دائماً ما يؤكد المسؤولون في بكين أن الصين تحرم أنشطة التجسس الإلكتروني، وأنه لا شيء من تلك الأنشطة يتم بعلم من الحكومة، لكن هذا الإنكار فنده تقرير شركة «مانديانت» التي أماطت اللثام عن مسؤولية جهات رسمية صينية على هجمات إلكترونية استهدفت «جوجل» وشركات أخرى، بل امتدت إلى بعض منشآت البنية التحتية الحساسة مثل شركات خطوط الغاز الطبيعي. ويعلق «لويس» على الموقف الصيني قائلاً: «من الصعب التفاوض مع أناس لا يقرون بالحقيقة، ومع أنه ليس سهلا الاعتراف بالتجسس، فإنه يتعين على الصينيين الإقرار بأنهم يطورون قدرات عسكرية واستخباراتية مهمة، ولا يمكن ترديد مقولتهم الدائمة بأنهم لا يعرفون شيئاً»؛ وكانت الصين قد حثت في الماضي الولايات المتحدة على توقيع «مدونة سلوك» تتعلق بالعالم الافتراضي والإنترنت، وهي الوثيقة التي رفضت واشنطن التوقيع عليها خوفاً من القيود التي تفرضها على حرية التعبير وحقوق الإنسان. لكن مع ذلك دخلت إدارة أوباما طيلة السنوات الثلاث الماضية في مفاوضات رسمية مع روسيا وأخرى غير رسمية مع الصين حول موضوع الهجمات الإلكترونية، وإذا استمرت الاختراقات الصينية ستكون ردة فعل الولايات المتحدة على الأرجح اتخاذ خطوات صغيرة لكنها رمزية مثل منع الأفراد المتورطين في هجمات على أميركا من الدخول إلى الولايات المتحدة، لا سيما بعدما رصدت شركة «مانديانت» وجود ثلاثة قراصنة اخترقوا مواقع أميركية وأن اثنين منهم درسوا في أميركا، لكن فيما عدا ذلك يدعو «لويس» المسؤولين الأميركيين الذين يقومون بزيارات إلى الصين بإثارة الموضوع مع نظرائهم الصينيين. وبالإضافة إلى التحذير الذي أطلقه مستشار الأمن القومي للصين، فإنه وجه أيضاً دعوة للمسؤولين الصينيين بعدم إهدار الرغبة الأميركية في التعاون، قائلا «لقد عملنا بجد لبناء علاقات ثنائية بناءة تسمح لنا بالتداول بشأن قضايا ذات اهتمام مشترك، لذا يتعين على الولايات المتحدة والصين باعتبارهما أكبر اقتصادين في العالم ويعتمدان على الإنترنت إيجاد حل لمشكلة التجسس الإلكتروني». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©