الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتجاجات سيئول ··· أسباب اجتماعية واقتصادية

احتجاجات سيئول ··· أسباب اجتماعية واقتصادية
12 يونيو 2008 00:49
غصت العاصمة سيئول -يوم الثلاثاء الماضي- بمئات الآلاف من المتظاهرين للاحتجاج على القرار الحكومي القاضي باستئناف صادرات كوريا الجنوبية من لحوم الأبقار الأميركية، وهو ما يهدد بتقويض الجهود التي تبذلها الإدارة الحالية في سيئول للتقارب مع الولايات المتحدة، وتعتبر الاحتجاجات الأخيرة، التي جاءت بعد ستة أسابيع من الاستياء الشعبي حول قضايا تجارية وأخرى اقتصادية، ضربة قاسية للرئيس ''لي ميونج-باك'' الذي بنى حملته الانتخابية على أساس مقاربة براجماتية في التعامل مع واشنطن، فقد جعل ''ميونج-باك'' من تعزيز التحالف السياسي والاقتصادي بين بلده والولايات المتحدة في صدارة أولياته، فيما تبنى خطاً أكثر تشدداً مع كوريا الشمالية مقارنة مع سلفه ''روه مو-هين''، ولمواجهة الغضب الشعبي والتخفيف من حدة المظاهرات عرض الرئيس استقالة حكومته، ومع أن الأمر لم يحسم بعد حول عدد الوزراء الذين سيغادرون الحكومة، إلا أن الرئيس أكد تعديله للحكومة بعد أربعة أشهر فقط على توليه السلطة· وقد سبق للرئيس ''بوش'' أن عبر عن أمله في أن يؤدي الموقف الحازم لكوريا الجنوبية في التعامل مع جارتها الشمالية إلى إقناعها بالتخلي عن برنامجها النووي، وذلك خلافاً لموقف الحكومة السابقة في سيؤول، والأهم من ذلك علق الرئيسان ''بوش'' و ''ميونج-باك'' آمالا عريضة على أن قرار الحكومة بإنهاء حظر استيراد اللحوم الأميركية الذي دام خمس سنوات في شهر أبريل الماضي، سيدفع الكونجرس إلى إقرار اتفاق التجارة الحرة بين البلدين، وهو ما سيساعد الاقتصاد الكوري الجنوبي المتباطئ حالياً على النهوض مجدداً وتحقيق معدات نمو أكبر، غير أن المظاهرات الأخيرة التي اجتاحت شوارع ''سيئول'' لا بد أنها ستعيق مسار التقارب مع واشنطن، كما أنها ستؤثر سلباً على اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، كما تعكس الاضطرابات الاجتماعية التي تشهدها كوريا الجنوبية، القلق الشعبي المتزايد في ظل تراجع النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم، فضلا عن تحفظ الرأي العام على السياسات الاقتصادية الجديدة التي تخدم مصلحة المستثمرين الأجانب والشركات الكبرى· لكن القضية الأساسية التي أثارت الجدل وأججت الاحتجاجات الشعبية، هو القرار الحكومي باستئناف واردات لحوم الأبقار من الولايات المتحدة، بعدما جمدت قبل فترة إثر اكتشاف حالة لمرض ''جنون البقر'' في الولايات المتحدة عام ،2003 وقد أبدى المحتجون خوفهم من تعريض اللحوم الأميركية المستوردة حياتهم للخطر، وهي التوجسات التي أثارتها التقارير الإعلامية وتحذيرات جمعيات المزارعين والنقابات المختلفة، بل واتهموا الحكومة بالتقصير في عملية المراقبة والسماح بدخول كميات كبيرة من اللحوم الأميركية دون إخضاعها للفحص، وترد الحكومة من جانبها على ادعاءات المعارضين لرفع الحظر على اللحوم الأميركية، أن هذه الأخيرة كان يفترض استئناف استيرادها منذ شهر سبتمبر الماضي بعد انتهاء فترة الحظر، لا سيما بعدما أعلنت المنظمة العالمية لصحة الحيوانات خلو اللحوم الأميركية من أي مخاطر صحية· وإذا كانت السلطات في كوريا الجنوبية قد تأخرت كل هذا الوقت في رفع الحظر، فلأنها كانت تخشى من ردة فعل التيارات السياسية القومية في كوريا الجنوبية التي وظفت موضوع رفع الحظر لإثبات عجز الحكومة عن الوقوف في وجه واشنطن والدفاع عن مصالح البلد· وفي ظل هذا الوضع تدنت شعبيته إلى ما دون 20 بالمائة في العديد من استطلاعات الرأي التي أجريت بعد اتخاذ الحكومة لقرارها، وفيما كان يُنظر إلى الرئيس ''ميونج-باك'' على أنه مخلص الاقتصاد من حالة الركود مقارنة مع ازدهار الاقتصاد الصيني، يجد نفسه اليوم في غمار معركة صعبة لاستعادة الثقة الشعبية المفقودة في حكومته، وفيما رحب المستثمرون الأجانب بخطته القائمة على تقليص حجم الحكومة وبيع بعض الشركات التابعة للدولة، لاقت سياسته معارضة كبيرة من قبل مجموعات المصالح القوية مثل النقابات والجهاز البيروقراطي، وفي هذا الإطار يقول ''كانج وان-تايك'' -المحلل السياسي بجامعة ''سونجسيل'' بالعاصمة سيئول-: ''إن الأولوية الآن بالنسبة للرئيس هي استعادة ثقة الناس، لأنه وصل اليوم إلى مرحلة لم يعد فيها الرأي العام يثق بما يقوله، أو يفعله''· وعلى امتداد الأربعين يوماً الماضية، اهتزت ''سيئول'' تحت وقع المظاهرات العارمة التي شارك فيها الطلبة وباقي شرائح المجتمع، وفيما أشارت التقديرات الحكومية إلى أن عدد المتظاهرين لم يتجاوز 100 ألف، أكد منظمو الاحتجاجات أن الرقم الحقيقي تجاوز 700 ألف مشارك، ولم يركز المحتجون على مسألة استيراد اللحوم الأميركية فحسب، بل امتد الغضب إلى مجموعات متنوعة لها مصالح مختلفة تصل أحياناً حد التناقض، فقد شارك في المظاهرة مؤيدون لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا إلى جانب المعارضين لها، كما نزلت إلى الشارع القوى القومية المتحفظة على التقارب مع الولايات المتحدة، إضافة إلى المتخوفين من البرنامج النووي لكوريا الشمالية، ويبدو أن السبب الحقيقي الذي دفع بالمتظاهرين إلى الشارع يتجاوز موضوع القرار الحكومي برفع الحظر على استيراد لحوم الأبقار الأميركية، إذ يرتبط أكثر بالمصاعب الاقتصادية التي تواجهها البلاد والضغوط الاجتماعية التي يعاني منها الكوريون الجنوبيون· ويخشى المراقبون من تصلب الكونجرس الأميركي في موقفه من اتفاقية التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية بعد احتمال وقف استيراد لحومها، وفي هذه الحالة ستتفاقم الصعوبات الاقتصادية لكوريا الجنوبية التي تعتمد في جزء كبير من صادراتها على السوق الأميركية· تشو سانج-كوريا الجنوبية ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©