الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مروِّح» البحرية محمية إماراتية يعود تاريخها إلى العصر الحجري

«مروِّح» البحرية محمية إماراتية يعود تاريخها إلى العصر الحجري
3 مايو 2010 20:49
عاشت «دنيا» يوماً في محمية مروِّح البحرية، القريبة من المرفأ، ضمن وفد إعلامي دعاه مجلس تنمية المنطقة الغربية، وذلك على هامش فعاليات مهرجان الغربية الثاني للرياضات المائية، وصحب الوفد، عبيد خلفان المزروعي مدير إدارة الاستثمار والترويج والعلاقات العامة في المجلس بالإنابة، ومسعود المزروعي ضابط العلاقات العامة بالمجلس. ومحمية مروح البحرية مدرجة منذ سنوات ضمن شبكة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي، حيث كانت أول محمية في دولة الإمارات تنضم إلى الشبكة العالمية المؤلفة من أكثر 529 محمية موجودة في أكثر من 105 دول حول العالم. تقع مروح في المنطقة الغربية لإمارة أبوظبي وعلى بعد 120 كم من العاصمة، وتعد نموذجاً مثالياً ممثلاً للبيئة البحرية والساحلية بالدولة، فهي غنية بتنوعها البيولوجي الذي تدعمه بيئات بحرية وساحلية، كما تضم منطقة المحمية 60 % من ثاني أكبر تجمع عالمي لأبقار البحر أو الأطوم المهددة بالانقراض في العالم، مما يضفي عليها أهمية عالمية. وتوجد في المحمية أنواع من السلاحف البحرية أهمها السلاحف الخضراء وسلاحف منقار الصقر، وتعتبر شواطئ منطقة المحمية بيئة مثالية لأعشاش سلاحف منقار الصقر. وتزخر المحمية بأنواع من الدلافين وأنواع عديدة من الأسماك والشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والطحالب وأنواع من الشعاب البنية التي يتغذى عليها العديد من الأسماك، وتعد بيئة مثالية لاحتضان بيضها. كذلك توجد أشجار القرم ‘’المانجروف’’ في المنطقة الساحلية لجزر مروح والبزم والفيي وبوطينة، حيث تعمل هذه الأشجار على تثبيت الشواطئ وتشكيل بيئة ملائمة لتعشيش الطيور التي تستوطن المنطقة أو الطيور المهاجرة ذات الأهمية العالمية، مثل أنواع الخرشنات وصقر الغروب والغاق السوقطري، وكذلك لحماية وتغذية الأسماك. كانت بداية الجولة، بقارب وفرته الجهة الداعية، سار بنا قرابة 40 دقيقة في عرض البحر، من المرفأ في اتجاه المحمية، وفور الوصول استقبلتنا الأسماك التي تتجمع على الشاطئ تستظل بممرات المرسى سواء من أسماك أم ضريس المعروفة أيضاً بالحمرة، أو أسماك الهامور، وكذلك طيور اللقلق أو الفنتير، والسمة المشتركة بين الأسماك والطيور أنها تتهادى في دعة، غير عابئة بشيء، بعد أن وفرت لها هيئة البيئة والحياة الفطرية في أبوظبي أجواء آمنة للعيش، حيث تتولى الهيئة مهمة الإشراف على المحمية وتنميتها. وبمجرد الخروج من المرسى، بدأت الجولة داخل الجزيرة التي تمثل كتاباً طبيعياً مفعماً بالتفاصيل البكر التي لم يلوثها شيء بعد، وتكاد تستشعر لبعض الوقت وفي أماكن معينة، أنك أول إنسان يطأ هذه النقطة، وذلك على الرغم من عدد من المشاريع الممتدة فيها، بهدف حمايتها وصونها، ولم تنل من جمالها وعذريتها البيئية. وكانت محطة البداية في الجولة داخل المحمية من أمام مسجد قديم، اختلف رفقاؤنا في تحديد تاريخه، ويسمى مسجد «ابن كدّاس»، نسبة إلى ابن كداس الرميثي، وهو أحد الذين سكنوا المنطقة، ويوجد المسجد قبالة البحر، ويبدو أنه كان ساحة العبادة للصيادين الأوائل. وبالرغم من أن المسجد بات أثراً بعد عين، إلا أنك تكاد تسمع فيه أنفاس من صلوا وقاموا، كما لا تخطئ العين ملامح القبلة التي مازالت موجودة والأرفف التي كانت توضع فيها المصاحف، كما يبدو من خلاله أيضاً أن عدد مرتاديه لم يكن كبيراً، فمساحة المسجد صغيرة، ربما تتسع لـ30 شخصاً على الأكثر، وهو مبني من الصخور البحرية، التي تتحدى الزمن، وموجود في منطقة تسمى «اللفة»، وهي إحدى الجزر داخل محمية مروِّح. بعد ذلك، توجهنا في جولة إلى أعماق المحمية، حيث توجد «البحوث»، وبالطبع هي ليست البحوث بالمعنى الأكاديمي الذي يشير إلى الدراسات والأبحاث، وإنما هي عيون الماء التي كانت المصدر الوحيد للمياه العذبة في الجزيرة، وهي عبارة عن حفرات بعمق متر ومتر ونصف المتر وبقطر يتراوح بين متر ونصف متر، توجد في منطقة منخفضة، وكانت المياه تتجمع بها، ووفق رواية عبيد خلفان المزروعي، كانت هناك عمليات فلترة فطرية معينة، يقوم بها أهل المنطقة، لتخليص المياه من أية ترسبات، بعدها تصبح صالحة للشرب تماماً، مشيراً إلى أن المنطقة التي تضم هذه البحوث(الحفر)، كانت تحتوي على سبع منها، اندثرت خمس منها، وما زالت هناك عينان تتحديان الزمن. وثمن عبيد خلفان المزروعي اهتمام هيئة البيئة اللافت بالمحمية وصونها، وإن اقترح أن تتم إعادة تشغيل هذه البحوث، وإحاطتها بسياج، كونها من المعالم المهمة في المحمية. ومن «البحوث»، توجهنا إلى منطقة أخرى، حيث مسجد محمد صابر بن عبلان المزروعي، وبالرغم من حداثة إنشائه قياساً بباقي معالم المحمية، إلا أن صاحبه راعى «وحدة النص» إلى حد كبير، فلم يأت المسجد نغمة نشاز، وإنما هو يحاكي بقية المعالم الأخرى، بعد أن شيد من الطوب اللبن، وسقف بالخشب، ووفق نسق معماري قديم. وفي الطريق من مسجد ابن عبلان إلى غابة القرم بالمحمية، حدثنا مسعود المزروعي عن محمية الغزلان والأرانب البرية الموجودة في مروِّح والتي تمثل معلماً من معالمها، وتصونها مجموعة من القوانين التي تجرم اصطياد أي منها. ورغم أنه ليس من موظفي البيئة، غير أن حاله كحال معظم أهالي المنطقة، يعلم جيداً طبيعة القوانين التي سنتها الهيئة للحفاظ على المحمية، ويوضح مسعود المزروعي أنه من بين هذه القوانين، تجريم إمساك أو نقل أو قتل أو إزعاج الكائنات الفطرية، وإتلاف أوكار وموائل الطيور والسلاحف البحرية أو إعدام بيضها، وتدمير أو إزالة المكونات الطبيعية لبيئة المحمية مثل الشعاب المرجانية والأصداف البحرية والتربة، وكذا تدمير أو إزالة النباتات الطبيعية من منطقة المحمية، أو تشويه أو تدمير المظاهر والتراكيب الجيولوجية والبحرية لبيئة المحمية، وتلويث بيئة المحمية بأي شكل من أشكال الملوثات، إضافة إلى منع رسو المراكب في أماكن غير مخصصة لذلك أو إلقاء المخطاف على أماكن الشعاب المرجانية. وأكد عبيد خلفان المزروعي أن هذه القوانين التي تم سنها كانت بهدف الحفاظ على المحمية التي تمثل ثروة للدولة وأبنائها، وأن كل أبناء المنطقة يعون جيداً القوانين، بل إنهم أول من يحرص على تنفيذها، إذ يدركون أنهم شركاء في مهمة الحفاظ عليها لأنها لكل الإمارات، ووجودها ضمن الشبكة العالمية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي، هو أكبر دليل على قيمتها وأهميتها. واصطحبنا عبيد خلفان المزروعي بعد ذلك، إلى غابة شجر القرم التي تتسلل إليها مياه البحر، في عناق خلّاب وتوحد مبهر لكافة عناصر الطبيعة، ففي الماء يرفل شجر القرم في ثوب الخضرة البكر، ويتهادى الماء متسللاً يداعب الجذور، وسمح الاثنان معا للصحراء التي تحيط بهما بأن تكون جزءاً من اللوحة، ففي وسط الماء تشكل تشققات الصحراء رسومات وربما كلمات تسبح للخالق مبدع الكون. 20 موقعاً أثرياً تعود إلى العصر الحجري بعد ذلك اصطحبنا عبيد خلفان في جولة سريعة في عدد من مناطق المحمية التي لا يمكن زيارتها جميعاً في يوم واحد، ودار الحديث أثناء العودة عما تمثله المحمية من قيمة للمنطقة، وواحة للباحثين عن الأمان والحياة الفطرية التي تتوق إليها النفس، وتفرح بها العين. تتمتع منطقة محمية مروح بقيمة ثقافية وأثرية كونها تشتمل في مختلف جزرها على أكثر من 20 موقعاً أثرياً تعود بتاريخها إلى العصر الحجري. وجاءت إضافة محمية مروح إلى شبكة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو» لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي، إثر الاجتماع الذي عقده مكتب المجلس الدولي لتنسيق برنامج الإنسان والمحيط الحيوي «ماب» التابع للمنظمة في باريس في سبتمبر من عام 2007. ومحمية المحيط الحيوي هي نوع خاص من المحميات أقامتها اليونسكو لتعزيز الخدمات البيئية التي تقدمها المحمية للمجتمعات المحلية، مثل استدامة المصايد التقليدية والأعمال الحرفية التراثية والحفاظ على التاريخ الثقافي والطبيعي المعبر عن الهوية الوطنية داخل المحمية، والفكرة نابعة من التعاون المتبادل ما بين الإنسان والبيئة. وتقع محمية مروح البحرية في المنطقة البحرية غرب جزيرة أبوظبي، وتحدها من الناحية الشرقية جزيرة أبوالأبيض، ومن الناحية الغربية جزيرة صير بني ياس، ومن الناحية الجنوبية شريط ساحلي كثير الخلجان والتعاريج، ومن الناحية الشمالية جزيرة جرنين. وقد أعلنت هذه المحمية رسمياً في عام 2001، وتتولى هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها في إمارة أبوظبي سلطة الإشراف عليها. وتبلغ مساحتها حوالي 4255 كيلومتراً مربعاً، وتشمل الجزر البحرية والمناطق الضحلة الآتية: البزم الغربي، الفيي، مروح، بوطينة، حالة الحيل، حالة مبرز، أم عميم، جنانة، الصلاحة. وينتشر في المنطقة الكثير من الحالات التي تتكشف جزئياً أثناء الجزر المنخفض. وتعتبر المنطقة ممثلاً جيداً للبيئة البحرية والنطاق البيوجرافي البحري على الخليج العربي لدولة الإمارات، من حيث تنوع الأعماق بالمنطقة، إذ تحتوي على بعض الجزر الصغيرة والأماكن الضحلة التي تتكشف في أوقات الجزر والمسارات العميقة (حتى حوالي 25 متراً)، مما يهيئ بيئات مختلفة لكائنات القاع والمجتمعات البحرية الأخرى. كما تعتبر المنطقة بيئة بحرية مميزة للأعشاب البحرية، وتكثر بها الطحالب البحرية، وتسود أنواع الشعاب المرجانية البنية. وتحتوي المنطقة الساحلية الرطبة التي تغمرها مياه المد والجزر على تجمعات أشجار القرم (المانجروف)، ولتلك المناطق الساحلية حياة نباتية وحيوانية مميزة في أداء الوظائف الحيوية، كما أنها ترتبط مع بعضها بعضاً ومع النظم البيئية القريبة بعلاقات غذائية وبيئية متبادلة. المحمية من الصنف السادس تمثل محمية مروح الصنف السادس من أنواع المحميات طبقاً لتصنيف الاتحاد العالمي للمحافظة على الطبيعة، وذلك طبقاً للأنشطة متداخلة الاهتمامات، مما يستدعي اعتبارها محمية إدارة موارد طبيعية. وتوجد في المنطقة الساحلية تجمعات أحيائية كبيرة في السبخات ذات المساحات الكبيرة المنتشرة بطول الشريط الساحلي، حيث تشاهد الطيور كثيراً ومجموعات النباتات الملحية التي يساعد وجودها في ثبات واتزان التربة. ويلاحظ أن التداخلات البشرية بالمنطقة البحرية والساحلية المقترحة مازالت قليلة، مقارنة بمثيلاتها في أماكن أخرى من حيث أعمال الحفر والردم والبنية للتنمية العمرانية. وتعتبر البيئة البحرية بمنطقة محمية مروح التي تضم في نطاقها أكثر من 20 جزيرة، منها جزر مروح وصلاحة وجنانة والفيى والبزم الغربي وبوطينه وحالة مبرز مع الشريط الساحلي المقابل لها، نموذجاً مثالياً ممثلاً للبيئة البحرية والساحلية بالدولة، وهي غنية بتنوعها البيولوجي الذي تدعمه بيئات بحرية وساحلية حساسة للتدخلات البشرية. وفي حديث سابق للسيد ماجد المنصوري أمين عام هيئة البيئة بأبوظبي حول محمية مروح أكد أنها تعتبر من أهم المناطق عالمياً، لتواجد أبقار البحر أو الأطوم المهددة بالانقراض والتي يعتقد أن مياه إمارة أبوظبي وعلى وجه الخصوص منطقة المحمية تضم ثاني أكبر مجموعة منها في منطقة المحيط الهندي - الهادي. كما تتواجد أنواع أخرى من السلاحف البحرية ومن أهمها السلاحف الخضراء وسلاحف منقار الصقر، وتعتبر شواطئ منطقة المحمية من الأماكن المؤهلة لتعشيش سلاحف منقار الصقر، ولها أهمية اقتصادية وبيئية بالدولة. وأشار إلى أن أشجار القرم بالمنطقة الساحلية وجزر مروح والبزم والفيي وبوطينة وأماكن أخرى متفرقة، تعمل على تثبيت الشواطئ وتشكل بيئة هامة لتعشيش الطيور وحماية وتغذية الأسماك البحرية خاصة في طور الحضانة، بالإضافة إلى أن المنطقة الساحلية وبعض الجزر بها العديد من السبخات الهامة لأنواع عديدة من الطيور المهاجرة والمقيمة، كما أنها تدعم مستعمرات الطيور ذات الأهمية العالمية، ومن أمثلة تلك الطيور أنواع الخرشنات وصقر الغروب، كما يتواجد الغاق السوقطري بكميات كبيرة على منطقة جزيرة بوطينة وما حولها.
المصدر: المرفأ
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©