الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معركة البر والبحر

3 مايو 2010 21:23
لطالما اشتهر معظم سكان الدولة على مر التاريخ بمهنة صيد السمك واستخراج اللؤلؤ من مياه الخليج العربي، الذي كان المصدر الأول للرزق قبل اكتشاف النفط والنهضة الحديثة التي شهدتها المنطقة منذ ستينات القرن الماضي. العلاقة بين مهنة الصيد والإماراتيين استمرت لسنوات طويلة دون أن تشوبها شائبة، والكثير من الرجال كانوا يعتبرون الصيد مصدر رزقهم الأول طوال تلك السنوات، ولكن دوام الحال من المحال. فمع تغير الزمان ودخول عصر جديد يقوده «البر»، مدعوماً بثورات التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وتأهيل الكوادر البشرية للتعامل مع تلك التقنيات، وتحول الناس إلى مجالات كثيرة ومتعددة، بقي البحر في عزلة عن الكثير ممن اعتاد حملهم على ظهره لعقود طويلة. اليوم تفتقد مهنة الصيد الكثير من أبناء الوطن، فهناك الآلاف من الآسيويين الذين يدخلون البحر ويصطادون السمك نيابة عنهم، وبقي الوجود ضعيفاً، ففي معظم الأحيان يكفي وجود «النوخذة» في كل قارب صيد، ولا أحد يعلم ما سيحدث في السنوات المقبلة، وهل سيصمد هذا «النوخذة» أم سينجرف هو الآخر أمام سيل الإغراءات الكثيرة التي يوفرها «البر» بعد أن أصبح منافسا قويا للبحر، فسلب منه أغلب أصحابه وأصدقائه. اليوم أصبح البحر في حاجة للمساعدة والمساندة، ليتمكن من الوقوف أمام مميزات وإغراءات خصمه، فالبحر لا يملك القدرة على منح الرواتب العالية وبدلات الدراسة للأبناء وتذاكر السفر، البحر لا يستطيع تقديم بدل السكن ولا حتى «البونص» والمكافآت السنوية، فهو لا يملك سوى السمك واللآلئ التي لم يعد استخراجها سهلاً، فكيف يستطيع أن يحافظ على رفاقه. هناك دعم لا بأس به من بعض الجهات الحكومية، مثل توفير محركات للقوارب وغيرها من أشكال الدعم، وخلال الأسبوع الماضي، كانت هناك خطوات إيجابية من مؤسسات خيرية مهمة ورائدة بالدولة، قامت بتقديم الدعم المالي للصيادين المواطنين ببعض مناطق الدولة، ولكن الأمر بحاجة للمزيد من الجهود المنظمة التي تعيد للبحر مكانته. لعل أبرز أشكال الدعم التي ينبغي تقديمها للبحر في معركته مع «البر»، يكمن في عدة أمور أهمها تغيير الوضع السائد في أسواق السمك التي يعود إليها الصيادون بعد رحلتهم الطويلة في عرض البحر، فيبيعون السمك في المزادات بأرخص الأثمان، ويشتريها البائعون، وأغلبهم آسيويون، والذين لم يبذلوا أي جهد مع «البحر وأهواله»، فيبيعونه للناس بأغلى الأثمان، عندها فقط قد يقف البحر على رجليه من جديد، ويقول للبر: «مهلا فأنا لم أخسر المعركة». حسين الحمادي hussain.alhamadi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©