الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المطبخ العراقي في رمضان.. قوائم خاصة

المطبخ العراقي في رمضان.. قوائم خاصة
12 يونيو 2016 17:43
سرمد الطويل (بغداد) كل الأشياء تغيرت في العراق فانحسرت أصوات الأطفال على الأبواب، ولم تعد المقاهي كما كانت، فيما لم تعد زيارات الأقارب والجيران من عادات العراقيين بسبب الأوضاع الأمنية التي تهدد حياتهم، غير أن الأمل، لا يزال يلازمهم بأنه في يوم ما ستعود تلك الليالي التي كانوا يسهرون فيها ويلعبون، ويتسامرون ويأكلون إلى أن يأتي المسحراتي ليعلن لهم بدء العد التنازلي لصيام يوم جديد. ويجاهد المطبخ العراقي للحفاظ على خصوصيته في رمضان، في ظل ظروف اقتصادية صعبة، لاسيما وأن ربات البيوت اعتدن الخروج عن إعداد المألوف من الأطباق على مدار السنة، فيحضرن وجبات طعام رمضانية بحت، مثل شوربة العدس والمحلبي وشراب قمر الدين، ولابد من وجود التمر على مائدة الإفطار، وكذلك كبة العجين وكبة حلب، وكباب الطاوة، وما يتبعها من «نواشف» و«زلاطات» و«مشهيات». أما طعام السحور فعادة ما يقتصر على الأرز وشراب قمر الدين، الذي يقال، إنه يمنع العطش خلال فترة النهار. وعند الإفطار، وقبيل سماع المدفع، تعد بعض الأسر صينية كبيرة فيها أصناف عديدة من الطعام ترسل إلى أقرب جامع في المنطقة حيث ينتظرها مساكين ومحتاجون، وهذا نموذج للتكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء. وكثيراً ما يتناول الجيران بعض طعام السحور أيضاً وهي من العادات الحسنة التي تزيد روابط الألفة والجيرة. واللافت أن صناعة الحلويات في بغداد «أيام زمان» كانت تقتصر على شهر رمضان فقط، فإذا انقضى الشهر توقف «الشكرجية» عن صنعها، وكانت لا تزيد عن أربعة أنواع هي الزلابية والبقلاوة والقطايف وشعر البنات، وكان يضاف إليها في حدود ضيقة جداً نوع من الحلاوة المطعمة باللوز تعرف بـ«المكاوية»، أما اليوم فصنعها وبيعها مستمر طوال أيام السنة. وفي محال بغداد كانت تصف المناضد لتوضع فوقها صواني الحلويات لبيعها على سكان المنطقة، فيما يزين المكان بالأضواء، وقد انقرضت هذه الطريقة وصارت تباع في محال الكبيرة، بعد أن تعددت أصنافها وأشكالها وأنواعها، وأصبحت أيضاً مادة للتهادي ووسيلة للأرباح الوفيرة. وتختار ربات البيت لكل يوم من أيام رمضان أكلة من قائمة طويلة من الأكلات الرمضانية مثل تشريب، وهريسة، وكبة حلب، وكبة برغل، وكبة حامض، ومخلمة، وباجه، وعروكَ كباب مشوي أو مقلي، وتكة وبرياني، والسمك المسقوف، والباجه، والزرده. فضلاً عن قائمة من الحلويات والمعجنات العراقية كالبقلاوة والزلابيه وزنود الست والداطلي أو الطاطلي كما يسمونه في الجنوب العراقي. أما أفضل العصائر التي تميز المائدة العراقية فهي شربت الزبيب، والنومي بصرة، والزنجبيل. كما تتميز المائدة العراقية بأنواع خاصة من المقبلات أبرزها الطرشي. وتشتهر موائد الإفطار في المناطق الجنوبية بالسمك والطابك، وهو طحين الأرز يوضع عليه قليل من الماء ويرش على صحن ساخن موضوع على النار بشكل محدب، وأحياناً تضع نساء الجنوب بعض النساء فتات السمك على خبز الأرز لطعام الإفطار. وقد عرف عن النجفيات إجادتهن لأكلات قل نظيرها في مدن عراقية أخرى، وأشهرها طبخة «الفسنجون»، وهي عبارة عن دجاج محشي أو مطبوخ مع المرق ومحشي بالفستق وحب الرمان. «ما جينه يا ما جينه» بعيد الإفطار يجتمع عدد من الصبية عند باب كل بيت ليس بهدف الاستجداء قطعاً، وإنما هي ظاهرة من ظواهر رمضان يتسلى بها هؤلاء الصبية وهم يتضاحكون ويتدافعون ويرددون بصوت واحد «ما جينه يا ما جينه، حلو الجيس وانطونة»، ويستمرون بترديد هذه الأنشودة، ويضيفون إليها الدعاء لصاحب البيت «الله يخلي حمودي.. آمين، وبجاه الله آمين» إلى أن يخرج إليهم أحد أفراد البيت بشيء، فإذا أبطأوا عليهم صاحوا متسائلين «يهل السطوح، تنطونة لو نروح؟» فإذا لم يكترث بهم أحد هاجوا وماجوا وصرخوا: «سربس على سربس، تنطونة لو نتكربس؟» فإذا خرج إليهم من يطردهم، هربوا وهم يصيحون: «بيت الفكر جيو مي»، ثم يتحولون إلى بيت آخر وهكذا. مقاهي رمضان في ليالي رمضان يحلو السمر واللهو البريء، وتزداد الزيارات بين الأقارب والأصدقاء، وكانت مقاهي بغداد تشهد جانباً كبيراً من الألعاب الرمضانية، وكان بعضها يكرس هذه الليالي لقراء المقامات العراقية فقط، وبعضها يقتصر على سماع «القصة خون»، وهو يروي بطريقة تعبيرية تمثيلية قصة أبي زيد الهلالي أو عنترة بن شداد أو المقداد والمياسة. وكان الفنان الراحل أحمد زيدان يشنف أسماع الجالسين بالمقام العراقي طيلة شهر رمضان. وكان مقهى «التبانة» بالفضل يقدم فصولاً هزلية خلال هذا الشهر، وكذلك مقهى عزاوي الذي اعتاد أن يقدم عروضاً من خيال الظل (القرقوز) بشكل طريف. أما بقية المقاهي، فكانت تقدم لعبة المحيبس المشهورة، ومنها مقهى عكيل في الكرخ ومقهى سبع في الميدان، ومقهى وهب بمحلة الطوب وغيرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©