السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

د. نعيم طرفانة مفتي كوسوفا لـ «الاتحاد»: أعداء الإسلام يحاربوننا بالإعلام المعلّب بهدف طمس هويتنا

د. نعيم طرفانة مفتي كوسوفا لـ «الاتحاد»: أعداء الإسلام يحاربوننا بالإعلام المعلّب بهدف طمس هويتنا
6 أغسطس 2009 23:58
أكد الدكتور نعيم طرفانة رئيس المشيخة الإسلامية ومفتي كوسوفا أن 56 دولة في العالم اعترفت بجمهورية كوسوفا بعد اتخاذ البرلمان قراره التاريخي بإعلان استقلال البلاد عام 2008، وأبدى دهشته من عدم اعتراف معظم دول العالم الإسلامي والعربي باستقلال كوسوفا ما عدا الإمارات والسعودية. وأشار في حواره مع «الاتحاد» إلى أن كوسوفا أكبر تجمع سكاني مسلم في أوروبا، و95 في المئة من سكانها مسلمون، وهي دولة محاصرة من جميع الحدود بدول غير إسلامية. في حواره تطرق إلى عدة أمور شائكة نرصدها في السطور التالية.. ? ماذا عن أوضاع المسلمين في كوسوفا؟ كوسوفا تقع في شبه جزيرة البلقان ومساحتها 11 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها 2.5 مليون نسمة ونسبة المسلمين بها 95 في المئة من عدد السكان. وقد وقع الظلم على الشعب الكوسوفي المسلم منذ عام 1918 عندما تم تقسيم الأراضي الألبانية إلى خمسة أقسام، جزء بقي تحت سيطرة اليونان وهو ما يسمى شماليا وهناك عاش حوالي مليون من المسلمين، وقبل ستين عاما قتل اليونانيون عددا كبيرا من المسلمين واضطر الذين عاشوا في منطقة شماليا إلى الهجرة . وجزء آخر من المسلمين عاشوا تحت سيطرة صربيا . وجزء آخر تحت سيطرة مقدونيا وثالث تحت سيطرة الجبل الأسود. وبعد 90 عاماً نستطيع القول إنه استشهد أكثر من نصف مليون مسلم في كوسوفا، وعاش باقي المسلمين أياما مرة تحت سيطرة السلطات الصربية التي ارتكبت أعمالا إجرامية كبيرة بإبادة الشعب الكوسوفي المسلم، واضطر حوالي مليوني مسلم للهجرة بعد استشهاد نصف مليون كوسوفي، وسجن أكثر من مليون وهذا أكبر دليل على أن الشعب الكوسوفي المسلم كان يعاني من عملية تطهير عرقي وديني. وفي عامي 98 و 99 دارت الحرب بين القوات الإسلامية في كوسوفا والجيش الصربي واستشهد فيها حوالي 20 ألفاً من المسلمين وقتل عدد كبير من الجيش الصربي، ونتيجة لتلك الحرب تم طرد أكثر من مليون و200 ألف مسلم خلال أسبوعين من كوسوفا إلى دول مجاورة كألبانيا ومقدونيا وباقي الدول الأوروبية. استقلال كوسوفا ? بعد إعلان استقلال كوسوفا رسمياً عام 2008 ما حجم الاعتراف الدولي بكم؟ استيقظ ضمير العالم وتدخل في كوسوفا مع حلف الناتو، وتم انسحاب جميع القوات الصربية من كوسوفا عام 1999، ثم عشنا تقريبا 9 سنوات تحت الإشراف المباشر للأمم المتحدة، وكانت البلاد تدار من قبل مبعوث خاص للمنظمة الدولية، ثم أجريت الانتخابات البرلمانية والمحلية، ولدينا الآن رئيس دولة وبرلمان منتخب يضم 120 عضوا ورئيس وزراء وأحزاب كثيرة. والبرلمان الكوسوفي في عام 2008 اتخذ قراراً تاريخياً وأعلن استقلال كوسوفا وقبل عدة أشهر احتفلنا باستقلال كوسوفا المسلمة، وتم الاعتراف بنا حتى الآن من 56 دولة. ولكن العالم الإسلامي والعربي تأخر حتى الآن في الاعتراف باستقلال كوسوفا، وتم الاعتراف بنا من جانب دولة الإمارات والسعودية وست دول في منظمة المؤتمر الإسلامي هي تركيا والسنغال وماليزيا والبانيا وبوركينا فاسو. ? ما علاقة المسلمين في كوسوفا مع العالم الغربي والعالم الإسلامي؟ لدينا علاقة جيدة مع جميع الدول وفُتحت في كوسوفا سفارات كثيرة تمثل معظم دول العالم مثل أستراليا واليابان وأميركا ومعظم الدول الأوروبية وتركيا، وفتحنا 20 من السفارات في عواصم العالم مثل فيينا وواشنطن وبون وباريس، وأنقرة، وأرسلنا سفراء إلى معظم الدول وهذا دليل على أن كوسوفا صارت دولة مستقلة، وإن شاء الله سنستمر في إقامة العلاقات مع الدول الإسلامية والعربية. أكبر تجمع سكاني ? ما أهم المشكلات التي تواجه المسلمين في كوسوفا؟ عشنا أياماً صعبة تحت الضغط المستمر من جانب السلطات الصربية، بالإضافة إلى الحكم الشيوعي الذي استمر 60 عاما، ورغم كل الصعوبات استطاع أباؤنا وأجدادنا أن يعلموا الأبناء مبادئ وأسس الإسلام أيام الحكم الشيوعي، وكانت أكثر من 70 في المئة من مساجد كوسوفا مغلقة، وبعد انتهاء هذا الحكم فتحنا جميع المساجد المغلقة وأنشأنا مساجد أخرى جديدة لتستوعب المصلين. ونحن نواجه صعوبات كثيرة في كوسوفا، لأن لدينا أكبر تجمع سكاني مسلم في أوروبا، فنحن محاصرون من جميع الحدود بدول غير مسلمة، وفي كوسوفا دخلت الكثير من المؤسسات التبشيرية ضمن المؤسسات الإغاثية والخيرية أثناء وبعد الحرب، وانتهزوا الفرصة للقيام بعمليات تنصيرية والدعوة للمسيحية، ونحاول أن نسد تلك الطرق. وفي كوسوفا مؤسسات تابعة لبعض الدول الإسلامية لكن لا توجد استراتيجية مشتركة للتعامل والتعاون مع المؤسسات الإسلامية الأخرى الموجودة في كوسوفا، وعندنا خمس مدارس إسلامية وكلية للدراسات الإسلامية وهذا دليل على أن لدينا حرية في ممارسة شعائر الدين الإسلامي لأن حكومتنا مسلمة. ? كيف كان تأثير الغزو الثقافي والفكري والنفسي على كوسوفا؟ الغرب الذي ساهم كثيرا في تخلف بلدان المسلمين يواجه مشاكل كثيرة تتطلب حلا سريعا والتأثير السلبي للتعلق بالمادة يزيد يوما بعد يوم، والأمراض المزمنة والتي كانت مغطاة بالتقدم الصناعي تظهر بشكل سريع وتنبئ بكوارث أليمة، مثلما حدث مؤخرا بالنسبة للأزمة المالية العالمية الطاحنة التي أتت على الأخضر واليابس. والنظرة الغربية المعادية والسيطرة الغربية بدأت في السقوط. والسلاح الذي يستخدمه الغرب في صد الصحوة الإسلامية سلاح نفسي لخلق حالة اليأس وإضاعة الهوية للشعوب الإسلامية، وتدمير القوة المعنوية والمادية لديهم، ويعمل في هذا المجال المئات من وسائل الإعلام التي تكرس التبعية والدونية وسيستمر عملها في سبيل جعل الأمة تيأس حيال مستقبلها المضيء وهذه الحرب النفسية والثقافية جعلت الغرب يسيطر علي بلدان إسلامية، بإعلام معلب تصدره إليها، وتستهدف هذه الحرب القادة والعلماء والمثقفين وعامة الناس. على الطريقة الغربية ? ما صور الغزو الغربي؟ الغرب أعلن أهدافه في توسيع السيطرة وفرض نفسه على العالم الإسلامي، وأظهر خطته في تقسيمه وتفرقته، حيث نشر مخططات جديدة لإعادة ترسيم الحدود والهوية وطريقة التفكير والحياة لدى المسلمين. ونشر العديد من التقارير والخطط عن تقسيم وإعادة بناء الأنظمة الحاكمة وتكوين مجتمع إسلامي على الطريقة الغربية، ووضع العالم الإسلامي تحت التحكم القوي للغرب في سبيل ضياع الهوية والمجتمع المسلم. وظهرت هذه الخطط جلية في الهجوم الغربي على المناهج الدراسية في الدول الإسلامية والمطالبة بتعديلها، والكارثة الكبرى ستحدث في حال لم تتدارك الأمة الإسلامية، شعوبا وحكومات، الأمر باتخاذ خطوات جادة للتقارب بين شعوب الأمة. ? ما الواجب للخروج من تلك الأزمات؟ الحل في عودة المسلمين إلى المجد والعز وإن كانت هذه الطريقة صعبة وخطيرة لكن إذا زاد الوعي بالمسؤولية والواجبات وتمت مراعاة الأولويات والتنظيم الجيد والتحصين بالقوة العسكرية والاقتصادية والدينية فإنه يمكننا الثقة بعودة المجد مرة أخرى خاصة أن إرث المسلمين التاريخي والحضاري وماضيهم حافل، ويبعث الأمل في إيقاظ المسلمين لإعادة مجد أجدادهم. وعلينا إعادة بناء الفكر وتجديد التفكير والنظر إلى الحياة. ولن يتغير شيء في حياتنا حتى نتغير من داخلنا ويؤكد لنا ذلك القرآن الكريم. وان نهضتنا يجب أن ترافقها قوة السببية لا الدموع والحسرة. وإذا أردنا الحفاظ على الهوية فلابد أن نبذل قصارى جهودنا في الدفاع عن حقنا في تقرير المصير الثقافي في عصر العولمة
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©