الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المجد الحرام

تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المجد الحرام
6 أغسطس 2009 23:58
نحن نعيش في ظلال أيام مباركة من شهر شعبان، فقد أظلنا هذا الشهر المبارك، وأهل ببركاته ونفحاته، تمهيدًا وتوطئة لشهر رمضان المبارك، حيث كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يؤثره بمزيد من الصيام، عن بقية شهور العام، سوى رمضان المبارك، ولما سأله أسامة بن زيد بن حارثة – رضي الله عنهما – عن سر إكثاره من الصيام فيه، أجابه- صلى الله عليه وسلم -: بأنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب، وهو شهر حرام، ورمضان وهو شهر القرآن، وهو إلى جانب ذلك، ترفع الأعمال فيه إلى الله سبحانه وتعالى، كما ورد في الحديث أن أسامة بن زيد – رضي الله عنهما- قال: (قلت يا رسول الله لم أرك تصوم في شهر من الشهور كما تصوم في شعبان؟ قال – عليه الصلاة والسلام – ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، فيه ترفع الأعمال إلى الله، وأحب أن يرفع عملي إلى الله تعالى وأنا صائم) ( أخرجه النسائي)، كما روي عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: (كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان) (أخرجه البخاري). إن شهر شعبان حافل بالذكريات الإسلامية العظيمة فهو الشهر الذي انتصر الرسول – صلى الله عليه وسلم – فيه في غزوة بني المصطلق، وفيه تزوج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حفصة بنت عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما-، وقد فرض فيه صيام شهر رمضان المبارك، ولكن أبرز حدث كان فيه، هو تحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة، من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام. فالقبلة هي جامعة المسلمين جميعاً وهي همزة الوصل الربانية، فعندما يذهب أي مسلم إلى أي مكان في العالم فإنه يبحث أول ما يبحث عنه هو تحديد القبلة، وهو هنا لا يبحث عن جهة جغرافية على خريطة العالم، وإنما يبحث عن طريقة للاتصال بالأمة التي ينتمي إليها، والتواصل معها من خلال هذه الجهة المحددة التي يتوجه إليها كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. ومن المعلوم أن المسجد الأقصى اسم إسلامي، والأقصى الأبعد لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام، ولم يكن في الدنيا آنذاك غير هذين المسجدين، وكان في التعبير عنه بالأقصى معجزة قرآنية للإشارة إلى ما يحدث بعد من مسجد ثالث يكون بينهما، وهو مسجد الرسول – صلى الله عليه وسلم – بالمدينة المنورة، وهو قصي عن المسجد الحرام، ولكن الأقصى أبعد منه، وقد بارك الله حوله كما في الآية الكريمة (الذي باركنا حوله) (سورة الإسراء الآية (1)، باركنا حوله ببركات كثيرة حسية ومعنوية، حسية لكثرة الأشجار والفواكه والثمار والمياه والأنهار، وبركات معنوية، بجعله مقر الأنبياء والرسل الكرام – عليهم جميعاً الصلاة والسلام - ومنشأ الديانات السماوية. وفيها ينزل عيسى – عليه السلام – آخر الزمان، وهي كذلك أرض المحشر كما في الأحاديث الشريفة. وفي هذا الشهر الكريم وفي ليلة النصف منه حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة بعد أن ظل المسلمون يستقبلون بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً منذ هاجر المصطفى – صلى الله عليه وسلم – من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحب أن يُحَوّل نحو الكعبة، فنزلت قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء (سورة البقرة ، الآية (144) فصرف إلى الكعبة. لقد كان هذا التحويل اختباراً لأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومعرفة لمدى استجابتهم لأوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – تصديقاً لقول الله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (سورة البقرة، الآية( 143). كما وكان هذا التحول زيادة في الإيمان للمؤمنين وتثبيتاً لقلوبهم، وإثباتاً لحسن طاعتهم لله ورسوله، أما المنافقون فزلزلوا وارتابت قلوبهم، وحادوا عن الحق والهدى، وأما يهود المدينة فانتهزوها فرصة للطعن في صدق الرسول – صلى الله عليه وسلم – فرد الله تعالى عليهم وعلى من شايعهم في الهجوم بقوله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( سورة البقرة الآية (142). ورغم تحويل القبلة إلى الكعبة بمكة المكرمة ظل تعلق المسلمين بهذا المسجد على حاله باعتباره ثالث الحرمين الشريفين الذي لا تشد الرحال إلا إليها، لقدر الصلاة فيها، ولمضاعفة أجر الصلاة في هذه المساجد على غيرها. إن فلسطين أرض المسجد الأقصى المبارك تتعرض بصفة عامة ومدينة القدس بصفة خاصة إلى هجمة شرسة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي قامت بمصادرة أحد عشر ألف دونم من أراضي محافظة القدس، لتوسعة المستوطنات الإسرائيلية التي تقع شرق القدس، بالإضافة إلى إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن طرح عطاء لبناء ستة آلاف وحدة سكنية حول مدينة القدس بهدف عزل هذه المدينة عن محيطها، وما المخططات الخطيرة التي تم كشف النقاب عنها في الأيام الماضية وهي عبارة عن وثيقة إسرائيلية رسمية تعتبر الساحات المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة «ساحات عامة»، ووثائق أخرى تبين قرار الاحتلال إقامة مجموعة من الكنس اليهودية في الجهة الغربية الجنوبية، وبناء جسر بعرض 18 متراً لربط ساحة المغاربة بالمسجد الأقصى من خلال باب المغاربة، وكذلك محاولة جهات إسرائيلية تحويل المقابر الإسلامية إلى حظائر للأبقار والأغنام. إن الإسرائيليين يستغلون ما يحدث في العالم العربي والإسلامي من أحداث وحروب، وانشغال العالم بها، وكذلك ما يحدث في الساحة الفلسطينية حالياً من أجل تنفيذ مخططاتهم التي رسموها منذ سنوات بإقامة جدار الفصل العنصري لفصل مدينة القدس عن محيطها الفلسطيني، وكذلك العمل على تهويد مدينة القدس، والاستمرار في الحفريات أسفل المسجد الأقصى المبارك، لتقويض بنيانه، وزعزعة أركانه حتى يتمكنوا من إقامة ما يسمى بهيكلهم المزعوم بدلاً منه، وما محاولاتهم بناء كنيس يهودي مقابل قبة الصخرة إلا تنفيذ ومقدمة لمخططاتهم في بناء هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك لا سمح الله. لذلك يجب على أمتنا العربية والإسلامية التي لها رب واحد، ورسول واحد – صلى الله عليه وسلم -، وكتاب واحد هو القرآن الكريم، وقبلة واحدة، أن تكون على قلب رجل واحد، خصوصاً في هذه الأيام العصيبة من تاريخ الأمة حيث يتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب كما أخبر بذلك الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم – حيث يقول: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت» (أخرجه أبو داود). فالحديث يشير إلى مؤامرة دولية، تتداعى فيها الأمم على المسلمين الذين أصبحوا لقمة سائغة لكل طامع، وهذا ما يصدقه الواقع الذي نعيشه حيث تتعرض الأمة لهجمة شرسة من أعدائها فقد احتلت أرضها وسلبت ثرواتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . لذلك فإننا ندعو أبناء الأمتين العربية الإسلاميـة إلى رص الصفوف وجمع الشمل وتوحيد الكلمة، للدفاع عن المقدسات كافة، وعن المسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة، وحمايته من المؤامرات الخطيرة، التي باتت تشكل خطراً حقيقياً عليه، كما نناشد منظمة المؤتمر الإسلامي ولجنة القدس ورابطة العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية بضرورة التحرك السريع والجاد لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس، وسائر الأراضي الفلسطينية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©