الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أطفال يكبرون تحت الفصل العنصري

أطفال يكبرون تحت الفصل العنصري
17 مارس 2011 00:02
يلتقي جمهور معرض الكتاب اليوم “الخميس” مع الشاعر والكاتب السويدي أولف ستارك الذي يوقع أحدث كتبه “الصبي والصبية والجدار”، الذي أبدعت رسومه آنا هيجلند، وترجمه إبراهيم عبد الملك ونشرته دار المنى بالتزامن مع صدوره في السويد في فبراير الفائت. أما الجدار المقصود في العنوان فهو جدار الفصل العنصري في فلسطين وأما ستارك فواحد من أهم وأشهر كتاب الأطفال وحكاياتهم ليس في السويد وحدها بل في جميع الدول الاسكندنافية. ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها الجدار موضوع عمل إبداعي متكامل خاصة في مجال الطفل، وهي نقطة تسجل لصالح هذا الشاعر الذي أبدع في تصوير الجوانب الإنسانية والحياتية التي تلقي بظلالها على حياة الفلسطينيين بسبب الجدار. كعادته، يحمل ستارك القصة الطفلية التي تبدو بسيطة أسئلته الشائكة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وما شهدته من أحداث تتسرب بين تفاصيل الحوار. يطرح أسئلته وينير المناطق المعتمة في حياة الأطفال بهدوء عميق، ببساطة تتجلى في اليوميات والتفاصيل الصغيرة، بوعي مرهف لما حدث ويحدث في فلسطين، وبلغة راقية تناسب الفتيان ولا تتخلى عن الشرط الفني والجمالي، يمارس فيها التقطيع وقصر الجمل والبناء العام للموقف والحدث والحوار والشعر الذائب في ثنايا النص بلا إقحام وبعفوية مدهشة، دوراً فاعلاً في التشويق الذي يأخذ بمجامع القارئ ويتركه أمام أسئلة موجعة وحارقة، وهذه في الحقيقة واحدة من أصعب التقنيات التي يحتاجها من يكتب للأطفال والفتيان. من يقرأ هذه الحكاية المفعمة بالمشاعر الإنسانية سيجد فيها طيف الشاعر الراحل محمود درويش الذي اتكأ عليه ستارك وعلى أشعاره في مجموعة “لماذا تركت الحصان وحيداً؟”، يتلامح في متن النص فيضيئه، ويثريه، ويقربه من المناخ الروحي للفلسطينيين الذين لا يعشقون شاعراً قدر ما يعشقون محمود درويش. التفاتة ذكية بلا شك أن يغوص الشاعر الحكاء الجميل أدولف ستارك في جسد قصيدة درويش وأعصابها مقرباً إياها الى الطفل والفتى، وهي لعمري وحدها كافية لتجعل المرء يشعر بالامتنان لهذه القامة الإبداعية السامقة، أعني أدولف ستارك. أما دار المنى التي ترجمت هذه الحكاية بالتزامن مع صدورها في السويد الى اللغة العربية، وأحضرتها لنا هنا الى معرض أبوظبي الدولي للكتاب وأحضرت الكاتب ليلتقي بمن كتب لهم وعنهم، فلا تخرج عن خطها الإبداعي الملتزم بشأن ثقافة الطفل الذي عرف عنها كمشروع يسعى الى إنجاز طفل وشاب عربي قارئ، وكما أهدتنا في المعرض السابق كتب الروائي الجميل جوستاين غاردر ها هي تهدينا في هذا المعرض شاعراً وكاتباً مبدعاً سيبقى في ذاكرتنا الى مدى غير قصير. ومن دون الخوض في التفاصيل التي لا تتسع لها مساحة في صفحة يومية خبرية، لا بد من القول إن ستارك حقق غايته ووصل الى مبتغاه من حكايته الجميلة هذه، وإذا كان والد محمود درويش ترك الحصان لكي يؤنس البيوت، فإن الشاعر أولف ستارك ترك للفلسطينيين الذين رآى معاناتهم وعايشها في فلسطين المحتلة وللقراء في كل العالم حكاية تؤنسهم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©