الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة تشكيلية من زجاج وثلج وماء متساقط

صناعة تشكيلية من زجاج وثلج وماء متساقط
12 يونيو 2008 02:08
إنه الفن المثير للجدل، هكذا يمكن وصف معرض الفنانة بثينة المريخي الذي استضافته إحدى قاعات فندق الشاطىء في أبوظبي مؤخراً، ذلك أنّ الأعمال المعروضة أعلنت منذ اللحظة الأولى نزوعا صارخا إلى الاختلاف مع النمط المتعارف عليه من النتاج التشكيلي· غابت الألوان واللوحات المسطحة، مفسحة المجال أمام أشكال هندسية مجسمة تملك قدرة فائقة على البوح بما تختزنه الفنانة من رؤية إبداعية، بينما هي تسعى إلى مقاربة تشكيلية للواقع، بل يمكن القول أنها تعكس طموحا إلى إعادة صياغة هذا الواقع، وفق قواعد وقوانين مغايرة لم ينجز التوافق حولها بعد· التفرد الذي أبدته بثينة لم يقتصر على الشكل وحده، لكنه انطلق من الجوهر أساساً، هكذا فقط يغدو ممكناً تفسير هيمنة كلمةFALL أي السقوط، موزعة، وفقا لحروفها، على أربعة أشكال زجاجية، ومعمدة بالماء المتساقط من علو ما· الكلمة ـ المفهوم غدت عنوانا للمعرض، وآلت مكوناته الأخرى من مرايا وسلالم مائلة إلى مجرد وسائل إيضاحية تخدم الفكرة· السقوط كواقعة، أو كحدث متخيل تستلهمه المرآة، وتوحي به، هو الهاجس الذي تمحورت حوله التهويمات المبدعة، وكان المعرض بمختلف أجزائه المتنافرة والمتجاورة أدوات تعبير عن تداعياته المتنوعة· ربما بين ما يحاول التجهيز الفني الذي استدعته الفنانة، واقترحته على متابعيها، أن يوحي به، هو ذلك التساؤل عن مشروعية الركون إلى الحقائق المألوفة، لكنه لا يقف عند هذا الحد، بل يتجاوز السؤال محاولا التدخل في صياغة إجابة سلبية حوله، مفادها أنّ اليقين هو المحفز الرئيسي على إعادة النظر بثوابته المفترضة، أو هذا ما يجدر بالفنان فعله خلال رحلته نحو اختراق جدار العادي والنفاذ إلى رحاب المتخيل، وهي رحلة تقتضي مسارا يحاذي المستحيل، ويدركه في حالات شتى· الشفافية في التشكيل هدف يرتجى، لكنها في معرض بثينة المريخي حالة قائمة تشي بها ألواح البلور المنتشية بالماء، وتجسدها كتل الثلج التي يتضاءل وجودها المادي بقدر ما تترسخ رمزية حضورها· كان معبّراً أن تستخدم الفنانة كتلا ثلجية في أعمالها المعروضة، أي أن ترتكز إلى ما لا يمكن الركون إليه في تبيان ما ليس يُرى، نفيان قد لا يصنعان موجبا بالضرورة، لكنهما حتما يتيحان الفرصة أمام التأمل في أسئلة الفن التي تقترب من الوضوح فيما هي تمعن في غموضها الآسر·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©