الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

وزير الدفاع البريطاني: «ديناميكية» سياسية في الإمارات تعزز السلم العالمي

وزير الدفاع البريطاني: «ديناميكية» سياسية في الإمارات تعزز السلم العالمي
13 مارس 2012
فيصل يوسف (أبوظبي) - أفاد فيليب هاموند وزير الدفاع البريطاني، أن زيارته الحالية للدولة هي الأولى منذ تقلده مهام هذه الحقيبة قبل 5 أشهر، لكنه أوضح أنها ليست زيارة معزولة أو قائمة بذاتها، بل تندرج في إطار خطط واستراتيجيات عريضة واعية ومدروسة، اتخذتها الحكومة الائتلافية في المملكة المتحدة وترمي إلى زيادة وترقية العلاقات ومستوى الارتباط بين البلدين اللذين يرتبطان بعلاقات تاريخية راسخة. واستشهد الوزير البريطاني، خلال مؤتمر صحفي بمقر سفارة بلاده في أبوظبي أمس، على هذا التواصل الواسع بالزيارة التي قامت بها ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتلك التي أداها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، إضافة إلى زيارات مماثلة لستة وزراء تقريباً منذ مجيء الحكومة الائتلافية المحافظة للسلطة. وذكر هاموند أن لقاءاته مع المسؤولين في الإمارات أمس كانت مفيدة ومثمرة جداً، مشيراً إلى أن هذه المرة الأولى التي يلتقي فيها مباشرة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكنه أجرى مع سموه محادثات هاتفية من قبل. وقال الوزير البريطاني إنه كان له شرف القيام بزيارة مهمة للغاية لقاعدة الظفرة الجوية أمس، حيث تحدث إلى القادة العسكريين هناك، وأتيح له الاطلاع مباشرة على مجالات التعاون في كورسات ومساقات التدريب متعدد الأطراف بالقاعدة، ووصف ذلك بأنه تجربة بناءة ومفيدة للغاية. ورداً على سؤال بشأن العلاقات الاستراتيجية بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، قال هامون إن الحكومة الحالية قطعت التزاماً على نفسها ببث زخم جديد في أوجه التعاون بين الجانبين، منطلقة من وعي تام بأن الارتباط البريطاني بهذه الدول، ووتيرة التعاون والتنسيق معها منذ سنوات مضت، لم يكن بالمستوى الذي تطرحه التحديات الماثلة حالياً. وأكد اتخاذ حكومته قراراً لتفعيل وترقية مستوى الارتباط بين الجانبين، بما يشمل التعاون في المجالات الدفاعية والتجارية والصناعية بالقدر ذاته. وأضاف الوزير أنه بحث أيضاً مع المسؤولين في الدولة أمس، حزمة أجندة واسعة في حقول التعاون الدفاعي، متضمنة المعدات الدفاعية وبرامج التدريب المشترك وتطوير وترقية علاقات التعاون والتنسيق في المجالات كافة بين المؤسسات العسكرية والأمنية بين البلدين، فضلاً عن تبادل الآراء حول التحديات الاستراتيجية القائمة والتزامنا تجاه التصدي لها. وذكر وزير الدفاع البريطاني أن مباحثاته في الدولة لم تتطرق إلى صفقات أو مشتريات محددة، بقدر ما أنها تمحورت حول برامج طموحة مشتركة، يحرص الجانبان على التعاون فيها، من ضمنها تطوير مركبات عسكرية وهي جزء من برنامج تم إنشاؤها سلفاً تمضي قدماً، إضافة إلى أنواع أخرى من التكنولوجيا العسكرية يرى الجانبان أنها مفيدة وذات قيمة عالية، وخيارات أخرى يمكن للبلدين أن يعملا فيها مع بعض، وهي حقول تطرح بدورها تحديات مختلفة ينبغي العمل على معالجتها، مشيراً إلى أن القادة في البلدين يدركون تماماً أن المستقبل كفيل بتشكيل أوجه وطبيعة التعاون في المجالات العسكرية والصناعات الدفاعية. وأوضح هاموند أن ما يعنيه بالتحديات في مجال التعاون في تطوير الصناعات الدفاعية بين الإمارات والمملكة المتحدة، هو أن بلاده عضو في اتفاقيات عدة لضبط نشر التكنولوجيا العسكرية، ما يتطلب إيجاد معالجات تلبي طموحات البلدين، وفي الوقت نفسه لا تخل بالتزامات الدولية لبريطانيا. وتطرق الوزير للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، معرباً عن غبطة بلاده للموقف المتقدم الذي اتخذته الدولة تجاه الأحداث في ليبيا العام المنصرم، مشيداً بصفة خاصة بالتحرك النشط والإيجابي للإمارات لتأمين استصدار قرار من مجلس الأمن بهذا الصدد، ومبادرتها المبكرة بتوفير الأسباب الضرورية لوضع ذلك القرار موضع التنفيذ، ناهيك عن مساهماتها الأخرى القيمة، في إشارة إلى العون الإغاثي والإنساني للشعب الليبي إبان الأزمة. وأضاف الوزير أن الأمر نفسه ينسب على الموقف الإماراتي من الأزمة السورية التي اتخذت فيها الدول العربية المبادرة واضطلعت بدور قيادي في التعامل مع النظام في ضوء اعتماده القمع لإحباط التطلعات الشعبية المشروعة في الحرية والديمقراطية. وعبر مجدداً عن سرور بلاده البالغ تجاه سياسة الارتباط الإيجابي التي طورتها دولة الإمارات، مؤكداً الأهمية البالغة لهذه السياسة على الصعيد الإقليمي والمجتمع الدولي بأسره. وفي سؤال لـ«الاتحاد» عن جهود الإمارات والمملكة المتحدة الرامية لإيجاد حل مستدام للأزمة الصومالية، والتنسيق اللصيق بين البلدين بهذا الصدد، خاصة بعد المؤتمر الدولي الذي استضافته لندن في 23 فبراير الماضي، والمؤتمر المرتقب بالدولة في يونيو المقبل والخاص بمكافحة القرصنة، استهل الوزير البريطاني تعليقه بأن الشركاء في هذا المجال يتوقعون إحراز تقدم في المستقبل القريب، لكن المسألة بأبعادها كافة تشكل تحدياً طويل الأمد، كونها تتطلب إعادة بناء المؤسسات السياسية والمدنية والأمنية والقانونية، ما يفرض على المجتمع الدولي التزاماً طويل الأمد. وشدد هاموند مجدداً على الدور الطليعي الفعال الذي تقوم به الإمارات في الصومال، مشيراً إلى أن للإمارات والمملكة المتحدة، تجارة بحرية ضخمة ويهمهما تنامي هذا النشاط وضمان حرية وأمن الملاحة البحرية. وقال إن البلدين يتشاركان الرؤية في ضرورة التصدي على المدى القريب للقراصنة في البحار، بينما يعملان على المدى الطويل لمعالجة الجذور الأساسية لهذا النشاط المدمر للتجارة البحرية على الأرض الصومالية. وأضاف هاموند أنه لحين انعقاد المؤتمر الخاص بمكافحة القرصنة، فإن البلدين سيستمران في رصد التطورات الإيجابية المسجلة ميدانياً في الصومال، خاصة في ظل القرارات الأخيرة بزيادة عديد القوات الأفريقية بهذا البلد المضطرب، وعندها سيتم تقييم ما يمكن اتخاذه من إجراءات ملائمة لمجابهة القرصنة البحرية. وفي سؤال لـ»الاتحاد» عن بدء حشد قوات عسكرية قبالة سوريا، وآخرها وصول فرقاطة فرنسية ومدى ارتباط ذلك باحتمالات تحرك عسكري ضد نظام الأسد، أكد الوزير البريطاني أن بلاده ظلت منذ البداية تؤمن بضرورة إيجاد حل سلمي لهذه الأزمة المتفاقمة، مع ضرورة ممارسة أقصى الضغوط على النظام الحاكم لحمله على القبول بنقل سلطة دون إراقة دماء، مشدداً على أنه لن يكون هناك عمل عسكري دون أساس قانوني. لكنه أكد في الوقت ذاته، أن بريطانيا لم تستبعد أي خيار آخر من الطاولة، مشدداً على أن أي ضربة عسكرية تتطلب تفويضاً من مجلس الأمن الدولي، مع تكثيف الضغوط الغربية والعربية على موسكو وبكين لإنهاء حالة الجمود في الأمم المتحدة تجاه الأزمة السورية. وشدد هاموند على أن الأشهر الـ12 الماضية شهدت تطورين على قدر عال من الأهمية، كونهما لم يحدثا من قبل أبداً وهما: الانخراط على درجة رفيعة لدولتي الإمارات وقطر في الأزمة الليبية، إضافة إلى الدور الطليعي الذي اتخذته الجامعة العربية في الأزمة السورية، معتبراً هذين الموقفين يمثلان أعلى درجات الارتباط الإيجابي وأعلى درجة من المسؤولية تجاه الأمن الإقليمي. أما عن الأزمة الإيرانية، فقد عول هاموند على العقوبات الاقتصادية والمالية والحظر النفطي، لإحداث تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني، الأمر الذي سيدفع الإيرانيين للتفكير بجدية في الثمن الباهظ الذي يدفعونه لقاء محاولاتهم تطوير برامج نووية لإنتاج أسلحة محظورة. وقلل الوزير من التصريحات الإيرانية الأخيرة بشأن موافقتها للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش موقع بارشين المشتبه به، وتوقعها استئناف المفاوضات النووية مع مجموعة «5+1» في أبريل المقبل، قائلاً إن بلاده لا تأخذ تصريحات طهران مأخذ الجد ما لم تقترن بأفعال على الأرض. وأضاف أن طهران إذا ما أبدت جدية في الجلوس للتفاوض لإيجاد حل للنزاع، فإن المجتمع الدولي مستعد لذلك ولن يرفض، لكن إذا كان تحركها بدافع كسب الوقت للمضي قدماً في نشاطات غير مشروعة، فالآخرون لن ينخدعوا لها. وفي ضوء الاحتمالات المفتوحة للتطورات بالمنطقة، قال هاموند إن المملكة المتحدة تبحث في عدد من الخيارات الجادة لزيادة دعمها في حال نشوب أي تهديدات جدية، وأنها تنسق مع شركائها في الولايات المتحدة لاستنباط السبل الملائمة لتحقيق تلك الخيارات. ورداً على سؤال بشأن التهديد الإيراني المتواتر بإغلاق مضيق هرمز، وإذا ما أقدمت طهران عملياً على هذه الخطوة، رد الوزير البريطاني بالقول إن أي تحرك من هذا القبيل سيكون غير قانوني وفاشل، مؤكداً أن لبلاده ودول أخرى أساطيل بالمنطقة، وستدرس مع حلفائها تعزيز هذا الوجود متى ما تصاعدت المخاوف بشكل جدي في المنطقة. وأضاف أن الرسالة لا بد أن تكون واضحة للقيادة الإيرانية، وهي أن مضيق هرمز ممر بحري في المياه الدولية وأن المجتمع الدولي لن يحتمل أي تدخل يعوق حرية حركة الناقلات والتجارة البحرية بهذه المنطقة الحساسة. وتطرق هاموند إلى التضحيات التي قدمتها بلاده في أفغانستان، واعتبر باكستان لاعباً محورياً في الحملة الرامية للقضاء على تمرد حركة «طالبان»، مبيناً أن هذه البلاد هي من أكبر ضحايا الإرهاب ودفعت ثمناً باهظاً، لكن الوضع فيها معقد جداً، خاصة لجهة فرض سيطرتها على بعض المناطق التي توفر ملاذاً لبعض الجماعات لتفريخ التطرف. كما ثمن عالياً التعاون المشترك بين بلاده ودولة الإمارات في المجالات الإنسانية، مشيراً إلى أن دورهما تخطى جهود الإغاثة والدعم اللوجستي المساعد للعمليات ذات الطبيعة الأمنية، إلى مشاريع بنية تحتية وتنمية اقتصادية نالت رضا وتقدير الشعب الأفغاني. وقال إن الجهود منصبة حالياً لتحسين قدرات ومهارات القوات الأفغانية، بما يمكنها من الاضطلاع بالمهمة الأمنية بعد الانسحاب المقرر عام 2014. وحرص وزير الدفاع البريطاني على رسم خطوط واضحة في مجالات التعاون بين بلاده والدول الأخرى في المنطقة العربية، خاصة التي شهدت تحولات سياسية خلال العام المنصرم، مؤكداً الطبيعة المميزة للعلاقات البريطانية الإماراتية، وقال إنها علاقات متجذرة وراسخة ومستقرة في المجالات كافة. وفي سؤال لـ«الاتحاد» عن التأثيرات السالبة التي طالت عدداً من البلدان الأوروبية جراء اعتماد واشنطن والعواصم الأوروبية على العقوبات كأداة لمعالجة أزمتي سوريا وإيران، ومآل هذه السياسة التي تهدد بنقل الاضطرابات لبلدان غربية، قال الوزير إنه لا بد أن يكون واضحاً طالما هناك حرص حتى الآن على عدم التصعيد باتجاه العمل العسكري، فلا بد من اللجوء لبدائل أخرى تكون فعالة أيضاً، وهنا ينهض دور الإجراءات العقابية الاقتصادية والمالية والتي لا بد أن يكون لها تأثير على شعوب الدول التي تفرضها وهذا ما يحدث في بعض البلدان الأوروبية التي تدفع ثمناً لهذه الترتيبات. ويعتقد الوزير أن العقوبات التي فرضت حتى الآن على دمشق وطهران تمخضت عن مردود إيجابي مهم على صعيد هاتين الأزمتين الخطيرتين، وأن نظامي البلدين سيعيدان التفكير في الثمن الباهظ الذي يدفعانه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©