الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبه الجزيرة الكورية: عودة التوتر

13 مارس 2013 23:08
آنا مولرين كاتبة أميركية في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية مـع إعلان بيونج يانج إلغاءها لاتفاقية الهدنة التي أنهت الحرب بين الكوريتين، كرد على المناورات العسكرية الأميركية التي انطلقت مؤخراً، وفرض الأمم المتحدة لعقوبات جديدة على الشمال بسبب تفجيرها النووي الشهر الماضي. تتناسل عدد من الأسئلة حول واقع العلاقات بين أميركا وكوريا الشمالية ومستقبل السلام في المنطقة، ومن تلك الأسئلة التي تفرض نفسها ما يتعلق بمدى أهمية التهديد الذي أطلقته كوريا الشمالية بإلغاء اتفاقية الهدنة الموقعة بين الطرفين عام 1953 والتي بموجبها أُنهيت الحرب في شبه الجزيرة الكورية. وإجابة على هذا التساؤل يقول «باتريك كرونين»، مدير برنامج الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادي بمركز الأمن الأميركي الجديد، إن النظام في كوريا الشمالية أقدم مراراً على انتهاك اتفاقية الهدنة مع كوريا الجنوبية من خلال استخدام القوة، وهو ما حدث في عام 2010 عندما نسفت غواصة تابعة لكوريا الشمالية سفينة جنوبية ما أدى إلى مصرع 46 بحاراً كورياً. لكن التهديد اللفظي بإلغاء الهدنة يبقى أقل خطورة من الإقدام الفعلي عن انتهاكها، كما فعلت بيونج يانج في مرات سابقة، إلا أنه من غير الحصيف استبعاد التهديدات الأخيرة وعدم التعامل معها بجدية، فالتهديد بإنهاء اتفاقية الهدنة ستكون له تداعيات على القوات المرابطة على الحدود، سواء تلك التابعة للشمال أو الجنوب، من حيث تغيير قواعد الاشتباك. فالمنطقة الحدودية منزوعة السلاح، لكن وفقاً لـ«كرونين»، فإنه إذا ما قررت كوريا الشمالية «إدخال أسلحة إلى المنطقة، خصوصاً الثقيلة منها، فإن ذلك سيشكل انتهاكاً صارخاً لمقتضيات الهدنة، الأمر الذي سيدفع الطرف الآخر ممثلا في القوات الجنوبية إلى الرد». بيد أن تهديدات كوريا الشمالية في التصعيد الأخير لم تقتصر على إلغاء اتفاقية الهدنة مع جارتها الجنوبية، وبالتالي استئناف الأعمال العدائية، بل تعدتها إلى التهديد بضربة نووية استباقية ضد الولايات المتحدة. فإلـى أي مـدى.. يمكـن اعتبـار هـذا التهديـد حقيقياً؟ لقد صرح مسؤول كوري شمالي بارز في الأسبوع الماضي أن بلاده ستشن هجوماً نووياً استباقياً لتدمير معاقل «المعتدين». وفيما تفتقد هذه التهديدات للمصداقية بالنظر إلى عدم قدرة كوريا الشمالية على استخدام صواريخ نووية بعيدة المدى تستطيع الوصـول إلـى الأراضـي الأميركيـة، إلا أنـه مـن الواضح أن الهدف النهائـي لكوريا الشمالية هو امتلاك هذه القدرة مستقبلاً، فقد سبق لوزير الدفاع الأميركي في عام 2011، روبرت جيتس، التحذير من أن بيونج يانج ستكون قادرة في غضون خمس سنوات على ضرب الولايات المتحدة بصواريخ باليستية، وفي هذه الحالة، يقول «فكتور تشا». الخبير في الشؤون الكورية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، «سيكون التهديد الكوري خطيراً للغاية لأن تحذير وزير الدفاع كان قبل عامين، بمعنى أننا على وشك الوصول إلى مرحلة امتلاك بيونج يانج للقدرة الباليستية». ومع أن قدرات كوريا الشمالية لا تؤهلها حالياً للوصول إلى الأراضي الأميركية، فإنها قادرة -كما يؤكد الخبراء- على ضرب المصالح الأميركية في كوريا الجنوبية واليابان، بل يضيف «كرونين» أن هناك «عدداً من الوسائل الأخرى التي يمكن اللجوء إليها من قبل كوريا الشمالية لإلحاق الضرر بأميركا، ومنها الحرب الإلكترونية». لكن ماذا عن المناورات العسكرية التي تجريها القوات الأميركية مع نظيرتها الكورية الجنوبية، هل يمكن اعتبارها استفزازاً حقيقياً لكوريا الشمالية، كما ادعت هذه الأخيرة؟ يقول المسؤولون الأميركيون إن التدريبات المعلن عنها والمسماة «فرخ النسر» كانت مقررة منذ فترة طويلة وهي تندرج في إطار التدريبات السنوية التي تجريها أميركا ولا علاقة لها بالأحداث الجارية. وفيما اعتبرت بيونج يانج التدريبات على أنها «إعلان حرب»، تصر الولايات المتحدة على طابعها الدفاعي المحض، فضلا عن ارتباطها برفع جاهزية الجيش الأميركي وقدرته على مواجهة التحديات. وأخيراً يحيلنا التوتر الحالي في العلاقات بين الكوريتين، وانخراط أميركا في الصراع، إلى طبيعة القائد الشاب، كيم يونج أون، وما إذا كان أكثر خطورة من والده الراحل، كيم يونج إيل. هنا، ومن خلال التصريحات الأخيرة لكبار المسؤولين في بيونج يونج، والمواقف التي أبداها الزعيم الشاب، لا يمكن سوى افتراض أنه يفوق في خطورته ما كان عليه والده، فقد أطلق الرئيس الحالي صاروخين طويلي المدى، كما انخرط في تفجير نووي، وبادل اتفاقية الهدنة بأعمال عدائية غير مسبوقة تجاوزت ما أقدم عليه والده خلال أيامه الأولى في الحكم، وهو ما يؤكده «كرونين» قائلا: «لقد أبدى كيم يونج أون تهوراً يفوق بكثير ما أبداه والده وجده من قبله». وفي نفس السياق يضيف «فكتور تشا» أن جزءاً من المخاوف المرتبطة بالرئيس الحالي لكوريا الشمالية يرتبط بصعوبة التنبؤ بما سيقدم عليه، قائلا: «نحن لا نعرف كيف ينظر إلى العالم، ولا نعرف كي يتعامل مع ترسانته النووية، كما لا نعرف ما إذا كان ينظر إلى كوريا الجنوبية والولايات المتحدة على أنهما نمران من ورق». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©